وسط تأزم سياسي متواصل منذ أشهر، أخفق مجلس النواب العراقي، أمس (السبت) في تأمين النصاب المطلوب المكون من 220 نائبا لانتخاب رئيس جديد للبلاد، بينما قال رئيس المجلس محمد الحلبوسي إن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ستنعقد يوم الأربعاء المقبل. ووجهت هيئة رئاسة البرلمان في وقت سابق، بعقد جلسة الانتخاب بعد أن عقدت اجتماعاً قبل ذلك، كما انعقد اجتماع ثلاثي بين التيار الصدري وكتلة الجيل الجديد وكتلة امتداد النيابية قبل بدء الجلسة، فيما تعتبر محاولة أمس هي الثانية لانعقاد جلسة البرلمان لانتخاب الرئيس. ولا يزال العراق من دون رئيس جديد بعد 6 أشهر من الانتخابات النيابية المبكرة في أكتوبر 2021، وبالتالي من دون رئيس حكومة جديد يتولى السلطة التنفيذية. وعلى رئيس الجمهورية أن يسمّي، خلال 15 يوما من انتخابه، رئيسا للوزراء وعادة ما يكون مرشح التحالف الأكبر تحت قبة البرلمان. ولدى تسميته، تكون أمام رئيس الحكومة المكلّف مهلة شهر لتأليفها. إلا أن هذا المسار السياسي غالبا ما يكون معقدا وطويلا في العراق بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة وتأثير مجموعات مسلحة نافذة. ويوجد 40 مرشحاً لمنصب رئاسة الجمهورية، لكن المنافسة الفعلية تنحصر بين شخصيتين تمثلان أبرز حزبين كرديين: الرئيس الحالي منذ العام 2018 برهم صالح، مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وريبر أحمد، مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني. ويفترض أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب ليفوز. ومنذ أول انتخابات متعددة شهدتها البلاد في 2005، يعود منصب رئيس الجمهورية تقليديا إلى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والسنة مجلس النواب. ويتولى الاتحاد الوطني الكردستاني تقليدياً منصب رئاسة الجمهورية، مقابل تولي الحزب الديمقراطي الكردستاني رئاسة إقليم كردستان، بموجب اتفاق بين الطرفين. وفشلت المحاولة الأولى لانتخاب رئيس للجمهورية في 7 فبراير الماضي لعدم اكتمال نصاب الثلثين (أكثر من 220 نائباً من 329) بسبب مقاطعة الإطار التنسيقي الذي يمثّل أحزاباً شيعية بارزة، مثل كتلة دولة القانون التي يرأسها رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، وتحالف الفتح، المظلّة التي تنضوي تحتها فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران. وبعد فشل الجلسة الأولى، ثمّ تعليق المحكمة الاتحادية ترشيح وزير الخارجية السابق، هوشيار زيباري، المنتمي إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني للرئاسة، أعيد فتح باب الترشيح للمنصب مرةً ثانية، فيما توجد مخاوف من تكرار سيناريو الجلسة السابقة نفسه، مع استمرار الانقسام الشديد بين الأطراف الشيعية. ويؤكد تيار الصدر حيازته غالبية كافية في البرلمان للمضي في تشكيل "حكومة أغلبية وطنية"، آملا في فك الارتباط مع تقليد التوافق الذي يتيح لمختلف القوى السياسية النافذة المشاركة في السلطة.