سردت في المقال السابق بعض الجوانب عن جوهر الحب في العلاقات الإنسانية، وشرحته من وجهة نظري بأنه مجموعة متنوعة من المشاعر الإيجابية والحالات العاطفية والعقلية قوية التأثير، تتراوح هذه المشاعر من أسمى الأخلاق الفاضلة إلى أبسط العادات اليومية الجيدة. واستكمالا لذلك أقول: إذا تكلمنا عن الفن والأخلاق ، فلا يمكننا الحديث عنهم دون أن نتحدث عن الجمال وميل الإنسان الطبيعي والعفوي للانبهار بالجمال والميل لكل ما هو جميل ، والحب هو الذي يشكل الصورة العميقة للجمال. من هنا يمكننا تتبع ماهية ذلك الحب الذي لا ينتمي للعالم المادي، بل هو ينتمي لحياة الإنسان الداخلية والروحية لذلك كان حب الله عز وجل هو أعمق وأفضل محبة للمتحابين فيه، وأستشهد هنا برأي ابن حزم الأديب الأندلسي القرطبي الشهير ، وهو من أكبر علماء الأندلس ، وعلماء الإسلام تصنيفا وتأليفا بعد الطبري حيث تحدث عن علة الحب فقال: هي السكون واستشهد بقول الله تعالى في محكم التنزيل: «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا»، وعلة السكون هو ذلك الاتصال الذي تجده النفس في شبيهتها لأنها منها، فلو كانت علة الحب هي حسن الصورة، لم نجد إنسانا يستحسن الأنقص، ولبحث كل إنسان عن أكمل صورة، وهذا غير مشهود. فالحب استحسان روحاني وامتزاج نفساني ، وحب الله هو مكمن وجوهر إرادة الإنسان، لأنه يقدم إجابة تخص روح الإنسان، وقد تطرقت دراسات علمية عديدة لأهمية الحب في حياتنا جميعا ومن ضمنها تأثيره على الصحة النفسية، وثبت من هذه الدراسات أن الأطفال الذين لا يحصلون على المودة والحب والعناق الكافي قد يتأخرون في التطور العقلي، أو يصابون بأمراض جسدية ونفسية خاصةً إذا حُرموا من ذلك في أول ( 6 ) أشهر من حياتهم … وللمقال بقية إن شاء الله الأسبوع المقبل. ختاما يحضرني قول الشاعر إيليا أبو ماضي: إنَّ نَفْسًا لم يُشْرق الحب فيها هي نَفْسٌ لم تَدْر ما معناها أنا بالحب قد وصلتُ إلى نفسي وبالحب قد عرفت الله