أشار تقرير حديث "أويل برايس" إلى أن أزمة الطاقة في أوروبا على وشك أن تزداد سوءًا إذا اندلعت الحرب بين روسياوأوكرانيا؛ حيث تعد روسيا أكبر مزود للغاز الطبيعي المسال في القارة، كما تمر خطوط شحن الغاز عبر أوكرانيا لنقل الوقود من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي، وقد يشكل الصراع بين الدولتين تهديدًا خطيرًا لأمن الطاقة المتعثر بالفعل في أوروبا. وأوضح التقرير أن نقص الطاقة في أوروبا تفاقم نتيجة اعتمادها على روسيا في الحصول على الغاز، كما أوضح أنه خلال العام الماضي، أدت اضطرابات سلاسل التوريد ونقص الوقود إلى قفزة في أسعار الغاز بنسبة 330% في جميع أنحاء أوروبا؛ مما أدى إلى زيادة الضغوط على المستهلكين، في الوقت الذي يحاول فيه الاقتصاد العالمي التعافي من جائحة "كوفيد –19". لذلك اضطرت الحكومات الأوروبية إلى إنفاق عشرات المليارات من "اليوروهات" لسد الفجوة للتخفيف من حدة التداعيات الاقتصادية الناجمة عن أزمة إمدادات الطاقة لحماية المستهلكين من ارتفاع أسعار الطاقة القياسية. بالإضافة إلى ذلك لم ترفض روسيا زيادة إمدادات الغاز إلى أوروبا فحسب، وإنما خفضت -بالفعل- الصادرات إلى أوروبا في وقت كانت القارة في أمس الحاجة إليها، كما منح اعتماد الاتحاد الأوروبي على روسيا في الحصول على الغاز مزيدًا من النفوذ لموسكو و دفع خط أنابيب "نورد ستريم 2″، والذي سسمح بضخ الغاز الطبيعي المسال مباشرة إلى ألمانيا -التي تحصل على 50 % من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا- عن طريق بحر البلطيق دون المرور بأوكرانيا. وعلى الرغم من بنائه بالفعل ، لم يتمكن خط الأنابيب من الحصول على الموافقة لتشغيله بسبب المعارضة الشديدة في الغرب؛ حيث عارضه القادة في الدول الأوروبية بالإضافة إلى الرئيس الأمريكي، معتبرين أن هذه الخطوة ستمنح الكرملين قدرًا كبيرًا من النفوذ، وبالتالي تقليل أمن الطاقة والاستقرار الجيوسياسي بدرجة كبرى في القارة. ورغم أن عددًا لا يُحصى من المحللين سارعوا بتوجيه الاتهام إلى روسيا باعتبارها المتسبب في أزمة الطاقة في أوروبا، متجاهلين -إلى حد كبير- سياسات الطاقة الأوروبية التي وضعت القارة في مثل هذا الموقف المحفوف بالمخاطر في المقام الأول، فعلى مدار العشرين عامًا الماضية، قامت أوروبا بتحرير قطاع الغاز بشكل مطرد، واستثمرت بكثافة في توسيع خطوط الأنابيب ومنشآت الغاز الطبيعي المسال، وبذلك تخلوا عن النظام السابق لربط أسعار الغاز طويلة الأجل بأسعار النفط وترك سعر الغاز محكومًا بالعرض والطلب. وفي عام 2021 تبين أن هذا النظام سمح بانخفاض أسعار الغاز على المدى القصير، وتعرضت أوروبا لصدمة كبيرة؛ حيث بدأت مخزونات الغاز في التضاؤل أثناء الجائحة. وفي هذا السياق، صرح "جيسون بوردوف"- أحد مؤسسي مدرسة كولومبيا للمناخ، بأنه بغض النظر عما يحدث في أوكرانيا هذا الشتاء الصعب، وحتى إذا استمر تدفق الغاز الروسي، فستتعرض أوروبا بشكل متزايد لتقلبات أسعار الغاز المستورد ، ما لم يتخذ قادتها خطوات للحد من ارتفاع الأسعار والاستعداد لتقلبات حتمية وغير متوقعة في إمدادات الغاز. وسبق أن ذكرت "رويترز"، أن تقديرات "بنك أوف أميركا" تشير إلى أن متوسط إنفاق الأسر على الغاز والكهرباء في أوروبا الغربية بلغ نحو 1200 يورو (1370 دولارًا) في عام 2020. كما تشير توقعات المحللين بالبنك إلى أن متوسط إنفاق الأسر في أوروبا الغربية سيرتفع بنسبة 54% ليصل إلى 1850 يورو في ظل الأسعار الحالية. وختامًا أوضحت "أويل برايس" أنه لحل أزمة الطاقة الأوروبية، سيحتاج القادة الأوروبيون إلى التوقف عن توجيه اللوم للرئيس "بوتين"، والقيام بتقييم جاد لسياسات الطاقة الخاصة بهم.