ترسم المليشيات الإرهابية في المنطقة، خططها بدقة لتجريف هوية العالم العربي، وتغيير ثقافة المجتمعات للفارسية الطائفية، تنفيذاً لأجندة خارجية توسعية، تريد استغلال كل شبر من الأراضي العربية لتمرير مشروعها التدميري البغيض، إذ تستغل المليشيات في عدد من الدول من بينها اليمن الفصول الدراسية لغسل أدمغة الطلاب عبر مناهج ملغومة تبث فيهم روح الشر والطائفية وتحببهم في الثقافة الفارسية ليواصلوا مشوار من سبقوهم في تنفيذ المخططات الخارجية لمصلحة موكليهم، بينما يعمل حزب الله الإرهابي على تغيير التركيبة السكانية بتزويج اللبنانيات من عناصر مليشيا الحوثي الانقلابية الموالين، إذ تحصلت "البلاد" على أمر من زعيم مليشيا حزب الله، حسن نصر الله، للمرجعيات الدينية الشيعية في لبنان بحث الفتيات في البلاد على زواج المتعة من المقاتلين الحوثيين، وهو مايؤكد تقرير «البلاد» الذي نشرته بتاريخ 26 اكتوبر الماضي بعنوان «حزب الله يغير التركيبة السكانية للسيطرة على لبنان». وتضمنت الوثيقة الصادرة عن نصر الله، دعوة الزينبيات اللبنانيات على الزواج من اليمنيين من حركة أنصار الله (الحوثيين) خلال فترات تواجدهم في لبنان، وتشجيعهم على ذلك، كما تضمنت الوثيقة الصادرة نهاية الشهر الماضي، والتي تعد بمثابة فتوى دينية شيعية على زيادة مبلغ إعانة الزواج المقدمة من حزب الله بنسبة 300 % للبنانيات الراغبات من الجنسية اليمنية، مبينة أن إعانة زواج المتعة تشمل الإعانة لمدة زواج المتعة على أن لا تقل مدة عقد التمتع عن 14 يوماً، وذلك من أجل تغيير التركيبة الديموغرافية للبنان ليكون الجيل القادم موالٍ تماماً للجهات الخارجية التي تدعم مليشيات حزب الله، والحوثي، والحشد الشعبي، وغيرها من المليشيات في المنطقة. بالمقابل تمضي مليشيا الحوثي من سياسة تحويل المدارس الحكومية باليمن إلى مراكز دينية مسائية تحاكي الحوزات الشيعية لتفريخ أجيال من المتطرفين الانتحارين، بينما ذكر مركز صنعاء للدراسات، أن الحوثي يعمل على تشييع المناطق التي سيطر عليها بمأرب لخلق حاضنة له، مبينا أن قادة مليشيا الحوثي يعملون على تجريف هائل لهوية مأرب القبلية والثقافية ويعملون على تعيين مشرفين من صعدة يحولون مذهب السكان إلى العقيدة "الإثني عشرية"، ليعيش الشعب اليمني على وقع محاولات حثيثة من قبل الوكلاء لتغيير هويته العربية وتغييرها بالهوية الفارسية في إطار الحرب الثقافية. أوضح وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، الدكتور عوض أحمد بن مبارك ل"البلاد"، خطورة تصدير ثورات المشاريع الخارجية إلى العالم الإسلامي وبالتحديد إلى المنطقة العربية لما لها من أهمية استراتيجية وجيوبولتيكية من خلال الإطاحة بأنظمة الحكم وإقامة أنظمة حكم جديدة قائمة على الموالاة لنظام خارجي يسعى عبر ميلشياته في العراق وسوريا ولبنان واليمن على إنشاء حكومات دينية سلالية قائمة على فكرة الاصطفاء الالهي والتمييز العرقي السلالي لحكم الشعوب وتجريف الهوية العربية، كما يجري في اليمن ولبنان. ويرى بعد انقلاب الحوثيين على مؤسسات الدولة اليمنية الشرعية واستيلائها على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014م بسقوط العاصمة العربية الرابعة، أن اليمن أصبحت منطقة خصبة لتحقيق الاستراتيجية الدخيلة لتجريف الثقافة العربية بثقافة دخيلة من خلال تحريف مناهج التعليم وتنظيم دورات غسل الأدمغة عبر المراكز الصيفية وغرس ثقافة الموت وتدريب الأطفال على استخدام السلاح. وأكد وزير الخارجية اليمني، أن التجريف لم يقتصر على الهوية الخاصة لتلك الدول فحسب، بل طال إلى تزوير تاريخ الأمة العربية، مثل تغيير اسم الخليج العربي في المناهج الدراسية اليمنية وزرع الأفكار المعادية للشعوب والأنظمة الرسمية في دول الجزيرة العربية، وبنفس الحال في لبنان عبر دعم حزب الله اللامحدود بالسلاح والمال للسيطرة على مؤسسات الدولة اللبنانية، مشددا على ضرورة تضافر الدول العربية خاصة المتأثرة من التدخلات الخارجية وتنسيق الجهود للحد من هذا التدخل ومواجهة الأذرع التخريبية في المنطقة بكل حزم وحسم، لأن تمكين هذه المليشيات وتوسيع نفوذها في جزء مهم من خارطة الوطن العربي خاصة في بوابتها الشرقية والجنوبية يشكل خطرا حقيقيا على مستقبل المنطقة العربية. بدوره، أكد وزير خارجية مصر الأسبق السفير محمد العرابي، وجود محاولات خارجية حثيثة لتجريف الهوية العربية من خلال تواجد الأذرع العسكرية على الأراضي العربية، لافتا إلى أن ذلك له آثار خطيرة على الأمن القومي العربي، كما استغلال بعض الفصائل ذات الانتماء الخارجي الإرهابي أمر واضح هذه الفترة ويصعد من حدة التوتر ويضيف تحديات جديدة. ولفت إلى أن أن اختطاف الإرادة والسيادة ظهر واضحا في حالة اليمن ولبنان وهناك دول أخرى مرشحه لنفس المخاطر في المستقبل القريب، داعياً إلى أهمية العمل العربي الموحد لمجابهة هذة المخاطر والتحديات. من جانبه، أكد سفير اليمن لدى منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" الدكتور محمد جميح، أن خطورة المشروع الاستعماري لا تكمن فقط في كونه مشروعاً عسكرياً مليشاوياً مدمراً للبنية المادية للمدن والبلدان العربية التي تعاني منه، حيث أن هذه الخطورة يمكن التغلب عليها بعد التخلص من هذا المشروع البغيض، كما تخلصت البلدان العربية من مشاريع الاستعمار، مشيرا إلى أن أخطر ما في هذا المشروع هو أنه لبس لباس الأخوّة والدعوة إلى الوحدة الإسلامية، فيما هو يدمر المجتمعات العربية وينشر فيها الفتن الطائفية، ويعمل على تحريف هويتها الثقافية والحضارية، ويحاول ملشنة الحياة السياسية وتطييف الحياة الاجتماعية وتخريب الحياة الاقتصادية وتشويه الهوية الثقافية في البلدان العربية التي عاث فيها فساداً. وأضاف: "شوارع صنعاء وبيروت خير دليل، حيث غزتها كثرة الصور والملصقات المعبرة عن أجندة خارجية في انعكاس واضح لمحاولات تغيير ملامح المدن العربية، ومضامين ثقافتها وهويتها الحضارية حيث تنطلق هذه المليشيات من منطلقات المنهج التربوي والخطاب الديني والإعلامي وحتى المؤثرات الأخرى من أنشودة أو صورة أو تمثيلية أو مطبوعات وأنشطة ومراكز صيفية ومعسكرات تدريب قتالي. وأشار جميح إلى أن الحوثيين يعملون على تجريف الهوية الثقافية والحضارية لليمن، ناهيك عن اعتبارهم الحضارات اليمنية القديمة حضارات وثنية والدعوة إلى عدم الاعتزاز بهذه الحضارة، وحتى الدول والولايات الإسلامية التي قامت في اليمن بعد الإسلام لا يعدونها ضمن الدول التي تمثل قيم الإسلام، ما عدا الدولة الهادوية. ويرى أن تجريف الهوية العربية قد يستمر إلى حين، لكنه بطبيعة الحال يعد محاولات تجري عكس حركة التاريخ لن يكون لها قبول، خاصة بعد تكشف أهداف المشاريع الاستعمارية لأغلب العرب سنة وشيعة والتي رفعت لغرض المكر والخديعة. إلى ذلك، شدد المجلس الشرعي الإسلامي في لبنان على أن الانتماء العربي يمثل "صونا" للبنان، وتجاهله "خيانة وطنية كبرى". وقال في بيان له عقب اجتماع حضره رئيس الحكومة: "إن الإمعان في ارتكاب المحرمات الوطنية المتمثلة في انتهاك الدستور وضرب وثيقة الوفاق الوطني عرض الحائط، وإخضاع المصالح العليا للدولة لخدمة منافع شخصية وخاصة وأخرى خارجية، هو إمعان في الإساءة إلى لبنان الوطن"، معتبراً أن ذلك يشكل "إمعانا في الإساءة إلى علاقات لبنان الأخوية مع الدول العربية، وينسف جسور الاحترام والتعاون مع المجتمع الدولي".