رسمت المملكة العربية السعودية بتوجيهات قيادتها الرشيدة خارطة طريق نحو تنمية وطنية مستقبلية شاملة ومتكاملة، واختطت لها مساراً نهضوياً طموحاً تمثل في المشروع الوطني (رؤية المملكة 2030) ويحظى هذا المشروع التنموي الطموح بإشراف مباشر ومتابعة دائمة ومستمرة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. الرؤية بصورة عامة ليست محصورة في مدينة معينة أو منطقة بحد ذاتها وانما لكل منطقة طبيعتها لتفعيل برامج الرؤية فمن الصناعة إلى السياحة إلى تفعيل آليات الامن السيبراني إلى دعم الشباب والرقمنة وكافة المعطيات التي تحقق الرفاهية ورفع جودة الخدمات والبنية التحيتة وزيادة الزراعة والاستزراع. ويأتي إطلاق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، استراتيجية تطوير منطقة عسير بهدف تحقيق نهضة تنموية شاملة وغير مسبوقة للمنطقة عبر استثمارات متنوعة؛ لتمويل المشروعات الحيوية، وتطوير مناطق الجذب السياحي على قمم عسير الشامخة؛ لتكون عسير وجهة عالمية طوال العام، معتمدةً في ذلك على مكامن قوتها من ثقافة وطبيعة تجمع بين الأصالة والحداثة، وتسهم في دفع عجلة النمو الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة. كما أن الاستراتيجية تهدف إلى تحويل المنطقة إلى وجهة سياحية عالمية طوال العام، تستقطب أكثر من 10 ملايين زائر من داخل السعودية وخارجها بحلول عام 2030، وذلك باستغلال المقومات السياحية الهائلة في المنطقة التي سَتُستثمَر من خلال مشروعات سياحية نوعية؛ لإبراز قممها الشامخة إلى جانب التنوّع الجغرافي والطبيعي فيها، وكشف الثراء الثقافي والتراثي لها. وتسعى استراتيجية عسير إلى جذب الاستثمارات من داخل المملكة وخارجها، والتي ستسهم بدورها في صناعة حراك اقتصادي فعّال؛ عبر تفعيل منظومة متكاملة لتسهيل الإجراءات، وتعزيز دور السياحة والثقافة؛ كمحركات رئيسية للتنمية الاقتصادية في عسير. كما أن تنفيذ الاستراتيجية سيُسهم بحلول 2030 في توفير فرص وظيفية جديدة، بالإضافة إلى رفع جودة الحياة والارتقاء بالخدمات الأساسية والبِنَى التحتية في المنطقة، التي تشمل الاتصالات والصحة والنقل وغيرها من الممكّنات. وانطلاقا من الررؤية فإن المملكة تتطلع في ظل هذا المشروع الواعد إلى مستقبل أكثر إشراقاً – بعون الله – بثرواتها البشرية والطبيعية والمكتسبة التي أنعم الله بها عليها ويتجلى ذلك بمضاعفة دورها وزيادة إسهامها في صناعة هذا المستقبل. مقومات طبيعية تمتلك منطقة عسير مقومات طبيعية وبشرية أهلتها لتكون إحدى أهم روافد الاقتصاد الوطني المتنوع الذي بنيت عليه رؤية المملكة 2030. وفي هذا الإطار جاءت إستراتيجية منطقة عسير لاستثمار نقاط القوة وتعزيز موقع المنطقة المميز على خارطة السياحة العالمية، لتصبح وجهة سياحية رائدة عالميًا ومقصدا للترفيه والثقافة مع تحقيق التوازن بين التطور والمحافظة وحماية البيئة الطبيعية. وانطلقت أعمال وخطط الإستراتيجية من خلال عمل مشترك بين مكتب دعم هيئة التطوير وهيئة تطوير عسير بالتعاون مع شركة "بوسطن كونسلتينج جروب" التي قادت تحالفا دوليا مع عدة شركات أجنبية ومحلية، وسارت الفرق العاملة في بناء الإستراتيجية على منهجية البناء الهرمي (من الأسفل إلى الأعلى) حيث اعتمدت على إشراك المواطنين وشركات القطاع الخاص في جميع النقاشات الأولية لوضع الخطط العامة من خلال مقابلات موسعة وصل عددها إلى أكثر من 200 مقابلة ، كما عقدت أكثر من 40 ورشة عمل مع الخبراء المحليين والجهات المعنية. خطة استراتيجية وعقدت أمانة المنطقة والبلديات التابعة لها ، كونها شريكاً أساسياً في تطوير الخدمات، أكثر من 50 اجتماعا مع منسوبيها لدراسة الواقع وطرح الحلول ، ثم جاءت الخطوة التالية وهي مواءمة الخطة الإستراتيجية مع الأجهزة الحكومية والوزارات المعنية مثل الداخلية والنقل والخدمات اللوجستية والبيئة المياه والزراعة والاقتصاد والتخطيط والصحة والتعليم والشؤون البلدية والقروية والطاقة والصناعة والثروة المعدنية والعدل والإعلام والاتصالات وتقنية المعلومات والتجارة والاستثمار والمالية، إضافة إلى عدد من الهيئات وبرامج تحقيق الرؤية مثل الهيئة العامة للرياضة والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والهيئة العامة للثقافة وصندوق الاستثمارات العامة وهيئة العامة للطيران المدني والهيئة العامة للاستثمار وهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية والهيئة العامة للترفيه وبرنامج التحول الوطني وبرنامج جودة الحياة وبرنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية وبرنامج التخصيص وبرنامج صندوق الاستثمارات العامة، وعقدت في هذا الإطار أكثر من 70 جلسة نقاش. وركزت الخطة على البحث عن الميز النسبية لمنطقة عسير ونقاط القوة، مثل جمال المناظر الطبيعية الخلابة والبيئة المتنوعة والتراث الثقافي والتقاليد الراسخة إضافة إلى قوة وترابط المجتمع.
منشآت حضارية تضم المنطقة منشآت حضارية مهمة منها مطاران أحدهما دولي في مدينة أبها والآخر إقليمي في محافظة بيشة ، وبها 380 منشأة إيواء سياحي و 12 نادياً رياضيا و48 متحفا تراثياً ، وجامعتان هما جامعة الملك خالد وجامعة بيشة، اللتان دفعتا خلال العشر سنوات الماضية بأكثر من 140 ألف طالب وطالبة في مجالات سوق العمل السعودي، وكذلك كليتان أهليتان ، كما تقوم الإدارة العامة للتدريب التقني والمهني في منطقة عسير بدور كبير في تأهيل الطلاب والطالبات لسوق العمل من خلا ل 88 منشأة تدريبية، منها 36 منشأة تدريب حكومية، و 11 كلية تقنية للبنين، وسبع كليات للبنات، وثلاثة فروع لكليات التقنية للبنين وعشرة معاهد صناعية وثانوية وخمسة معاهد مهنية بالسجون و 52 منشأة تدريب أهلية. وتعد جامعة الملك خالد واحدة من ممكنات إستراتيجية منطقة عسير لما تمثله من أهمية تنموية وبشرية حيث إن مشروعها الجامعي من أهم مشاريع المنطقة التي تم التركيز عليها والعمل على إنجازها، ليصبح المنجز في العمل ما يمثل 97 % وباتت على مشارف الافتتاح لتكون قوة داعمة لإستراتيجية المنطقة. ويعتبر مطار أبها الدولي قوة في إستراتيجية منطقة عسير القادمة وواحد من أهم الممكنات التي تم العمل عليها خلال فترة التهيئة للإستراتيجية، وقد تم العمل في المطار وفق اتجاهين ، الأول تهيئة المطار الحالي ليكون مطارا دوليا ملائما، والعمل على عدد من المشاريع منها : تأهيل المدرج وتوسعته و تجهيز صالات المغادرة والقدوم الدوليتين، أما الاتجاه الآخر فهو مشروع مطار أبها الدولي الجديد حيث اعتمدت اللجنة الإشرافية للتخصيص بقطاع النقل تعيين الاستشاريين والميزانية اللازمة للدراسات، كما تابع فريق العمل استكمال خطة التصميم ووضع الجدول الزمني للمرحلة التمهيدية والمرحلة الأولى للمشروع ليكون المطار الجديد بطاقة استيعابية تصل إلى 10 ملايين مسافر سنويا في مرحلته الأولى، وبمساحة إجمالية 125.000 متر مربع. مشروع مستقبلي ويشتمل المشروع المستقبلي للمطار في مرحلته الأولى على عشر بوابات للسفر، و 14 جسرا لفئة الطائرات ذات الحجم المتوسط من نوع (C) ، إضافة إلى ستة مواقف طائرات جانبية، و 20 منصة لإنهاء إجراءات السفر، وعشر منصات للجوازات، إلى جانب عشرة أجهزة للتفتيش الأمني، وسبع نقاط تفتيش للجمارك وتسعة سيور لاستلام الأمتعة. وارتكزت إستراتيجية عسير على عنصر الأصالة في منطقة عسير ، وتجلت الأصالة في إنسان عسير بتاريخه العميق وفنونه المعمارية ونكهاته المحلية المتنوعة والفنون الشعبية التي تعكس تنوع ثقافات المجتمع وترانيم الألحان الثرية عبر تضاريس عسير وجغرافيتها المتنوعة، وما تسجيل 4275 قرية تراثية في عسير يتجاوز تاريخ إنشائها أكثر من 500 عام إلا شاهد عيان على الأصالة المتفردة التي تشتهر بها المنطقة ، كما تحتضن المنطقة أكثر من 651 موقعاً أثريا مسجلاً في السجل الوطني للآثار ، وتحتوي على الأحجار والنقوش والرسومات التي يعود تاريخها إلى ما قبل الإسلام، مما يحمل في مضامينها دلالات حضارية للإنسان منذ القدم. القرى التراثية وقد شهدت القرى التراثية في عسير اهتماماً خاصاً، فانطلق مشروع أنسنة القرى التراثية، وهو مشروع منبثق من أعمال المشهد الحضري، حيث تم في سبتمبر 2020م توقيع عقد تطوير عدد من القرى التراثية شمل ذلك قرى: القرَّية بمحافظة تنومة، وقرية آل خلف بسراة عبيدة، وقرية آل ينفع بمركز تمنية. كما تمت إضاءة 70 قرية تراثية وموقعا أثريا. وتعد منطقة عسير متفردة في تنوع تضاريسها بين الساحل والسهل والقمم والهضاب والصحاري فضلا عن جغرافيتها التي تجعلها منطقة حدودية على ثغر الوطن الجنوبي، وهذا التنوع في التضاريس نقل ميزتها النسبية إلى ميزة تنافسية إذ تنوع تبعا لذلك مناخ المنطقة وطبيعتها الجغرافية، مما جعله عنصرا رئيسا لتشكل بيئات الرياضات مختلفة. وتمثل قمم الجبال في عسير 34،3 % من مساحة المنطقة ويتراوح ارتفاعها بين 2000 إلى 3000 متر عن سطح البحر، بانحدارات شديدة نحو الغرب والشمال، كما تشكل الهضاب في مساحة عسير 48،2% وهي تنحدر نحو الشمال والشرق ويتراوح ارتفاعها بين 1200 إلى 1600م، كما تمتد المنطقة على ساحل البحر الأحمر بطول 125 كم، ويقع ضمنه ميناء القحمة التاريخي، كما تطل عليه عدد من الجزر الصغيرة ومن أشهرها جزيرة كدمبل، فيما تمثل الصحاري جزء من مكوناتها الطبيعية والتي تنتشر في محافظتي بيشة وتثليث. وانفردت منطقة عسير بمناخها المعتدل، حيث تبلغ درجة الحرارة الكبرى في فصل الصيف 24 درجة مئوية، وتتميز بتنوع تضاريسها وغطائها النباتي الذي يشكل ما نسبته 60 % من الغطاء النباتي في المملكة، حيث ساعد مناخها المعتدل في انتشار أنواع الزراعة وتوفر المنتجات المحلية بمختلف أنواعها.