إن اقتصاد المعرفة أو الاقتصاد القائم على المعرفة قد برزت ملامحه حالياً حيث ظل ينمو بمعدلات سريعة على نطاق دولي كبير إلى أن أصبح وجوده واقعاً مع الاقتصاد التقليدي بشقيه الزراعي القائم على الموارد الأولية والصناعي المعتمد على الطاقة من كهرباء وغاز وطاقة نووية وغيرها. ولقد ساهمت تقنية المعلومات بشكل كبير في بلورة الاقتصاد المرتكز على المعرفة، حيث يعرفه البنك الدولي بالاقتصاد الذي يحقق الاستخدام الأمثل للمعرفة واستثمارها بفعالية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفي ظل اقتصاد المعرفة فقد أضحت المعلومات من السلع الرئيسية للمجتمع، حيث يتم تحويلها إلى أنماط رقمية على شكل نظم وخدمات المعلومات لتصبح دعائم لاقتصاد المعرفة، ذلك أن الاقتصاد لم يعد معنياً فقط بالبضائع وعملية التبادل التجاري للمنتجات، وإنما أضحى اقتصاداً مبنياً على المعرفة والمعلومات وتقديم الخدمات، مما أكسبه ميزة إنتاج وتسويق الخدمات والمعلومات بوتيرة متنامية نحو العالمية. وتشير بعض البحوث الاقتصادية إلى العلاقة القوية بين تطور القدرات العلمية والتقنية للدولة وبين معدلات النمو الاقتصادي والاجتماعي فيها، ويقدر بعض الاقتصاديين في هذا الصدد أن أكثر من 5 % من النمو التراكمي لدخل الفرد في الولاياتالمتحدةالأمريكية عائد إلى التقدم التقني الأمريكي. إن مجتمع المعلومات يرتكز في تطوره على المعلومات والحاسبات الآلية وشبكات الاتصال، باعتبارها تقنية فكرية تنطوي على سلع وخدمات جديدة، مع استمرار القوة العاملة المعلوماتية التي تضطلع بعملية إنتاج وتجهيز ومعالجة ونشر وتوزيع وتسويق هذه السلع والخدمات، حيث أضحى هذا المجتمع يرتكز بسمة جوهرية على تلك المعلومات الكثيفة كمورد استثماري وسلعة استراتيجية وخدمة ومجال لاستيعاب القوى العاملة، حيث تحولت تقنية المعلومات والمعرفة من تقنية كثيفة الطاقة إلى تقنية كثيفة العمالة، حتى برزت أخيراً كتقنية كثيفة المعرفة. وأخلص إلى أن اقتصاد المعرفة يعتمد بصفة أساسية على توليد وجمع ونشر المعلومات ومن ثم استثمارها للوصول إلى نتائج معينة، وفي هذا الصدد فإن نجاح كثير من المنشآت رهين بمدى فعاليتها في جمع المعرفة ومن ثم تطويعها بغية رفع معدلات الإنتاج لديها وتوليد سلع وخدمات جديدة، بل إن الاقتصاد في المرحلة الراهنة أصبحت توجهه شبكات المعرفة التي تتبدل فيها المعلومات بوتيرة سريعة حيث هناك شبكات شتى للمعرفة، مثل شبكات المعرفة الخاصة بالجامعات وشبكات مراكز البحوث وشبكات الصناعات المختلفة وغيرها، وقد أضحى المجتمع الذي يتخلف عن تطويع تلك الشبكات لتحقيق أهدافه، مجتمعاً متأخراً عن الركب الاقتصادي برمته.