مع انتشار الأجهزة الذكية زاد استهلاك التقنيات من قبل الأطفال فأصبحوا أكثر عزلة وتباعدًا عن الأسرة ، إذ يقضون جل وقتهم وراء هذه الأجهزة. والسؤال الذي يدور في الفضاء التقني ، هل بالفعل أبعدت هذه الأجهزة أو ما يعرف بالحياة الرقمية الأبناء عن الأسرة، خصوصا أن سوء استخدام التقنية الحديثة ينعكس على الأطفال، بأعراض نفسية، منها الانطواء والخوف والخجل والعدوانية، والعنف والسمنة وضعف في التحصيل ، خصوصا في ظل غياب الحوار بين الأبناء والوالدين، وحذر اختصاصيون من استخدام الأطفال المفرط للأجهزة الذكية، لافتين إلى أن لها تأثيراً سلبياً عليهم، وصعوبة تكوين علاقات اجتماعية خارج الشاشة ، خصوصا وأن معظم الأسر تشجع أبناءها، وتسهم في زيادة العزلة الاجتماعية لهم ، من خلال إهدائهم هذه الألعاب والحواسيب المتطورة التي لا تتناسب مع المراحل العمرية، ودون إدراك لمدى تأثير الساعات الطويلة التي يقضيها الأطفال مع هذه الأجهزة، كلما تقدموا في العمر، خصوصا من الناحية الصحية، إذ تؤثر في نموهم الطبيعي. «البلاد» تواصلت مع مختصين والذين أكدوا ، بأن الطفل أقل من عمر سنتين يمنع منعاً باتاً من تعريضه لشاشات الجوال أو التلفاز أو أية ألعاب إلكترونية، ومن عمر سنتين إلى خمس سنوات يسمح له بساعتين فقط في اليوم والليلة، ومن خمس سنوات إلى عشر سنوات يسمح له بساعتين فقط في اليوم أن يشاهد التلفاز أو يستخدم الجوالات أو الأجهزة الإلكترونية، في حالة أن يكون الطفل طبيعيا من الناحية الصحية والجسمية. البداية كانت مع الام سامية حسين التي شرحت معاناتها من سلبيات استخدام طفلتها التي تبلغ من العمر 4 سنوات والتأثير السلبي عليها من الاجهزة التقنية كالايباد والجوالات وتوضح سامية: ابنتي أصبحت عصبية جدا وعدائية مع قرائنها من الأطفال، وكنت أرد على عنفها وعصبيتها بعصبية الأم على طفلها، ولم أكن أعلم أن السبب وراء هذا السلوك هو الجلوس أمام الجوال والايباد لساعات طويلة يؤدي الى هذه الحالة وتطورها، إضافة إلى تأثيرها على تعلم الطفل وقلة الإستيعاب وهذا ما أخشاه كثيرا . عزلة وتوحد وبالنسبة للطفل عبدالعزيز جان في الصف الأول متوسط فقد أوضح والده أن طفله أصبح عصبيا ويفضل الجلوس بمفرده كثيرا ، وقال: لم أدرك أن السبب وراء هذا التوحد هي الألعاب الالكترونية والأجهزة التقنية، ولم يعد طفلي يجلس مع عائلته وحتى أثناء الخروج للتنزه لا يبين مدى استمتاعه بالنزهه العائلية الا بوجود الجوالات وعندما تطور الأمر أردت أن أعاقبه وأسحب منه الجوال وجهاز الكمبيوتر وتحديد ساعات محددة للعب كما قرأت في نصائح استشاريين سلوك الأطفال ، ولكن ما صدمني هو كمية العصبية والانهيار وتكسير كل شيء في غرفته ورفضه الشديد لهذا العقاب . التأثير على النمو وتوضح أخصائية تعديل سلوك الأطفال إسراء عبدالله دوران أن الأجهزة الالكترونية تلعب دوراً كبيراً في حياة الطفل؛ إذ يكثر استخدامها في البيت لساعات طويلة خصوصًا ما بين التعليم عن بعد واللعب، وعلى الرغم من الإيجابيات المتعددة لاستخدام هذه الأجهزة في إثراء مسيرة الطفل التربوية والتعليمية، إلا أن كثرة وطول مدة استخدامها قد تنعكس سلباً على حياة الطفل وتعرضه إلى اضطرابات وسلوكيات تؤثر على نموه من عدة جوانب، منها الجسدية والنفسية والعقلية. بالإضافة الى أن إدمان الإلكترونية له تأثير قوي على الصغار والكبار، وقد يؤدي استخدامها المفرط إلى مشاكل أكثر خطورة خصوصًا في الجوانب الصحية والنفسية والاجتماعية والدراسية وغيرها، أيضًا لها تأثير واضح في ضعف التركيز والانتباه وفرط الحركة والخمول والاجهاد. وينبغي في هذه الحالات ممارسة دور الوقاية تجاه ابنائنا فليست المشكلة أن يلعب الطفل بالألعاب الإلكترونية أو أن يستخدمها، ولكن ينبغي أن تكون لديه قيم ومبادئ تحكم تصرفاته، وحتى نستطيع أن نحافظ على اطفالنا من المشاكل التي من الممكن أن يتعرضوا لها، حيث يجب تشكيل حصانة داخلية ذاتية من خلال توعية عميقة بدورهم في المجتمع، فإذا كان الوالدان والبيئة التعليمية تحفزهم على الإدراك والوعي بما يحيط بهم من مخاطر، فهذا بالتأكيد سيقيهم بنسبة كبيرة من أي تدخل أو أفكار خارجية. وتضيف دوران أن من أسلم الطرق للوقاية من تأثير الأجهزة الإلكترونية :ينبغي على الأسرة تشجيع أطفالها وتعويدهم على القراءة والحوار المفيد حسب قدراتهم والرياضة، كما ينبغي مراقبة الوالدين لأنشطة الأبناء على الأجهزة الالكترونية أيضا وقت التعليم عن بعد، ونشر الوعي داخل الأسرة عن طريق الجلوس والتحدث عن مثل هذه المشاكل وأضرارها بطريقة ودية ومشجعة للأطفال، وإشراكهم في وضع حلول وطرق لتفادي المشكلة. طريقة للتعلم جمانة مفتي أخصائية نفسية وسلوك أطفال تقول من خلال تخصصها وخبرتها في مجال الأطفال إننا لا ننكر ان استخدام الأجهزة الذكية له ايجابيات عديدة، وانها طريقة رائعو للتعلم. مثل الحروف والأرقام والكلمات. ولكن بجانب هذه الايجابيات توجد بعض السلبيات التي يجب على الاهل محاولة تفاديها. قد يواجه الطفل بعض المواقف التي تجعله غير مرتاح او قد يواجه بعض المواضيع غير المناسبة لسنه مما قد يؤثر على نفسيته، وهناك بعض النصائح التي تساعد الآباء منها يجب على الاهل تثقيف نفسهم في كل ما يخص الانترنت وماذا يمكن ان يواجه الطفل في هذا العالم الافتراضي ووضع قوانين للعائلة كلها لاستخدام الاجهزة الذكية، مثل عدم اعطاء اي معلومات شخصية، أو أن يتجه الشخص الى رب المنزل اذا تعرض لأي موقف مؤذٍ او مخيف، كما أنه يمكن للأهل تنزيل برامج تعليمية مفيدة جدا للتأكد من ان الطفل يقضي وقتا مفيدا ويتعلم بدل من مشاهدة الفيديوهات التي يصعب مراقبتها احيانا بالذات اذا كان الأهل غير متواجدين، ويمكن للاهل تحديد وقت محدد لاستخدام الأجهزة ويكون هذا الوقت في وجودهم حتى تسهل المراقبة. فضلا عن شرح الاشياء المسموحة والاشياء غير المسموحة ويكون مسؤولا عن مراقبة نفسه وهذا يشجعه على أن يتحمل المسؤولية وأن يكون مصدراً للثقة. إلى جانب ذلك يجب تشجيع الطفل على ان يحكي للاهل اذا واجه اية مشكلة او اذا عنده اي سؤال ، إضافة إلى أنه قد تستخدم الأجهزة الذكية أيضًا كمعزز للسلوكيات الايجابية، بمعنى ان الطفل يستطيع الحصول على الجهاز كمعزز. مشكلات اجتماعية الاخصائي الاجتماعي عادل ثقفان قال موضحا: هناك من الآباء من كانت لديه قاعدة في منزله بعدم امتلاك أبنائه للأجهزة التقنية لأنهم أطفال ولم يصبحوا جاهزين بعد لاقتنائها، ولكن ما طرأ على العالم غير كثيراً من هذه القواعد وكسر كثيراً من القوانين المنزلية. اعتمد التعليم في هذه الجائحة على أن يكون من بعد وأن يمتلك كل طالب جهازا ليستطيع أن يستمع لمدرسه وأن يكتب واجباته وأن يحضر اختباراته.. فأصبحت الأجهزة ضرورة لا مفر منها، ولكن مع هذا الحل وهذه الميزة والإبداع التقني الذي أوصل الطالب لمدرسته وهو في بيته، خرجت لنا مشكلات اجتماعية ونفسية وأخلاقية كنا نظن أننا نستطيع أن نمنع أطفالنا عنها ونحميهم ونراقبهم. يستطيع الطالب وهو في الفصل الدراسي الافتراضي أن يشارك الألعاب الإلكترونية وأن يدخل على منصات التواصل الاجتماعي وأن يتواصل مع اقرانه، كل هذا وأكثر والآباء يعتقدون أن أبناءهم مهتمون بالدرس. اعتقد أن الوضع الحالي يحتاج لنظرة مختلفة للموضوع من الناحية الاجتماعية، فالرقابة الوالدية لم تعد ذات جدوى كما كانت في السابق، ولم يعد المنع من الأجهزة حلا مطروحا. إن تنمية الرقابة الذاتية والاحساس بالمسؤولية والدافعية للالتزام هي الحل، وهذا الحل لا يأتي إلا بتنمية التماسك العائلي والثقة. سبل التحكم الخبير التقني محمد الحدائدي أوضح أنه في إمكانية مواجهة مخاطر الاجهزة التقنية والتربية والتعليم واستخدام التقنية بالشكل الصحيح في ذات الوقت قائلا: على كل ولي أمر أن يعرف بأن هذا زمن التقنيه وأنها ليست محصورة فقط للترفيه، بل أصبحت مرتبطة بالتعليم والعمل وأصبحت أمرا رئيسيا بالحياة ولذلك لابد أن ينقل الآباء هذه الفكرة بصورة كاملة للطفل وأن التقنية بشتى انواعها هي السبيل للتعليم وكسب الخبرات والمال. وعن السبل المضمونة لحماية الصغار من تداعيات مخاطر الأجهزة التقنية خصوصا وانهم يتواصلون معها في غياب الأسرة يضيف الحدائدي: هناك اعدادات بجميع الاجهزة (جوالات – تابلت ) خاصية تسمى وقت الاستخدام وهو لتعيين وقت محدد للاستخدام اليومي وكذلك منع بعض التطبيقات التي لا تناسب اعمار الاطفال. كذلك توجد تطبيقات الرقابة الأبوية مثل تطبيق الرقابة من قوقل يستطيع ولي الامر التحكم بكامل جهاز الطفل دون التطفل عليه.