لم تكن رؤية 2030 استراتيجية عابرة، بل ارست قواعد وأسسا أثبتت فعاليتها في الأزمات التي عصفت بالعالم، لاسيما جائحة كورونا التي نالت من دول كثيرة وأحبطت من عزيمتها، إلا أن المملكة وقفت صامدة في وجه المتغيرات بفضل سياستها الاقتصادية الناجحة، حيث استطاعت مواجهة الأزمة وتداعياتها بل تخطت ذلك لتكون محورا مهما على الصعيد الدولي، إذ ضخت مليارات الدولارات لمساعدة الدول النامية ودعم منظمة الصحة العالمية، مع الاحتفاظ بمنظومتها الاقتصادية الداخلية دون تأثير، إذ أوجدت الحلول العاجلة لقطاع الأعمال من خلال الدعم المتواصل ما أسهم في الحفاظ على الأداء الاقتصادي المتوازن، كذلك تجاوزت التحديات الصحية والاقتصادية الاستثنائية بمبادرات إنسانية ومالية، معززة لضمان الاستقرار الاقتصادي. نجحت السياسات التي اتبعتها المملكة خلال أزمة كورونا، خصوصا فيما يتعلق في دعم الاقتصاد والقطاع الخاص، مما كان له أثر ايجابي في تقليل آثار الجائحة، حيث رصدت أكثر من 200 مليار ريال لتخفيف آثار الجائحة على القطاع الخاص، وخففت من تداعياتها الثقيلة على كل الجوانب، في حين أن هناك مؤسسات خاصة، كالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، عانت بشكل أكبر، إلا أن جوانب الدعم المتعددة من خلال وزارة العمل ووزارة التجارة ووزارة المالية وعدة جهات حكومية أخرى، خففت من آثار الجائحة على هذه المؤسسات التي استطاعت مجابهة الأزمة بأقل قدر ممكن من الأضرار . وعلاوة على ذلك قدمت حزم دعم بمئات المليارات للحد من انعكاسات الجائحة على الاقتصاد، كما تحملت المقابل المالي على المنشآت، وما يقارب من 60 في المائة من أجور السعوديين في القطاع الخاص لحماية الوظائف، وقدمت قروضا ميسرة مضمونة بنسبة 90 في المائة مع تحمل تكاليف المدفوعات الإلكترونية. وساهمت المملكة بشكل مباشر وفعال في معالجة تداعيات كورونا الصحية والاقتصادية عالميا، حيث نجحت في عقد قمة افتراضية استثنائية لمجموعة العشرين ضمن جهودها في رئاسة المجموعة وصدر عنها توصيات مهمة حدت من التداعيات، وقدمت مساهمات سخية للدول الفقيرة، وأسهمت في تأجيل أقساطها الدولية. ومع كل ذلك الدعم نجحت المملكة في إدارة الأزمة بكفاءة واحترافية ساعدت على خفض حجم التداعيات الاقتصادية محليا وإقليميا وعالميا. برامج تنموية عزا تقرير اقتصادي أصدره مجلس الغرف السعودية أخيراً، النمو والتوسع المتواصل لدور القطاع الخاص في المملكة إلى دعم الحكومة ومساندتها للقطاع الخاص، واستجابتها للمقترحات الخاصة بإزالة معوقات تطوير القطاع وتحسين بيئة العمل ودعم مشاركته في البرامج التنموية، فضلا عن سياسات تشجيع الاستثمار التي تنتهجها المملكة سواءً على المستوى المالي أو النقدي والانفتاح على العالم الخارجي، مما ساهم في زيادة الاستثمارات الخاصة ونمو حجم القطاع الخاص وتوسع مساهمته في عملية التنمية. ونوه التقرير بالسياسات والإجراءات التي تم اتخاذها خلال جائحة كورونا لدعم نمو القطاع الخاص وتخفيف الآثار المالية والاقتصادية عليه، ويشمل ذلك طرح مؤسسة النقد برنامجا تصل قيمته إلى نحو 50 مليار ريال لتعزيز السيولة في القطاع المصرفي وتمكينه من الاستمرار في دوره بتقديم التسهيلات الائتمانية لعملائه كافة في القطاع الخاص. وبحسب التقرير، أقرت الدولة حزمة من الإجراءات للتخفيف من تداعيات كورونا على منشآت القطاع الخاص والمستثمرين، ومن ذلك تعليق إيقاف الخدمات للمستثمرين، والمقابل المالي، وتعديل إشعارات التخصيص المشروط للمستثمرين الصناعيين، وتأجيل إجراءات إلغاء الاتفاقيات الاستثمارية، وتسهيلات جديدة للشركات المستثمرة والعاملة في القطاع، وتأجيل الإقرار والسداد للزكاة، وتمديد الاتفاقيات الاستثمارية.