أجمع سياسيون ومراقبون، على أن اللبنانيين يعيشون أسوأ مرحلة في تاريخ بلادهم، بسبب تمادي الطبقة الحاكمة في فسادها واستمرار عرقلة تشكيل حكومة المهمة المنوط بها القيام بإصلاحات تنقذ البلد المأزوم، ما يؤكد وجود حالة فلتان في المسؤولية داخل القصر الجمهوري في بعبدا، فيما تشير مصادر سياسية إلى أن التشكيلة الحكومية باتت جاهزة وأن الرئيس المكلف بتشكيلها سعد الحريري سيحمل إلى رئيس الجمهورية ميشال عون مسودة التشكيلة من 18 وزيرًا خلال الساعات المقبلة، مستبعدين ولادة حكومة الحريري بسبب تعنت رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ،الذي يواصل تمسكه بحقيبة الطاقة، ومراوغة "حزب الله" الذي يرى ضرورة تحرك الحريري لإجراء مشاورات مع الكتل النيابية، على أن يتم اختيار الأسماء بالتفاهم معها في خرق واضح للورقة الفرنسية التي تدعو إلى تشكيل حكومة إنقاذية من المستقلين. وأكدوا على غياب النوايا الحقيقية لتحقيق التدقيق الجنائي المالي، خاصة مع اعتذار الشركة المناط بها التدقيق عن استكمال مهمتها بعد عدم تلقيها المعلومات اللازمة، مشيرين إلى أن موافقة مجلس النواب على تبني رسالة الرئيس عون التي دعا فيها لإخضاع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح والمجالس والمؤسسات المالية والبلديات والصناديق كافة للتدقيق الجنائي مسرحية متفق عليها مسبقًا، ولا تعني أن الطريق معبدة أمام الشركات الجديدة التي ستتولى المهمة، وأن إصرار التيار الوطني الحر على التدقيق المالي إنما يراد من وراءه توجيه الاتهام لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتحميله مسؤولية التعثر المالي كما يفعل حزب الله. من جانبه، قال النائب السابق لحاكم مصرف لبنان الدكتور محمد بعاصيري: إن الفساد المتفشي في العديد من الأصعدة ونهب الأموال العامة وهدرها وعدم وجود الحوكمة الرشيدة بالإضافة إلى المحاصصة السياسية والطائفية، أسباب أدت لوصول لبنان لأسوأ أزمة، مشددا على أهمية وجود حكومة إصلاحية تكون قادرة على العودة بالعلاقات العربية والدولية إلى أرفع المستويات، مع استرجاع الأموال المنهوبة لإعادة الإعمار، والمساهمة في تسديد قسمًا ليس بقليل من الدين العام. وفي السياق ذاته، أكد الاستشاري والأكاديمي في جامعة باريس للأعمال والدراسات العليا الدكتور محي الدين الشحيمي، أن التدقيق الجنائي الدولي أحد أهم الخطوات الإصلاحية، مشيرا إلى أنه غرق في وحل التجاذبات السياسية اللبنانية، ومن دونه لا يمكن للبنان أبدًا الاتفاق مع الدول والجهات المانحة، منوها إلى أن المال العام العائد للدولة لا يتطلب وجود أي سرية مصرفية عليه فالشفافية هي الأصل، وليس هناك أي موانع تحت ستار السرية، حيث إن الدولة اللبنانية هي المؤتمنة على هذا المال.