على إثر مردوده المبهر في الدوري البرازيلي بالمواسم البائدة، اعتُبر آرثر ميلو خليفة شرعيًا للأسطورة تشابي هيرنانديز من قبل إدارة برشلونة، وسارعت بالتعاقد معه من جريميو صيفية 2018 بمبلغ 31 مليون يورو. البدايات لم تكن موفقة بالنسبة للاعب الوسط ضئيل الحجم، تمامًا كالنهايات، وما توسطهما لم يكن بالقدر الذي رجته الإدارة وبالمثل الجماهير في كاتالونيا. يمكن القول بأن آرثر ميلو (23 عامًا) خيّب الآمال بشكل منقطع النظير، فبالنظر إلى الهالة الإعلامية التي رافقت انتقاله إلى برشلونة قبل عامين، فإنه بالفعل عابر سبيل، مضى وانقطع. تصريحاته قبل وبعد الاتشاح بقميص النادي، نمّت عن رغبة وهدف كبيرين في أن يصبح جزء من أساطير النادي، بيد أن المشكلات البدنية والإصابات والأخرى المتعلقة بالتكيف مع المجموعة، أعاقته تمامًا. فبدأ فقط هذا الموسم 14 مباراة من أصل 38 جولة بالدوري الإسباني وقل اعتماده من قبل المدرب كيكي سيتيين ومن قبله أرنستو فالفيردي، مُفضّلين عليه راكيتيتش وفيدال وفرانكي ديونج، ليصبح مصيره ملازمًا لمقاعد البدلاء. كان بالإمكان تدارك الأمر ومنحه فرصة بداية من الموسم المقبل، لكن الإدارة الكاتالونية الغارقة في الخسائر الاقتصادية على إثر جائحة كورونا، ارتأت الحل في بيعه وكسب 17 مليون يورو لموازنة الأمور المالية. فأبرمت اتفاقًا مع نظيرتها في يوفنتوس بالمقايضة، ميراليم بيانيتش إلى برشلونة وآرثر إلى النادي الإيطالي. في صفقة وصفتها الصحافة المقربة من البلاوجرانا ب "الاقتصادية" و"الإجبارية". فهي ليست فنية البتة عندما نتحدث عن لاعب مثل بيانيتش يدخل في عامه الحادي والثلاثين ويتسم ببعض الرعونة في الواجبات الدفاعية كما معروف عنه بإيطاليا، ويكأنما الإجبار سمة الصفقة من الجانبين. فميلو لا يريد مغادرة النادي وعبّر عن ذلك علانية، وبرشلونة إن أراد وضع الملايين في شراء لاعب وسط يحدث نقلة نوعية للنادي، فلن يكون بيانيتش. لكن الأمور سارت على هذا النحو الإجباري لكليهما. حافظ برشلونة على نهج التخبط والعشوائية في انتقاء لاعبيه بالمواسم الأخيرة، أو بالأحرى في عهد الرئيس الحالي جوزيب ماريا بارتوميو، فمنهم مثلُا فيليبي كوتينو ومالكوم اللذان لم يستفد منهما النادي بقيد أنملة. فها هو آرثر ميلو يلحق بهما من الباب الضيق، بعد أن حارب النادي من أجله ودفع مبلغ طائل في سبيل استقطابه، ناهيك بأنه لم يترك بصمة واضحة وكما جاء رحل، بل كانت عملية وداعه صاخبة. فامتنع عن الحضور والانخراط في تدريبات الفريق الذي يستعد لمواجهة نابولي بإياب ثمن نهائي الأبطال بالسابع من أغسطس، ما جعل النادي يتجه لتوقيع غرامات عليه. تخبط على جميع الأصعدة من برشلونة. منذ الإعلان عن الاتفاق بين الناديين في التاسع والعشرين من يونيو الماضي، لم يخض ميلو دقيقة واحدة خلال 6 مباريات لُعبت في الليجا فيما يمكن القول بأنه تمرد من اللاعب وانتقام من الإدارة في مشهد عبثي. على النقيض هناك في تورينو، فإن الإدارة بدت أكثر احترافية ومنحت بيانيتش 325 دقيقة خلال 8 جولات، تمكن فيهم من تقديم 4 تمريرات حاسمة وأظهر مردودًا قويًا لا يصدر من لاعب يخوض آخر الدقائق مع فريقه على الإطلاق. مع ملاحظة قصر بصيرة برشلونة في التعامل مع تلك الصفقة، فبيانيتش بحكم خبرته لن يتسغرق وقتًا للتكيف مع المجموعة كما آرثر، لكن في الوقت ذاته فإنه خطة قصيرة الأجل بالنظر إلى عمره المتقدم، لن يعطي لأكثر من عامين بنفس المنوال. في النهاية يمكن اعتبار كلا الناديين رابحان، الإسبان في الشق الاقتصادي والإيطالي في الشق الرياضي كون ميلو صغير العمر ويمكن صقل موهبته والاستفادة منه على المدى البعيد، خاصة مع مدرب مثل ساري الذي يحبذ نوعية آرثر.