كيف تقرأ نجاح او فشل القيادة الصحية في أي قرار صحي صادر ومنسوب اليها؟ او بصيغة اخرى، متي يمكن القول ان هذا القرار المنسوب الى القيادة الصحية هو قرار ايجابي وله ابعاد ايجابية ومؤثرة في مسيرة العمل الصحي، او يكون قرارا يدل دلالة واضحة على الفشل الصريح للبعد المهني لإصحاب القرار الصحي؟ اولا، اسمحو لي ان اضع بين ايديكم بعض القرارات الصحية والتي كانت لها تأثير ايجابي كبير في مسيرة العمل الصحي، مثلا، القرار المرتبط بإنشاء الهيئة السعودية للتخصصات الصحية او القرار المرتبط بإنشاء المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية. نعم، هذان القراران كان لهما الاثر الإيجابي على تطوير المهنية الصحية ومسيرة العمل الصحي ومن جميع نواحيه، سواء التأثير التطويري على الممارس الصحي مباشرة او مسيرة الرعاية الصحية والمقدمة من المنشأة الصحية. لماذا كانا لهما هذا التأثير الايجابي؟ السبب يعود الى ان اعمال الهيئة التخصصية او مركز الاعتماد مرتبطة بالكامل بجوهر العمل الصحي سواء كانت الخدمة نفسها او كانت مرتبطة بالممارس الصحي. اذا، اذا اردنا ان يكون للقرار الصحي تأثير قوي و إيجابيه، لابد ان ننظر اولا و اخرا الى مدى ارتباطه بجوهر الرعاية الصحية، الى جانب مدى ارتباطه بمهنية و عمل الممارس الصحي. لان الارتباط يعني استمرارية القرار لأطول فترة زمنية ممكنه و يتم رعايته و تطويره من قبل الادارات الصحية المتعاقبة. وما ذكر اعلاه، هما مثالان على القرارات الصحية الناجحة جدا، اما من ناحية القرارات الصحية والتي ارى انها قد تكون فاشلة، فإنني لن اضرب أي امثلة عليها! لماذا؟ لأنه قد يكون في نظر البعض قرارا ايجابيا جدا و له فوائده على مسيرة العمل الصحي قريبا كان ام بعيدا، و لكنه و في المقابل قد يكون سلبي جدا في نظر البعض الاخر. هنا سوف احترم اجتهاد زملائي في العمل الصحي و خاصة من القيادات الصحية و التي اتت الى تلك المناصب القيادية و هي ترى في نفسها انها تحمل مشاعل التطوير و النجاح و قادرة على صناعة التميز من خلال منصبها القيادي! ايضا انني هنا لست في مقام الحديث بسلبية عن تلك القرارات و التي هي (القرارات) وكما هو معروف ان القيادات الجديدة يكون اول قراراتها الغاء العمل بتلك القرارات السابقة او تجاهلها واصدار قرارات جديدة. ولكنني هنا سوف اتطرق الى جانب هام جدا في القرارات الصحية سواء كانت ناجحة او كانت فاشلة! ما هو هذا الجانب؟ انه الجانب المرتبط بمن يعمل داخل دائرة من له الصلاحية في اصدار القرار، بمعنى اخر هم اللذين يعملون و يحلقون و يسيرون حول صاحب الصلاحية، سواء كانو من المساعدين او المستشارين! نعم، هؤلاء، لهم تأثير قوي جدا على كيفية تفكير صاحب الصلاحية في اتخاذ او التوجه الى المسار الذي يؤدي الى اتخاذ و اصدار القرار. ومن خلال مسيرتي المهنية فقد شاهدت كثيرا من القيادات الصحية والتي فشلت فشلا ذريعا في قيادتها الصحية، حيث كان السبب في ذلك الفشل هو التأثير السلبي والرؤية القاصرة لمن هم حوله من مساعدين ومستشارين! باختصار، ندرك اننا بشر، وان أي منا لديه قصور في التفكير و الرؤية سواء كانت البعيدة او حتى القريبة. وان السن (العمر والخبرة المهنية) ليس مؤشرا للفاعلية (هذا من وجهة نظر القيادات الشابة). وفي المقابل، ومن وجهة نظر اصحاب الخبرات الطويلة والشهادات العلمية فان الشباب (من اصحاب الخبرة القليلة) ليس ضمانا للإبداع! ولكننا جميعا نؤمن ان التوفيق بيد الله سبحانه وتعالى (ونعم بالله).