قد يواجه الفرد العديد من ردَّات الأفعال السلبيَّة من ذويه ومِمَّن حوله من الأصدقاء والزملاء، وذلك عندما يُقرِّر خوض غمار تجربةٍ ما، أو عند الشروع في عمل قد يرتقي بمستواه العلمي أو الاقتصادي أو الوظيفي، إذ انَّ ردَّات الأفعال السلبيَّة قد تكون ناتجة عن استشارته لهم قبل البدء بالتجربة، وهنا قد يجد الفرد نفسه أمام طرفيّ نقيض، فقد يكون بعض هؤلاء مُحفِّزاً ومُشجِّعاً له، بينما قد يكون الآخرون من المُحبطين أو من أعداء النجاح الذين يضعون العراقيل أمامه، وهنا لابُدَّ من التفريق بين من يخافون علينا من الفشل والإخفاق وبين من يتعمَّدون فعل ذلك من باب الحقد والحسد والخوف من الوصول لمستواهم ورُبَّما التفوّق عليهم. أعباء إضافيَّة في البداية ذكرت "منال المرشد" -موظفة- أنَّ بداية الفشل تنطلق عادةً من الإحباط ذاته، مُضيفةً أنَّها كُلَّما عزمت على تنفيذ عملٍ ما أو الشروع في أيّ مهمة فإنَّها لاتجد مِمَّن حولها إلاَّ تكسير مجاديف الأمل لديها، مُوضحةً أنَّ البعض قد لا يتعمَّدون إحباط الشخص بالشكل الذي يشعر به ويعتقده، بيد أنَّهم قد لا يُشجِّعونه ويساندونه في أداء مُهمته خشية الإثقال عليه، إذ أنَّهم قد يرون أنَّه من الممكن أن يعتبر هذا التدخُّل من الأعباء الإضافية عليه وأمراً ثانوياً في سجل أُموره الحياتيَّة أو العمليَّة. كُلَّما زادت سعادة الموظف وتفاؤله واستبشاره كُلَّما زادت إنتاجيته وقدراته إحباط مستمر وبيَّنت "سمر الشلهوب" -طالبة جامعيَّة- أنَّه على الرُغم من الإحباط المستمر الذي يلاحقها بتأثيرٍ من بعض المُقرَّبين منها، إلاَّ أنَّها تحاول جاهدةً تطوير ذاتها والبحث عن المقوِّمات الأساسيَّة للنجاح من خارج أسرتها، إلى جانب مجازفتها في تنفيذ بعض المشروعات الصغيرة، مُضيفةً أنَّ بعض أفراد أُسرتها يحاولون الوقوف في طريقها لمنعها من تنفيذ هذه المشروعات؛ خوفاً عليها من العواقب السلبيَّة التي قد تنتج جرَّاء فشلها مُستقبلاً، مُشيرةً إلى أنَّ ذلك لم يمنعها من مواصلة خوض غمار تجربة الدخول في عدد من المشروعات التي تكون عواقب الفشل فيها محدودةً ولا تؤثِّر عليها أو على أحد من أفراد أُسرتها بشكلٍ كبير. تجارب شخصيَّة وأشارت "سهام المرضي" -موظفة- إلى أنَّه لابُّد أن يخوض الشخص عدداً من التجارب دون أن يستشير فيها أحداً من المُقرَّبين منه، وخاصَّةً أولئك الأفراد ذوي النظرة القاصرة والسلبية، مُضيفةً أنَّهم قد يجلبون الإحباط والفشل ويتسبَّبون في توقُّف الشخص عن التخطيط لمستقبله، مُوضحةً أنَّه من الممكن أن يتعرَّض الشخص للفشل في بدايات تجاربه تلك، بيد أنَّه قد يجد في طريقه من يأخذ بيده ويعينه مُستقبلاً وذلك بعد أن تنضج تلك التجارب وينضج معها تفكيره، مُشيرةً إلى أنَّه من الضروري أن يُقوِّي الفرد قلبه في هذه المواقف؛ لكي لا يؤثِّر عليه أحد عند اتخاذ بعض القرارات المُهمَّة في حياته، على أن يضع الهدف الأساسي من خوض التجربة نصب عينيه، وأن يستشير من هم أكثر قُدرةً على إفادته. أعداء النجاح وأوضح "سليمان السهلي" -موظف- أنَّ من يتعمَّدون إحباط غيرهم هم عادةً أشخاص لايرغبون أن ينجح الآخرون ويتفوَّقون عليهم، كما أنَّهم مِمَّن يخشون أن يصل غيرهم إلى المستوى التعليمي أو المهني الذي وصلوا إليه، وبالتالي يخافون أن يصل هؤلاء إلى مكانةٍ أعلى من المكانة التي وصلوا إليها، مُضيفاً أنَّ هؤلاء هم من أعداء النجاح وأُناس تغلغل الحسد في أنفسهم، مُشيراً إلى أنَّهم يحاولون دوماً الوقوف حجر عثرة في طريق الناجحين، وبالتالي فإنَّهم يبذلون مافي وسعهم لعرقلة خطواتهم على سلم النجاح والمجد. وأيَّده في ذلك "أسامه محمد" -طالب جامعي-، مُضيفاً أنَّ البعض لديهم هواية إحباط غيرهم، مُوضحاً أنَّهم يمتلكون وسائل إقناع لا مثيل لها، مُشيراً إلى أنَّهم يتعمَّدون عادةً تضخيم الأمور أمام من يُحاول استشارتهم في أمر من الأمور، بينما نجد أنَّهم قد ينجزون أعمالهم ويخوضون تجاربهم الشخصيَّة بهدوء، بل إنَّهم رُبَّما استفادوا من أفكار وتجارب الغير، مُستشهداً في ذلك بتعمُّد أحدهم عرقلة أحد أصدقائه عندما استشاره في خوض غمار تجربة الدخول في تنفيذ مشروعٍ تجاري، بينما خاض هو التجربة بنفسه بعد ذلك بعدَّة أشهر وحقق نجاحاً كبيراً مُستفيداً من فكرة صديقه. ولفتت "هناء السليمان" -طالبة جامعيَّة- إلى أنَّه من الضروري ألاَّ يستشير الفرد إلاَّ الأشخاص الذين هم على قدرٍ كبير من الخبرة، وأن يتجنَّب استشارة قليلي الخبرة حتى إن كانوا إخوته أو أصدقاءه، مُضيفةً أنَّه من الضروري أن يستشير الأشخاص الذين لهم باعٌ طويل في المجال الذي يسأل عنه، مُشيرةً إلى أنَّها تُفضِّل دائماً أن تكون الاستشارة من أشخاص خارج نطاق أُسرتها، شريطة أن يكونوا من المُقرِّبين منها. مقومات السعادة وقالت "د.هبه ناصر أحمد بدوي" -مُستشارة نفسيَّة-:"مِمِّا لاشكَّ فيه أنَّ الروح المعنوية العالية تُحسِّن من معدلات أداء الإنسان وطاقته ومجهوده الذهني والعقلي"، مُضيفةً أنَّه كُلَّما زادت سعادة الإنسان وتفاؤله واستبشاره كُلَّما زادت إنتاجيته وقدراته، مُشيرةً إلى أنَّ كُلَّ إنسان لديه المقومات التي تجعله سعيداً، بيد أنَّه قد لا يرغب في استخدامها أو أنَّه لا يعي حقيقة وجودها لديه، لافتةً إلى أنَّ هناك العديد من الأسباب التي تؤدِّي إلى إحباط الشخص سواء من داخل الأسرة أو خارجها، مُبيِّنةً أنَّه رُبَّما نبع حقدهم على الشخص الطموح نتيجة امتلاكه قدرات أعلى لم تكن موجودةً لدى هؤلاء، وبالتالي فإنَّهم يحاولون إحباطه حتى لا يتفوق عليهم، أو قد يكون ذلك نتيجة الخوف من نجاحه ووصوله للقمة أو لمراكز عليا، مؤكِّدةً على أنَّ الشخص المُحبط ليس لديه أيّ طموح أو أهداف أو آمال، وبالتالي فهو يحب أن يكون الآخرون مثله. وأضافت أنَّ الإحباط يُعدُّ من أخطر المشكلات التي قد يتعرَّض لها الإنسان بصورة مستمرة في حياته اليومية؛ لما له من تأثير سلبيّ على سلوكيَّاته بما يعوق تقدمه في مسيرة الحياة، مُوضحةً أنَّ الإحباط حالة شعوريَّة تطرأ على الشخص حتى يتعرَّض لضغوطٍ اجتماعيَّة أو نفسيَّةٍ لا يستطيع مواجهتها تُؤدِّي به للتوتُّر والاستسلام والشعور بالعجز وعدم الثقة بالنفس واستهانة المرء بدوره في الإسهام في خدمة وتقدُّم مجتمعه وأهميَّته في ذلك، مُقدِّمةً بعض النصائح التي قد تساعد في الحفاظ على الروح المعنويَّة حتى ينال الشخص التفوّق، ومن ذلك عدم التقليل من قيمة ذاته في نظر نفسه وذلك بمقارنة نفسه بالآخرين؛ لأنَّ البشر مُختلفون ولكُلِّ شخصٍ ما يُميّزه، إلى جانب عدم ترتيب الأهداف وفقاً لما يعتبره الآخرون مُهماً، وكذلك ضرورة تحكيم العقل في كل اختيار، وعدم التوقُّف عن العطاء والمُحاولة مهما تراكمت الأعباء والواجبات، إضافةً إلى عدم استبعاد تحقيق الأحلام الشخصية. وأشارت إلى أنَّ هناك عدَّة طرق لإبعاد الإحباط عن طريق الشخص، ومنها أساليب مباشرة وغير مباشرة، فمن الأساليب المباشرة أن يضاعف الإنسان جهوده في سبيل التغلُّب على العوائق، مِمَّا يمنحه القدرة والطاقة على تجاوز العقبات، مُضيفةً أنَّه من الضروري أن يختار الشخص طريقة أخرى للوصول للإشباع وذلك عندما يكتشف أنَّ الطريقة التي اتبعها لم تكن نافعة، مُوضحةً أنَّ عليه تغيير الهدف نفسه في حال فشل الطريقتين السابقتين، وعلى صعيد الأساليب غير المباشرة لفتت إلى أنَّه في حال فشل الطرق الثلاث المُستخدمة سابقاً قد تنتاب الإنسان حالة من القلق والتوتُّر؛ مِمَّا يُؤثِّر على سلوكه وتوافقه النفسيّ، وهنا قد يلجأ لحيل دفاعيَّة لا شعوريَّة تُساعده على خفض حِدَّة التوتُّر، مُبيِّنةً أنَّ هذه الطريقة تُسمِّى الحِيَل العقليَّة. وأكَّدت على أنَّ هناك عدَّة طرق للتخلُّص من الإحباط، ومنها اتّباع طريقة التنفيس أو التهدئة الذاتيَّة بأخذ شهيق عميق وزفير بطيء، والتحدُّث مع صديق أو إنسان مُقرَّب، مُضيفةً أنَّه في حال شعر الإنسان بالرغبة في البكاء فليفعل ذلك دون مُكابرة، إلى جانب الخروج إلى الأماكن العامة المفتوحة، وكذلك تدريب النفس على استيعاب المُشكلات اليوميَّة، باسترجاع التجارب المُشابهة التي مرَّت به وتغلَّب عليها وبالتالي يثق في قدرته على تخطي الأزمة، إضافةً إلى الاهتمام بالغذاء، ومجالسة المتفائلين، مُشيرةً إلى أنَّه لابُدَّ من اختيار الأشخاص المناسبين لاستشارتهم في أمور حياتنا والتخطيط لمستقبلنا، على أن يكونوا أشخاصاً محبين لنا فعلاً ومقربين مِنَّا ومِمَّن يتمنون لنا الخير والعلوّ ولا يحقدون علينا، مُشدِّدةً على أهميَّة أن يكونوا من ذوى الخبرة الذين نستفيد منهم، مع الابتعاد عن الأشخاص المُحبطين؛ لأنَّهم يرون الحياة سوداء، ولا يساعدون الشخص الطموح في تحقيق أحلامه وطموحاته. أفكار إيجابيَّة ولفتت "د.هبه بدوي" إلى أنَّ الأم والأب والإخوة يُحبّون الخير للابن، مُضيفةً أنَّهم إن قالوا له إنَّه سيفشل في الاختبارات أو أنَّه ليس أهلاً لعمل أو غيره، فإنَّه قد يعتبر كلماتهم تلك تحفيزاً وعوناً له، وبالتالي يسعى جاهداً في أن يُثبت لهم عكس ذلك ويُحوِّل أفكارهم السلبيَّة إلى إيجابيَّة، مُشدِّدةً على اختيار الفرد لشخص طموح يُحمّسه ويدفعه للأمام والتقدُّم والتفوّق، ويرفع من معنوياته وينتقده لمصلحته وليس هدماً لآماله وتحطيمه، مُشيرةً إلى أنَّ هناك عددا من الأُسس التي لابد أن يتّخذها الشخص للبُعد عن المُحبطين ويسير نحو التميُّز والعلوّ، ومنها تجنُّب الحديث مع الأشخاص المُحبطين؛ لكي يسلم منهم ومن أفكارهم المتشائمة، وأن يُقدم الإنسان على تحقيق أهدافه وطموحاته بعزم وإرادة.