ليس بعيدًا على نظام اعتاد انتهاك حقوق الإنسان، وطرد أبناء بلاده وسحب جنسياتهم، أطفالًا ونساء ورجالًا، دون أي اعتبار أو تفكير فيما سيواجهونه في غير أراضيهم ومنازلهم، أن ينتهك حقوق الأجانب على أرضه بدم بارد ودون حياء. بدماء وجثث مئات العمال الذين فقدوا حياتهم خلال بناء ملاعب المونديال، افتتحت إمارة الإرهاب أول استاد يشيد بالكامل لاستضافة مباريات كأس العالم 2022. وكانت قطر بدأت أعمال بناء استاد الوكرة عام 2014، ومنذ ذلك الحين دفع مئات العمال من مختلف أنحاء العالم أرواحهم في سبيل تحقيق حلم “تنظيم الحمدين” في استضافة مونديال 2022؛ مهما كان الثمن، دون مراعاة للظروف والقيم الإنسانية التي يجب أن يعمل فيها العمال حفاظا على أرواحهم. وخلال مدة بناء الاستاد وثقت العديد من التقارير الحقوقية الدولية انتهاكات تنظيم “الحمدين” بحق العمالة الأجنبية بشكل عام، وعمال المونديال بشكل خاص، أحدثها تقريران صدرا خلال الأسبوع الجاري. وفى الوقت الذي تحتفل فيه قطر بافتتاح الاستاد تعيش مئات الأسر حول العالم مآسي كبيرة بعد أن فقدوا عائلهم الوحيد، الذي سقط ضحية خلال عملية البناء. وهؤلاء الضحايا يمثلون العديد من الدول الأجنبية، منها نيبال والهند والفلبين وغيرها، وكانوا يعملون في ظروف غير إنسانية لتحقيق حلم “تنظيم الحمدين” استضافة مونديال 2022. وكانوا يعملون دائما في ظل درجات حرارة شديدة الارتفاع، ووسط ظروف عمل لا يتم فيها الالتزام بأي معايير سلامة أو أمان، وأجورهم نحو 6 دولارات يومياً. وكشفت دراسة مقارنة نشرها موقع “ذا سبورتس راش” الهندي، المتخصص في الشؤون الرياضية في مارس الماضي، عن أن الأرواح التي أزهقت في قطر استعدادا لكأس العالم وصل عددها إلى 1200 شخص، غير أن هناك حديثا عن أعداد أكبر من الرقم المذكور. وقالت الدراسة: إن أولمبياد سوتشي الشتوية التي سجلت نحو 60 حالة وفاة، كانت هي الأعلى بين البطولات الأخرى، غير أن الأرواح التي أزهقت في قطر استعدادا لكأس العالم أكثر ب26 ضعفا، وهو ما يعني أن ضحايا مونديال قطر الأكبر على مر التاريخ. وعن حجم تلك الانتهاكات، قال هانز كريستيان جابريلسن، زعيم الاتحاد النرويجي لنقابات العمال، في بيان: “إذا كنا سنقف دقيقة صمت لكل وفاة تقديرية لعامل مهاجر في أعمال إنشاءات كأس العالم في قطر، فإن أول 44 مباراة من البطولة ستلعب في صمت”. ويأتي افتتاح استاد الوكرة بعد يومين من كشف تقرير “مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان” عن بعض ممارسات النظام القطري المشينة في مجال حقوق الإنسان، والسجل الأسود لنظام “الحمدين” في مجال حقوق الإنسان عامة. والتقرير ناقشته أعمال الدورة ال33 للمفوضية، التي تستمر خلال الفترة من 7 إلى 17 مايو الحالي بجنيف. ولفت التقرير الأممي إلى تردي أوضاع العمالة الوافدة، ووفاة ألفي عامل نتيجة إنشاءات بطولة كأس العالم 2022، وهو رقم يزيد عن الرقم الذي أشارت إليه الدراسة المقارنة التي نشرها موقع “ذا سبورتس راش” الهندي، عن وفاة 1200 شخص، وهو ما يشير إلى حجم المأساة التي يعاني منها عمال المونديال. ويواجه العمال الوافدون المشاركون في أعمال بناء ملاعب كأس العالم 2022 انتهاكات لا تنقطع، تمثل صفحة شديدة السواد في سجل قطر الحقوقي، في ظل عدم اتخاذ إجراءات فعلية تحفظ لهم حقوقهم. وتواصل السلطات القطرية تجاهل المطالب العالمية والقوانين الدولية، فيما يخص تعاملها مع العمالة الأجنبية على أراضيها، التي تشكو أوضاعًا معيشية وخدمية وصحية قاسية، لا سيما آلاف منها تستغلهم الدوحة في بناء منشآتها الرياضية استعدادا لمونديال كرة القدم 2022. وبالتزامن مع التقرير الأممي، صدر تقرير حقوقي مصري بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في الدوحة تحت عنوان “قطر -إمارة اللاقانون”. وقال بيان صادر عن ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان في مصر: إن الملتقى أرسل للمجلس الدولي لحقوق الإنسان تقريرا عن انتهاكات حقوق الإنسان في الدوحة بعنوان ” قطر -إمارة اللاقانون”. وبين التقرير بأن العمالة الأجنبية المشاركة في بناء مباني واستادات كأس العالم 2022 تتعرض لانتهاكات جسيمة، وسوء في المعاملة، وصلت إلى حد الموت وعدم دفع الرواتب والتعويضات، وفقا لوصف التقرير. وكشف أن “ملاعب الموت القطرية يعمل بها عمال من نيبال والهند والفلبين لهم في ذمة شركة “مركوري مينا” الهندسية التي تشغلهم في قطر رواتب متأخرة قدرها 1700 يورو لكل منهم، مضيفا أن هذا المبلغ يمثل بالنسبة إلى بعض هؤلاء العمال راتب 10 أشهر. ورصد التقرير أنه خلال عام 2013 تحدثت السلطات الصحية عن 520 حالة وفاة لعمال، منهم 385 أو 74%، لقوا حتفهم لأسباب لم يتم شرحها، ولم يجب مسؤولو الصحة العامة القطريين على طلبات الحصول على معلومات عن العدد الإجمالي لوفيات العمال المهاجرين وأسبابها منذ عام 2012 .