في الوقت الذي يتواجد فيه رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو "الفيفا" في الدوحة، وهي الزيارة التي لم تتضح معالمها حتى الآن وأهدافها، فقد أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريراً صحافياً هاجمت فيه الحكومة القطرية، وتعاملها التعسفي والجائر تجاه العمالة القائمة بأعمال الإنشاءات لمونديال كأس العالم 2022، وتحت سؤال: كم قتلتم منذ عام 2012؟ استهلت المنظمة تقريرها عن الانتهاكات التي يواجهها العاملون على إنشاءات ملاعب ومرافق المونديال وقالت: "يتجاوز الأمر الأجور المتدنية والظروف السيئة التي تحاصر الآف العاملين على منشآت المونديال، بل أصبح الأمر أخطر فالموت المجاني قريب من كل العمالة هناك، ويجب على حكومة قطر أن تحقق في أسباب وفاة العمال المهاجرين وإذاعة بياناتهم بشكل منتظم بدلاً من التكتم عليها". وتسعى المنظمة منذ ثلاثة أعوام للحصول على قائمة الوفيات للعمالة في قطر لكن من دون جدوى، فمنذ أن ابتدأت الدوحة أعمال الإنشاءات والعديد من العمالة الوافدين يفقدون حياتهم -وفقاً لتأكيدات منظمات حقوقية- وسط صمت الحكومة القطرية. وتطالب مديرة قسم الشرق الأوسط داخل الإطار الإداري للمنظمة الحقوقية "سارة ليا ويتسن" بضرورة نشر المعلومات بشكل منتظم عن وفيات العمالة في قطر وقالت: "يجب التحقيق في أسباب الوفاة الذي ينتهي إليه مصير الكثير من العاملين في قطر لحماية صحة وحياة عمالة البناء هناك، ويجب كذلك تحديد ساعات عمل تحت درجات حرارة آمنة، وليس العمل على الساعة وهذه المطالب بإمكانية حكومة قطر القيام بها وسيكون عاملاً مساعداً لحماية مئات الآلاف من العمال". ويشير تقرير المنظمة إلى أن وفيات العمالة في قطر يتم نسبتها إلى السكتة القلبية وهو الأمر الملحوظ بشكل كبير وقال:" بسبب ذلك يجب على حكومة قطر إصلاح قوانينها لفرض التشريح أو الفحوص بعد الوفاة ولاسيما تلك الوفيات غير المتوقعة والمفاجئة، وأن تأمر بإجراء دراسة مستقلة حول العدد الكبير من الوفيات التي يتم نسبتها للسكتة القلبية دون اتباع الزعم بإجراءات قانونية لتبين ذلك". ونشرت المنظمة في ختام تقريرها أنه في عام 2013 اعترفت السلطات القطرية بوفاة 520 عاملاً من بنغلادش والهند ونيبال كان منهم 385 لأسباب لم يتم شرحها ولا إيضاحها وظلت حبيسة أدراج مسؤولي الصحة في قطر. وفي الجانب ذاته أصدر "المرصد الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان بياناً صحافياً طالب من خلاله السلطات القطرية بإجراء المزيد من الإصلاحات والمراجعات للتشريعات القانونية التي تنظم حقوق العمال الوافدين لقطر وتضمن لهم حقوقهم وقال: "التغيرات التي أعلنتها حكومة قطر مؤخراً بشأن العمال وحقوقهم ماتزال دون المطلوب وينبغي إجراء المزيد من التعديلات لتكون متوافقة مع حقوق الإنسان لاسيما الحقوق العمالية، ففي ظل ازدياد أعداد العمالة الأجنبية والتي تقدر بحوالي 1.7 مليون عامل فإن سلطات قطر مطالبة بالقيام بمزيد من الإصلاحات والمراجعات لتشريع قانوني يحمي حقوق العاملين فيها". وأكد المرصد "الأورومتوسطي" أنه رصد مخالفات عدة من أصحاب العمل والشركات القطرية للقانون المنظم للعمالة الأجنبية فيها والتي تتمثل بإجبار بعض العاملين على العمل القسري تحت أشعة الشمس بشكل يهدد حياتهم، وقال: "يجب على سلطات قطر أن توفر الضمانات اللازمة لتطبيق التشريعات المعدلة على أرض الواقع، وإلزام أصحاب العمل والشركات بتنفيذها وإيقاع العقوبات على المخالفين، واتخاذ إجراءات جدية حيال حالات الوفاة التي حصلت للعمال الوافدين على مدار السنوات الماضية". "مونديال الجثث" وعن وفيات العمالة داخل ملاعب قطر قال الكاتب الكندي كاثال كيلي في جزء من مقالته المنشورة بصحيفة "ذا حلوب آند ميل" الكندية: "نحن على بُعد خمسة أعوام من البطولة، لكن ما يحدث في قطر يرسخ في أذهان الناس أن كأس العالم 2022 سيكون هو الكأس الأول الذي يلعب فوق مقبرة أموات". وفي شأن متصل شهدت ولاية كيرلا الهندية اليومين الماضيين، تظاهرة شعبياً في شوارع الولاية الرئيسية، وذلك اعتراضاً على سياسات الدوحة في دعم وتمويل الإرهاب، كما شهدت المظاهرة الهندية احتجاجاً كبيراً على الانتهاكات التي تواجهها عمالة ملاعب ومنشآت مونديال 2022 في قطر، وطالب المتظاهرون من رئيس الوزراء "ناريندرا موديسرعة" التدخل واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية العمالة الهندية في قطر إذ يعمل الآلاف وسط ظروف قاسية واضطهادات متواصلة لإنشاء وتعمير ملاعب كأس العالم 2022 . وأمام هذا الصخب العالمي لما يواجهه العمالة داخل ملاعب قطر، تأتي زيارة "جياني إنفانتينو" المحاطة بكثير من الغموض والتكتم، لتثير أسئلة حول مستقبل المونديال في الدوحة، فأصوات المطالبات بات أعلى من السابق لسحب تنظيم البطولة من قطر لأسباب عديدة لعل أبرزها محاصرة الشكوك والشبهات للملف القطري، وكذلك تورط الدوحة بتمويل الإرهاب وأربابه، وأحد أهم الأسباب هو المعاناة التي تواجه العمالة المشاركة بأعمال الإنشاءات والبناء لملاعب ومرافق كأس العالم 2022، هذه الزيارة الغامضة والتي انتهت من دون أن يتم الكشف عما دار فيها، يؤكد أن المطالبات المتزايدة شكلت تأثيراً على الفيفا، وهذه الزيارة ربما تكون هي الخطوة الأولى غير المعلنة ل"الفيفا" لتجريد قطر من حق استضافة الحدث العالمي.