كشفت نتائج الانتخابات البلدية التي شهدتها تركيا مؤخرا واسفرت عن خسارة حزب العدالة والتنمية الذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حجم الديون والفساد الذي تعيشه تلك البلديات، ما ويوضح مدى تشبث النظام بعدم تسليم مقاليد الأمور للفائزين الجدد سيما في بلدية إسطنبول معقل أردوغان. اذ يواصل الرؤساء الجدد للبلديات بعد فوزهم بالانتخابات فضح المخالفات المالية التي عانت منها تلك البلديات خلال فترة سيطرة حزب الرئيس رجب طيب أردوغان عليها. ووفقاً لوسائل إعلام تركية، فقد أعلنت بديعة أوزغوكتشه ارتان، المنتمية لحزب “الشعوب الديمقراطي” الكردي، والفائزة مؤخرا برئاسة البلدية الكبرى لولاية “وان” (شرق)، عن وصول الديون المتراكمة على بلديتها إلى نحو مليار ونصف المليار ليرة. وجاء الكشف عن ديون البلدية خلال أول اجتماع لمجلسها برئاسة ارتان التي فازت بالمنصب بعد حصولها على 53.83% متفوقة على منافسها مرشح العدالة والتنمية نجدت تقوى الذي حصل على 40.51%. وأعربت رئيسة البلدية في كلمتها الافتتاحية للمجلس، عن استيائها من تعمد حكومة أردوغان إبعاد رؤساء البلديات الصغرى المنتخبين، واستبدالهم بآخرين معينين. وتابعت قائلة: “وفي الوقت الذي كانت فيه البلدية بعهدة رئيس وصي تم تعيينه من قبل أردوغان، نرأها اليوم مدانة بمليار ونصف المليار ليرة، وهذا رقم هائل تعمدت أن أكشف عنه علنا أمام الجميع ليكون كل شيء واضحا ودون لبس”. يشار إلى أن سلطات أردوغان كانت تقوم بعزل رؤساء البلديات المنتخبين، لا سيما في المناطق ذات الأغلبية الكردية، بدعوى أن لهم صلات بحزب العمال الكردستاني المصنف من قبل أنقرة ضمن قوائم التنظيمات الإرهابية، حيث كانت تقوم بعزلهم من مناصبهم بموجب مراسيم رئاسية دأب أردوغان على إصدارها خلال فترة الطوارئ التي أعلنت بالبلاد عقب المحاولة الانقلابية المزعومة عام 2016. بل لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد سمح لهؤلاء الأشخاص بخوض الانتخابات المحلية الأخيرة، وبعد حصولهم على المراكز الأولى تم حجب المنصب عنهم، بسبب أنه تم فصلهم من مناصبهم بموجب المراسيم الرئاسية، وتسليمه لأصحاب المركز الثاني، وهم في الغالب مرشحو العدالة والتنمية. وسبق أن أعلن مرشحون فائزون برئاسة عدد من البلديات أنهم فوجئوا عند تسلمهم مناصبهم بديون هائلة ورثوها عن سابقيهم من المنتمين لحزب أردوغان. وكشفت إحصائيات وزارة المالية التركية في شهر مارس الماضي أن الديون الخارجية للبلديات بلغت 3 مليارات و273.6 مليون دولار بدءا من سبتمبر 2018. وتتصدر بلدية إسطنبول البلديات في حجم الديون الخارجية بنحو 2 مليار و154 مليون دولار، بحسب العديد من وسائل الإعلام المحلية نقلا عن أرقام رسمية. وفي نهاية مارس الماضي، كشف تقرير رقابي صادر عن ديوان المحاسبة التركي عن فساد مهول في جميع إدارات البلديات التركية التابعة لحزب أردوغان تضمنت رشوة ومحسوبية وكسبا غير مشروع. وقال التقرير أن المجاملات ومحاباة الأصدقاء والأقارب في التوظيف تفشت في تلك البلديات، كما رصدت أشكال عديدة من أساليب الكسب غير المشروع، ومخالفة القانون الذي تحول إلى ممارسة معتادة في البلديات. ومن ضمن قائمة الملاحظات التي تم رصدها تشغيل بعض المنشآت الخدمية دون تصريح مجلس البلدية وغموض مصير إيراداتها.