أيام سعودية عراقية بامتياز، شهدتها الرياض ، جسدتها الإرادة السياسية في البلدين الشقيقين ، وترجمها حصاد بالغ الأهمية من التوافق والاتفاقيات التي دشنت مرحلة من التعاون الاستراتيجي الشامل على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية ، انطلاقا من المباحثات الهامة، التي أجراها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز – حفظهما الله – مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي ، لتعزيز العلاقات الأخوية المتميزة، وأوجه الشراكة الثنائية ، وتأكيد القيادة الحكيمة للبلدين لتعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين في شتى المجالات ، وتأكيد دولة رئيس الوزراء سعادته بزيارة المملكة، واهتمام بلاده بتطوير مجالات التعاون الثنائي. إن ثوابت النهج العروبي للمملكة، وما ينطلق عنها من مواقف كبيرة وصادقة تجاه العراق ، تؤكد الحرص على أن يظل عمقا عربيا له دوره وأهميته الاستراتيجية في الجسد العربي، الذي يتعرض لمحاولات تشظي خطيرة من جانب قوى اقليمية طامعة ، وأن الحاضنة العربية وتضامن الأمة هو الحصن المنيع ، وتمثل العلاقات السعودية العراقية وما بلغته من مراحل للشراكة رصيدا قويا للعمل المشترك، ودعما للعراق الشقيق في تطلعاته لمستقبل أفضل، ينشد فيه الاستقرار والبناء وإعادة الإعمار والتنمية ، والعراق قيادة وشعبا يدرك تماما أن المملكة هي خير داعم والسباقة دائما في هذه الأهداف الخيرة ، وقد أكد أن المملكة تمثل العمق الإسلامي والقوة في الشرق الأوسط والجار والشريك، الذي يحرص قادته على البقاء على التعاون والعلاقة المتميزة على مختلف الأصعدة. لقد جسدت المملكة والعراق هذه الثوابت المشتركة ، حيث رسمت الزيارة التي قام بها دولة رئيس الوزراء للمملكة تلبية لدعوة من خادم الحرمين الشريفين ، خارطة طريق للتعاون المشترك بآفاقه الرحبة نحو الشراكة الاستراتيجية التي تحقق مصالح البلدين والشعبين واستثمار الإرادة لقوة الأمة. إرادة تترجمها الاتفاقيات خلال الزيارة، شهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ودولة رئيس وزراء جمهورية العراق عادل عبدالمهدي، توقيع اتفاقية ومذكرات تفاهم وتعاون بين حكومتي البلدين، شملت مذكرة التفاهم في مجال المشاورات السياسية، ، وتوقيع برنامج اعتراف متبادل بشهادات المطابقة للمنتجات، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار، ومذكرة تفاهم للتعاون في المجال الزراعي ، ومذكرة تفاهم في مجال الصناعة والثروة المعدنية، وأخرى للتعاون في مجال النفط والغاز، وكذلك في مجال الطاقة الكهربائية، والنقل ، والتعاون العلمي والتعليمي والثقافي، ودراسة جدوى الربط الكهربائي. وبحضور الدكتور أحمد الخليفي؛ محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي “ساما”، والدكتور فؤاد محمد حسين نائب رئيس الوزراء وزير الماليةالعراقي، تم تدشين المصرف العراقي للتجارة في الرياض، مع تأكيد الدكتور الخليفي أن المصرف له دور مهم ضمن المصارف في العراق، وسيكون له تأثير في الأحداث التجارية الإيجابية والعلاقات المصرفية، معتبرا هذه الخطوة في الاتجاه الصحيح وذلك لبناء العلاقات التجارية مع المملكة، وأيضا دعوة المستثمرين من المملكة إلى العراق للاستثمار فيها، مشيرا إلى أن تلك المسائل تحتاج إلى تبادل مصرفي وعلاقات مسبقة، وهي بداية لتوسيع العلاقات بين البلدين في مجالات أخرى كثيرة. في نفس السياق، قال الدكتور فهد الشثري وكيل محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي للرقابة: إن مؤسسة النقد تعمل على تذليل كافة الصعاب لتحقيق ما تصبو إليه من توفير خدمات مصرفية متنوعة تخدم الاقتصاد الوطني وتعزز الشمول المالي وكذلك العلاقات الاقتصادية بين السعودية والدول الأخرى ، لافتا إلى أن افتتاح هذا الفرع يواكب مرحلة مهمة في المملكة من خلال برنامج تطوير القطاع المالي، الذي يستهدف إيجاد قطاع مالي مزدهر، يسهم في تحقيق أهداف “رؤية 2030″، وذلك من خلال تطوير قدرات المؤسسات المالية لدعم نمو القطاع الخاص، وتوفير الاحتياجات التمويلية وتقديم الحلول المالية المبتكرة. وأوضح أن القطاع المالي في السعودية يتسم بقدر كبير من الملاءة المالية والكفاءة التشغيلية والسيولة العالية، ويخضع لرقابة وإشراف فعال من قبل “ساما”. ومن المهام الحيوية للقطاع المالي ما تقدمه المصارف وشركات التمويل من تسهيلات ائتمانية للقطاعين الخاص والعام، التي شهدت نموا واضحا في السنوات الماضية. ولفت الدكتور الشثري إلى أن هذه العلاقة المتميزة قد توجت من خلال تأسيس مجلس التنسيق السعودي – العراقي الذي جاء تلبية لرغبة وتطلع قيادة البلدين، وقد تم من خلال اللجنة المالية المصرفية المنبثقة عن المجلس، عقد عدد من الزيارات واللقاءات التي تعد استكمالا لمسيرة العلاقات الاستراتيجية، ورافدا لآفاق جديدة من التعاون المشترك المثمر. وكانت الهيئة العامة للاستثمار قد استضافت بمقرها الرئيس بمدينة الرياض الوفد العراقي رفيع المستوى والمكون من أكثر من 70 رجل أعمال، يمثلون القطاع الخاص في جمهورية العراق الشقيقة، وذلك على هامش زيارة دولة رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي حاليا إلى المملكة. وجرى خلال اللقاء استعراض أهم التطورات التي تشهدها المملكة في المجال الاستثماري والاقتصادي، وأوجه التعاون وسبل تشجيع القطاع الخاص في البلدين الصديقين، إذ قدم الفريق التنفيذي في الهيئة عرضاً عن رؤية المملكة 2030، تلا ذلك شرح موجز عن الإجراءات والتسهيلات التي تقدمها الهيئة للشركات الراغبة في دخول السوق السعودية والاستثمار فيه، وإسهام القطاعات الواعدة في تنويع الاقتصاد، ودعم برنامج التحول الوطني 2020، وذلك بالتنسيق والتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة. المجلس التنسيقي وكان المجلس التنسيقي قد أنهى أعمال الدورة الثانية له في بغداد مؤخراً، حيث ترأس معالي وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي الجانب السعودي، ومعالي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير النفط الأستاذ ثامر الغضبان من الجانب العراقي؛ حيث شهد التباحث بشأن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وعددها (13) في مختلف المجالات، حيث تم توقيعها أثناء زيارة دولة رئيس الوزراء للمملكة. كما تضمنت أعمال الدورة الثانية افتتاح القنصلية السعودية في بغداد لتسهيل الحصول على التأشيرات التجارية، والاتفاق على أهمية استمرار العمل المشترك لتنمية التبادل التجاري وإزالة أي معوقات تواجه ذلك، كذلك الخروج بأولويات للمرحلة القادمة ضمن خطة محددة ذات معالم ومؤشرات قياس، والتي من شأنها تحقيق ما يصبو إليه قيادة وشعبا البلدين الشقيقين. بالإضافة إلى تمكين مساهمة القطاع الخاص من الجانبين بالمرحلة المقبلة ومناقشة تشكيل مجلس الأعمال المشترك من الجانب العراقي لبدء أعمال المجلس والخروج بخطة عمل من شأنها تمكين مساهمته في تحقيق الأهداف المرجوة منه. كما شهدت أعمال الدورة الثانية انعقاد اجتماعات للقطاع الخاص، وجاهزية أربع شركات سعودية كبرى لدخول السوق العراقي في عدد من القطاعات التي يستهدفها العراق، وهي: شركة أرامكو السعودية للاستثمار في مشروع لتجميع الغاز، شركة سابك للاستثمار في مشروع بناء مجمع بتروكيميائي، شركة معادن للاستثمار في مجال الفوسفات والأسمدة والألمنيوم، شركة أكوا باور للاستثمار في مشروع للربط الكهربائي ومشروعات الطاقة المتجددة.