أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رئيس القمة العربية في دورتها التاسعة والعشرين رئيس وفد المملكة ، في كلمته الافتتاحية للدورة الثلاثين ، أن القضية الفلسطينية على رأس اهتمامات المملكة حتى يحصل الشعب الفلسطيني على جميع حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدسالشرقية، استناداً إلى القرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. وأعرب – حفظه الله – عن شكره وتقديره لفخامة الأخ الرئيس الباجي قايد السبسي على استضافة تونس لهذه القمة وحسن الاستقبال وكرم الضيافة ، والشكر للأشقاء في الدول العربية والأمانة العامة على تعاونهم مع المملكة التي حرصت على دفع مسيرة العمل العربي المشترك خلال رئاستها للقمة العربية لتحقيق تطلعات الشعوب. وقال خادم الحرمين الشريفين :نجدد التأكيد على رفضنا القاطع لأي إجراءات من شأنها المساس بالسيادة السورية على الجولان، ونؤكد على أهمية التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يضمن أمن سوريا ووحدتها وسيادتها، ومنع التدخل الأجنبي، وذلك وفقاً لإعلان جنيف ( 1 ) وقرار مجلس الأمن ( 2254 ) . وفي الشأن اليمني، قال الملك سلمان بن عبد العزيز: نؤكد دعمنا لجهود الأممالمتحدة للوصول إلى حل سياسي وفق المرجعيات الثلاث، ونطالب المجتمع الدولي إلزام المليشيات الحوثية المدعومة من إيران بوقف ممارساتها العدوانية التي تسببت في معاناة الشعب اليمني وتهديد أمن واستقرار المنطقة ، وستستمر المملكة بحول الله في تنفيذ برامجها للمساعدات الإنسانية والتنموية لتخفيف معاناة الشعب اليمني العزيز . وفيما يتعلق بالأزمة الليبية أكد الملك المفدى حرص المملكة على وحدة ليبيا وسلامة أراضيها، ودعم جهود الأممالمتحدة للوصول إلى حل سياسي يحقق أمن ليبيا واستقرارها والقضاء على الإرهاب الذي يهددها . كما تواصل المملكة دعمها للجهود الرامية لمكافحة الإرهاب والتطرف على كافة المستويات، وإن العمل الإرهابي الذي استهدف مسجدين في نيوزيلندا، يؤكد أن الإرهاب لا يرتبط بدين أو عرق أو وطن . وقال خادم الحرمين الشريفين أن السياسات العدوانية للنظام الإيراني انتهاك صارخ لكافة المواثيق والمبادئ الدولية، وعلى المجتمع الدولي القيام بمسؤولياته تجاه مواجهة تلك السياسات ووقف دعم النظام الإيراني للإرهاب في العالم . وأعرب – حفظه الله- في ختام كلمته عن التفاؤل بمستقبل واعد يحقق آمال شعوب الأمة في الرفعة والريادة رغم التحديات داعيا الله العلي القدير أن يكلل أعمال القمة بالنجاح والتوفيق. بعد ذلك سلّم خادم الحرمين الشريفين رئاسة القمة الحالية لفخامة الرئيس الباجي قايد السبسي رئيس الجمهورية التونسية. العزم والتضامن وكانت القمة الثلاثون لقادة دول العالم العربي قد التأمت يوم أمس في تونس بحضور الملوك والامراء والرؤساء ووممثلين لمنظمات عالمية على رأسها المنظمة الأممية التي مثلها أمينها العام غوتيريس في اجتماع القمة قبل أن يلتقي مساء أمس الاول قيادات عربية ويحل ضيفاً على عشاء اقامه أمين عام جامعة الدول العربية وجرى خلاله طرح العديد من قضايا وهموم المنطقة. مصادر "البلاد" اشارت الى أن الأمين العام للأمم المتحدة قوبل بعاصفة من الاحتجاجات التي بلغت حدود الغضب جراء ما سمي فتور بالتعامل مع قضايا المنطقة من قبل المنظمة الدولية في ظل المستجدات الاخيرة فيما يتعلق بالجولات العربية.. وقبل هذا قضية فلسطين وتطاول الاحتلال الاسرائيلي. قمة تونس المسبوقة بزيارة تاريخية هامة لخادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- حيث حظيت تلك الزيارة باهتمام بالغ عربي ومحلي وتمخضت عن شراكات وتفاهمات تصب في مجملها لتحقيق تطلعات المملكة العربية السعودية الرامية للنهوض بالعمل العربي المشترك وتنمية كافة الاقطار العربية ورعاية الأمة. وتجسد كل هذا بالاستقبال والحفاوة وارتفاع صور خادم الحرمين واعلام المملكة في كافة أرجاء تونس والسرور الذي عم أبناء تونس الشقيقة. وألقى فخامة الرئيس الباجي قايد السبسي رئيس الجمهورية التونسية رئيس القمة العربية في دورتها العادية الثلاثين التي تعقد في تونس كلمة رحب فيها بأصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الدول العربية ورؤساء الوفود المشاركة ومعالي الأمين العام لجامعة الدول العربية. وتوجه فخامته بأسمى عبارات الشّكر والتّقدير إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله -، على رئاسته المُوّفقة والحكيمة للقمة العربية في دورتها التاسعة والعشرين، وما قامت به المملكة العربية السعودية من جهود ومبادرات مُقَدّرَة لخدمة القضايا العربية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الأمة. واقترح فخامة الرئيس التونسي، بأن تنعقد القمة العربية في دورتها ال 30 تحت شعار "قمة العزم والتضامن". وقال في الكلمة الافتتاحية لأعمال القمة ال 30، التي تُنظم اليوم بقصر المؤتمرات بالعاصمة: "علينا العمل على استعادة زمام المبادرة في معالجة أوضاعنا بأيدينا" وهو ما يستدعي تجاوز الخلافات، وتنقية الأجواء العربية، وتمتين أواصر التضامن الفعلي بيننا. وأضاف: إن التحديات والتهديدات التي تواجهها المنطقة العربية، أكبر من أن نتصدى لها فرادى، قائلًا: إنه لا خيار للدول العربية غير التآزر وتعزيز الثقة والتعاون بينها. ودعا رئيس الجمهورية التونسي إلى "وقفة متأنية وحازمة لتحديد أسباب الوهن ومواطن الخلل في عملنا العربي المشترك، بما يمكننا من توحيد رؤانا وبلورة تقييم جماعي للمخاطر والتحديات، وإعادة ترتيب الأولويات على قاعدة الأهم قبل المهم". وشدد على أن البعد العربي يمثل أهم الثوابت الأساسية في سياسة تونس الخارجية، التي حرصت على تعزيزه في علاقاتها وتحركاتها على مختلف الأصعدة. وعبر القائد السبسي عن الثقة بأن تحسين أوضاع الأمة والارتقاء بها إلى المكانة التي هي بها جديرة، يظل ممكنًا مهمًا استعصت الأزمات وتعقدت الأوضاع. وأشار إلى أن الوطن العربي لا تعوزه آليات العمل المشترك، ولا الموارد البشرية والمادية ولا عناصر الوحدة والتكامل غير أنه ظل رهين أوضاع دقيقة وقضايا لم تجد بعد طريقها نحو التسوية، بل ما فتئت تتفاقم لتثقل كاهل البلدان وتستنزف مقدرات الشعوب سياسيًا وأمنيًا وإنسانيًا وتنمويًا. وشدد على أنه من غير المقبول أن يتواصل الوضع على ما هو عليه، وأن تستمر المنطقة العربية في صدارة مؤشرات بؤر التوتر واللاجئين والمآسي الإنسانية والإرهاب وتعطل التنمية وأن تدار قضايانا العربية، المرتبطة مباشرة بالأمن القومي، خارج أطر العمل العربي المشترك. وجدد في ختام كلمته الترحيب بقادة الدول العربية ورؤساء الوفود المشاركين في القمة، متمنيًا أن تخرج هذه القمة بتوصيات من شأنها أن تعود بالنفع والخير على الأمتين العربية والإسلامية. تحديات الأمن العربي من جانبه عبر معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن عميق التقدير لما قام به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله من جهود مشهودة، وما قامت به المملكة العربية السعودية تحت قيادته الحكيمة من اتصالات وإجراءت خلال عام القمة العربية التاسعة والعشرين في مختلف القضايا والأزمات العربية التي واجهتها أمتنا. وأكد معاليه أن هذه القمة تنعقد والمنطقة العربية تسير على خيط مشدود تتشبث شعوبها بأهداب الأمل والرجاء وترفض الإنجراف إلى اليأس عارفة بأن مكانة هذه المنطقة ودورها في صناعة الحضارة يؤهلانها لمكان أفضل مما هي عليه اليوم. وقال معاليه : " ما زالت بعض دولنا تنزف، وبعض أبنائنا يُكابدون مرارات الصراع وآلام التشريد في سوريا واليمن وليبيا وهي بعض من أعز الحواضر وأغلى المدن العربية على نفوسنا، لا زالت تعيش في ظلال الخوف، وتحت تهديد الميليشيات والجماعات الطائفية والعصابات الإرهابية، وجميعنا يعرف أن الحلول السياسية هي الكفيلة وحدها في نهاية المطاف بإنهاء النزاعات وجلب الاستقرار فلا غالب في الحروب الأهلية، وإنما الكل مغلوب، المهزوم مغلوب والمنتصر مغلوب". وتطرق معاليه إلى التحديات التي يتعرض لها الأمن القومي العربي خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أن هذه التهديدات سواء تلك التي تنهش المجتمعات من داخلها وعلى رأسها الإرهاب، وانتشار التشكيلات المُسلحة خارج سيطرة الدولة، أو تلك التي تتربص بها من خارجها، وفي مقدمتها اجتراء بعض قوى الإقليم على الدول العربية، أو نكبة الاحتلال الإسرائيلي المستمرة منذ سبعة عقود وتزيد، تُنبه إلى ضرورة أن تتحد جميع الدول العربية في رؤيتها وتتفق على أن الأمن القومي العربي وحدة مترابطة، وقضية كبرى هي صون الدولة الوطنية وصون استقلالها ووحدتها، وحفظ تكامل ترابها وسيادتها، والدفاع عن حق شعوبها في العيش الآمن الحر الكريم. ومضى معاليه يقول : " إن ما يتهدد أمن العرب في أقصى المشرق ليس بعيداً عما يواجههم في القلب أو في أقصى المغرب والعكس صحيح، فالتهديدات واحدة، وكذا ينبغي أن تكون الاستجابة ". وأشار معاليه إلى أن الحاجة تشتد اليوم أكثر من أي وقت مضى لمفهوم جامع للأمن القومي العربي، يتم العمل في إطاره و الاستقواء بالمظلة العربية في مواجهة اجتراءات بعض جيراننا،والتدخلات الأجنبية في الشؤون العربية". وأكد معاليه أن التدخلات من أطراف إقليمية وخاصة إيران وتركيا فاقمت من تعقد الأزمات وأدت إلى استطالتها، بل واستعصائها على الحل، ثم خلقت أزمات ومشكلات جديدة على هامش المعضلات الأصلية، معبراً عن الرفض لهذه التدخلات كافة وما تحمله من أطماع ومخططات. وتابع معاليه :" ونقول بعبارة واضحة إن ظرف الأزمة هو حال مؤقتة، وعارض سيزول طال الزمن أم قصر، أما التعدي على التكامل الإقليمي للدول العربية ووحدتها الترابية فهو أمر مرفوض عربياً". وانتقد معاليه الإعلان الأمريكي الأخير بخصوص ضم الجولان السوري إلى إسرائيل، عادّاً الإعلان مناقض للأعراف القانونية المستقرة كافة، بل ولأسس النظام الدولي الراسخة، ويمنح المحتل الإسرائيلي شرعنة لاحتلاله لأرض عربية في الجولان السوري، مؤكداً في ذات السياق أن الجولان هي أرض سورية محتلة بواقع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن. كما أدان مواقف الإدارة الأمريكية الأخيرة التي تُشجع الاحتلال على المضي قدماً في نهج العربدة والاجتراء، وتبعث بالرسالة الخطأ للشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية، والتضييق المالي والسياسي على المؤسسات الفلسطينية، وخنق وكالة "الأونروا" التي تُعالج مأساة اللاجئين . وعبر معالي الأمين العام عن الإيمان بأن العمل العربي المشترك ولو في حده الأدنى يظل طوق نجاة وسط هذه الأنواء العاصفة . وشدد معاليه على أن الجامعة العربية تظل العنوان الأبرز والرمز الأبقى لكل ما يجمع العرب وما يوحد كلمتهم ويُسمع الاخرين صوتهم الجماعي حيال القضايا كافة التي تتعلق بمصيرهم ومستقبلهم، معبراً عن الثقة في القادة العرب وحرصهم على دور الجامعة وزيادة تفعيلها.