على ربى تلك الضاحية.. وعلى هدير شلالات الأحلام الطاغية.. وعلى إبراق سنا قوس قزح .. بعد هطول الأمطار الندية.. بغيثها المنعش.. الذي يروي الروح والبدن.. ويغذي العقل والجسد..ويزيل غشاوة الأحداق الذابلة..الهائمة في أودية لا نهاية لها.. تتحدث الروح .. بكبرياء..وخنوع. وعلى تقلبات الصفحات الساكنة..تحت نسيم ليل.. لطيف..هادئ.. وعلى ضوء أباجورة .. قديمة..بالية. قد شح ضوؤها..وسرق منها نضارتها .. وتألقها .. يحلو لليراع .. البوح.. والعبث!. وفي ساحات البر..الشاسعة..الرحبة..يسرقك بروز جبالها..وارتفاعها المثير المدهش..تحلو للنفس في وسط أحضانه..الصعود..والركود.. بجانب جلمود صخر..ثابت .. يتسامق عالياً.. بحثاً عن الشموخ..والعلو.. حينها يكون للضياع.. والثورة .. والتشتت..والتعمق المجنون!..وإرهاق العقل.. والفكر.. والقلب.. ومعهما الصداع المؤقت..المصاحب لهما .. شيئاً جميلاً..وممتعاً.. ورائعاً! حين تكون النفس تعمقت الجنون فعلاً.. واختارت الفلسفة.. الناعمة.. طريقها.. ومتعتها القرائية المفضلة!..الفلسفة.. التي تُلقي بك في فيافي صحراء ظاهرها الوحشة، والرهبة، والحرارة المؤلمة.. المحرقة..وباطنها..البرودة ، والألفة، والمتعة..تُلقي بك هناك.. لكي تبحث عن ذاتك.. وفكرك .. ومفتاح الوصول إلى مرادك..! لا من خلال الخروج.. والهروب المتلهف من الصحراء.. بل من خلال .. التعمق فيها!.. ودفن الرأس - بكل ما يحمله من جنون وفكر وابحار رحب بعيد - في أعماق.. أعماق رمالها الذهبية .. الدافئة..! تفعل كل هذا .. لتجد متعتك المنشودة.. في سطور فلسفية مجنونة!.. تحاور عقلك.. وفكرك.. وذهنك..وجنانك!.. وتسيّر السفن العظام.. والمراكب الصغيرة.. في بحر فكرك.. حتى تصل بك الى مرساها المراد..مرساها الذي يجب أن تضع قوامها عليه.. لتستقر بثقلها العظيم.. وبرشاقة أبنائها الصغار..نحو نهاية البداية.. بعد أن اختارتها لتكون نقطة البداية..لنهاية..موفقة.. سالمة!.. فيا لشقاء النفس والروح!..بهذا الجنون المدادي العميق..الذي يفتح لك نوافذ الدنيا.. لترى فتات خبزها.. وشموخ كعكها اللذيذ.. المتعالي.! شوق محمد عبدالحميد العرماني - المدينة المنورة