لطالما كانت العلاقة بين قطر وإسرائيل علاقة دافئة قائمة على أساس المصالح المشتركة وممتدة عبر التاريخ، ويبدو أن التحركات المشبوهة التي تقوم بها الدوحة في قطاع غزة والأيادي التي تمتد لدفع القضية الفلسطينية إلى المجهول، لا تزال مستمرة. فما يزال المال القطري يلعب دورا كبيرا في تكريس الانقسام الفلسطيني بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، وهو ما تعتبره إسرائيل “الإنجاز الأكبر” لتعزيز الفرقة بين الفلسطينيين برعاية قطرية. وسمحت إسرائيل قبل أيام بدخول دفعة ثالثة إلى قطاع غزة من المال القطري المخصص لحماس، من دون التنسيق مع السلطة الفلسطينية، التي اعتبرت الخطوة تعزيزا للانقسام والابتعاد بغزة أكثر فأكثر نحو المجهول. ونقلت وسائل إعلام إسرائيل، قبل يومين، عن مسؤول في الحكومة الإسرائيلية، قوله إن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو تمكنت من تحقيق “إنجاز كبير” في فصل القطاع الضفة من خلال السماح بإدخال الأموال القطرية إلى غزة. وأضاف المسؤول : “نجحنا في فصل غزة عن الضفة الغربية، وهذا إنجاز كبير. لم يعد أبو مازن صاحب القرار في غزة”. وأشار المسؤول إلى أن “السلطة الفلسطينية كانت ترفض منذ توقيع اتفاق أوسلو في العام 1993 أية رقابة إسرائيلية على الأموال المنقولة إلى قطاع غزة، وأن إسرائيل أصحبت الآن تراقب كل دولار يدخل إلى القطاع”. لكن دخول قطر على خط الأزمة بين السلطة وحماس، منذ انقلاب الأخيرة على الشرعية في يونيو 2007، جعل يد إسرائيل العليا في تقرير مصير قطاع غزة من الناحية المالية، بمساعدة من الدوحة. وتعتبر السلطة الفلسطينية التحركات القطرية في قطاع غزة تجاوزا لها، ومحاولة من الدوحة للتدخل في الشؤون الفلسطينية، فضلا عن أن هذه التحركات تعمق الانقسام بين الضفة وغزة، وتعزز الانقسام بين حماس وفتح. ولا شك أن مد قطر لحبل الود مع إسرائيل، يساهم بطريقة مباشرة في سلخ القطاع عن الضفة رويدا رويدا، مما يصب في نهاية المطاف في مصلحة إسرائيل.