لكل إنسان في الحياة (هواية) تلازمه منذ صغره، وتظل مواكبة لمسيرة حياته. والهواية التي (عشقتها) ولازمتني صغيراً هي (القراءة) وقد عانيت في سبيلها (مادياً) ما جعلها تستحوذ – أحياناً – على مصاريف البيت.. وكنت أنا وأم العيال في أخذ ورد بالنسبة لاقتناء الكتب، فهي ترى أنني أسرف في شرائها، مما يضر بمصروف البيت، وكنت أحاول إقناعها بأن الكتب وسيلة داعمة لتنمية المواهب وتغذية العقول وتنوير الأفكار، فتقتنع تارة، وتعارض تارة أخرى.. خاصة إذا رأتني أحمل بعضاً من الكتب وأكاد أخفيها عنها احتراماً لمشاعرها ؟ وكنت وبعض زملائي المهتمين بالكتب والكتابة نتنافس في شراء الكتب رغم قلة مواردنا؟ واستمرار البحث عن الكتب ذات الصلة بهواياتنا ولا نجدها أحياناً وإذا وجدت كانت بأسعار عالية ولا مجال لاستعارتها؟ وكانت توجد مكتبة في وسط سوق الطائف يطلق عليها (مكتبة السيد) تعنى ببيع وشراء الكتب القديمة والمستعملة، وكنا نتردد عليها فنجد فيها – أحياناً – ضالتنا من الكتب القديمة والمستعملة بأسعار مناسبة. وقد كونت مكتبة صغيرة بداري ، مثلي مثل غيري من هواة القراءة احتوت على عدد لا بأس به من الكتب الأدبية وما له علاقة بشؤونها إضافة إلى ما يهدى إليّ من كتب ودوريات أقضي فيها بعض الوقت (قارئاً وباحثاً) فأجد في ذلك راحة ومتعة وفائدة فكرية واستثمار الوقت فيما يفيد وخاصة في مرحلة التقاعد ذلك الرفيق الأنيس وصدق المتنبي : أعز مكان في الدنا سرج سابح وخير جليس في الأنام كتاب وقد احتجت ذات مرة إلى كتاب قديم لم أجده في المكتبات فسألت السيد صاحب المكتبة المشار إليها آنفاً، فقال لي لا يوجد لديه وأنه رأى مجموعة كتب قديمة عند شخص في حراج الخردة اذهب إليه وفتش فيها ربما عثرت على مطلوبك؟ فسارعت إليه ووجدت بعض الكتب القديمة لا يخلو بعضها من تمزيق وعبث ومنها ضالتي.. وتحت وطأة الحاجة اشتريته رغم – ارتفاع سعره – وتمزق بعض صفحاته. هذه واحدة من معاناة اقتناء الكتب والبحث عنها في حياة عاشق القراءة والكتابة وصدق القائل : لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها وجملة القول فقد عوضتني هذه الهواية عن أشياء كثيرة في حياتي فهي مدرسة كبيرة جامعة لكل الثقافات والعلوم والمعارف والآداب تخرّج فيها العديد من أساطين القول وجهابذة الفكر ورواد المعرفة وهي بمثابة النهر الجاري الذي لا ينضب معينه بالنسبة لعاشقيها .. وبالله التوفيق،، [email protected]