* لست من الذين يقرأون الكف ولا أحب هذه الحكاية، غير أنني كنت أتوقع فوز الشباب بكأس الأبطال، منذ منتصف مرحلة التأهل لهذه البطولة، وكنت اقول في نفسي أن الشباب سيقصي الهلال، وأن الاتحاد سيبعد الحزم ويلتقيان على النهائي، وسيفوز الشباب، وبنتيجة كبيرة، وربما اعلنت ذلك لعدد من الزملاء منذ وقت مبكر، ومن بينهم أصدقائي من الاتحاديين، الذين كانوا يسخرون من توقعاتي المبكرة، ويصرون على أن الاتحاد سيكسب وبشكل شبه مضمون!! * لكن الرياح جاءت بما لا تشتهي سفن أنصار اخواننا محبي الاتحاد، بل كانت الريح عاصفة، والنتيجة مذهلة حتى العظم، فقد جاءت «أربعة» نظيفة مع الرأفة، ولو استثمر هجوم الشباب فرصة تفكك أوصال دفاع الاتحاد، فلربما كانت النتيجة تاريخية وقياسية ومذلة!! * الغريب أن عدد من لاعبينا عموما لم يفهم تماما ثقافة الاحتراف، ومن هؤلاء عدد من لاعبي الاتحاد الذين فقدوا أعصابهم بعد هدف الشباب الثاني الذي سجله المتألق ناصر الشمراني، فتفرغوا للخشونة والانبراشات، ومحاولة اصابة لاعبي الفريق المنافس، لكن حكم المباراة هذه المرة «عينه مفتحة» فنفذ القانون كما يجب وطرد لاعبين من الاتحاد، فازداد الطين بلة!! * ثقافة الاحتراف أن «تلعب صح» أي بدون خشونة، وبلا عصبية، مهما ولج في مرماك من أهداف لأنك بالهدوء والاداء الصحيح، أما أن تقلص الفارق أو تصل إلى التعادل، وقد تقلب النتيجة، وكم هي المرات التي حدثت في كرة القدم أن عاد هذا الفريق أو ذاك إلى أجواء المباراة، لمجرد أنه تعامل مع المباراة باحترافية خالصة. * المشكلة الثانية عند الاتحاد، أنه يرى في النجم الدولي الكبير «محمد نور» أنه الاتحاد كاملاً، أو 90% من الفريق، وهذا خطأ كبير.. طيب أفرض أن محمد نور أصيب لا سمح الله أو ابتعد عن الكرة نهائياً، فهل يعني هذا نهاية الاتحاد؟!! مثل هذا العامل النفسي يجب أن يعيه الاتحاد إدارة ولاعبين وجمهور. * لوحظ على الاتحاد أنه تراخى بنسبة 50% بعد حصوله على درع الدوري، وربما كان الهاجس النفسي للاتحاد أن ينتزع البطولة الأولى لدوري المحترفين، وأن يكون الهلال منافسه الأكبر في السنوات الاخيرة ثانياً بعده في الترتيب، وعندما تحقق هذا الهدف، أصيب الفريق الاتحادي بحالة مذهلة من التراخي التي لاحظها معظم نقاد الكرة. * في أدبيات كرة القدم لا يوجد فريق يفوز دائماً، و»يكوش» على كل البطولات أبداً.. ولكن من أدبيات الكرة، أنك كبطل للدوري قبل أيام قليلة، لا يمكن أن تخسر مباراة نهائية ب «أربعة» نظيفة، وب «طرد لاعبين اثنين» بينهما حارس المرمى، وبأداء باهت، تتخلله الخشونة والانبراشات الخطرة. * لا أحد يدري عن مصداقية جاهزية الكابتن محمد نور للمباراة الختامية، حتى وإن أعلن اللاعب أنه جاهز، فالمدرب هو الفيصل وصاحب القرار الأول والأخير، والسيد كالديرون قدم عمل ممتاز مع الاتحاد وخسارة نهائي الابطال ليس مسؤوليته 100%.. نعم قد يكون له اجتهادات خاطئة، لكنه لا يمكن أن يصنع العقل الاحترافي للاعبين ما لم تساعده الادارة على ذلك، ويساعده اللاعبون أنفسهم، والمباراة - أي مباراة- تحكمها ظروف لا أحد يعرفها، واللاعب المحترف هو الذي يدير المباراة على ضوء متغيرات أحداثها، ولاعبو الاتحاد اخطأوا تماماً في التعامل مع احداث النهائي، عندما ظهرت عليهم علامات عدم السيطرة على اعصابهم. * في المقابل أكد الشباب علو كعبه، وأثبت لاعبوه أنهم أكثر الماماً بثقافة الاحتراف، فقد تجاوزوا أولاً صدمة ضياع ضربة الجزاء، وواصلوا تكثيف هجومهم الضاغط والعاصف على الاتحاد منذ بداية اللقاء وادركوا أن احراز الهدف الأول في المباراة مهم نفسياً ومؤلم للفريق المنافس، وخلقوا حالة من الارتباك في صفوف دفاعات الاتحاد، الذي يعتبر الحلقة الأضعف في الفريق الاتحادي هذا الموسم!! * أظن أن ادارة الاتحاد تتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى، ثم اللاعبون الذين لم يقدموا شكلاً مشرفاً لبطل دوري المحترفين، من حيث الأداء والانضباط التكتيكي، والتعامل مع مجريات ومتغيرات المباراة، بحكم أن أكثرهم دوليون، ثم إن كان هناك سبب ثالث فقد يكون السيد كالديرون.. أما أن تنقلب موازين تقييم سبب الخسارة، وتكون في رقة الارجنتيني لوحده ، فهذا ما لا يمكن أن يهضمه أي انسان يفهم «ألف باء» في كرة القدم. [email protected]