الملفت في أزمة قطر الأخيرة أنها أبانت بما لا يدع مجالاً للشك للعالم مدى شراسة المغرد السعودي تجاه وطنه وأمن مجتمعه ، وذلك بعد أن اعتاد المتابع في كل مكان وخاصة في العالم العربي على أن السعودي ( سواء على مستوى القيادات أو المؤسسات أو على مستوى الأفراد ) ذو خط انفعالي هادئ ورصين أثناء التعاطي مع كل حدث أو أزمة وإن كان ذلك الحدث أو تلك الأزمة مهددة بشكل صريح للوطن أو داعية لزعزعة الاستقرار والأمن داخله ، لكن ما أن شعر السعوديون المتسيدون لمنصة تويتر حسب الإحصاءات الأخيرة بأن من يفترض أنه أخ لهم يبطن من الغدر ما لا يظهره بالأدلة والإثباتات خلع شماغ الرصانة والهدوء ؛ واعتمر من فوره سيف الحمية وزهاب الوطنية ، كتاب ومثقفون ورسامون وصحفيون وشباب عاديون ليس لديهم من سلاح سوى 140 حرفاً على تويتر ، الأمر الذي لم تكن قناة الجزيرة قد أعدت له أية عدة ، متصورة أن المتلقي السعودي كغيره من المتلقين في دول ما قبل الخراب العربي ، تنطلي عليهم تقنيات الإبهار والجاذبية والتي تستخدمها الجزيرة لمواراة التزييف والكذب والتضليل ، وهي لم تعلم أنها وقعت تحت براثن شعب مهووس بالبحث والتحري ، متعطش للغوص فيما وراء الكواليس ، فحاصروها من كل اتجاه وصوب بالأدلة الدامغة ، يغرفون من أرشيفها المنسي ، ومن تغطياتها المفبركة ويواجهونها بها ، حتى حيلها في التزييف فضحوها للعالم بالصوت والصورة ، ما دفع بالمتعاطفين والعاملين في تلك القناة إلي تصنيع وتخليق حسابات وهمية بالآلاف كلها تردد ذات التغريدة وذات النبرة ، حتى الخطأ تكرره ذاته بدون وعي أو تصحيح ، ولما عرفت أن هذا أيضاً لا جدوى منه اضطرت للعودة للخلف وحذف بعض تغريداتها في سابقة هي الأولى في تاريخ تويتر !! ( حساب رسمي لمؤسسة إعلامية يحذف خبراً منشوراً بعد افتضاح الكذب فيه ) بل وفي بعض الأحيان عمدت إلي التغريد بالعموميات والمثل والقيم وكأنها في تطبيق للمراسلات الجماعية ( واتساب ) لا حساب رسمي لقناة إخبارية عالمية ، لقد أصابها المغردون السعوديون في مقتل ، وبدا عليها أمام مرأى من جميع عشاقها ومتابعيها أنها سقطت في دوامة الارتباك لدرجة أن كثيراً من النقاد أظهروا شفقتهم عليها متسائلين بدهشة !! أين هي تلك القناة التي ملأت الأرض ضجيجاً بشعارات الرأي والرأي الآخر؟ أين الاستقلالية ونغمة المهنية ؟ كيف تحولت فجأة من الفعل والتأثير إلي ردة الفعل والتأثر!!!؟ لا أعتقد أن هذه القناة والعاملين فيها سيتناسون ما أحدثته بهم هذه الأزمة من قبل المغردين السعوديين, لقد كانت الجزيرة اسماً من ذهب واليوم غدت اسماً مرادفاً للكذب ، صدقوني ؛ إن كتب لهذا القناة النجاة فلن تكون في ذاكرة الشعوب كما كانت من قبل ، وستتذكرون كلامي هذا . [email protected]