لا يختلف اثنان على أن الفساد معول دمار لكل المجتمعات سواء النامية منها أو المتربعة على عرش التقدم والحضارة ، كما أنه من المسلمات أيضاً أنه كلما استشرى الفساد ، كانت النهاية أقرب. ولا شك بأن الفساد يتنوع في صوره وأشكاله ، ويختلف أيضاً في درجاته معتمداً بذلك على مقاييس الضرر التي قد ينتجها ؛ فالفساد الذي نجده في المدرسة مثلاً يكون ضرره أقل من الفساد الذي يكون على مستوى وزارة التعليم ؛ وإن كانت المقارنة الشكلية تقلل من سوء الجوهر أبداً. وإن تحدثت عن الفعل فلابد لك أن تقف وقفة خاصة مع الفاعل ‹‹ المفسد ›› والذي قد يظن بأن البشرية من حوله تؤمن إيماناً تاماً بصلاحه ونزاهته ! ، أما إن كان يعلم بفساده فهو بذلك فاسد محترف ! ، ويجب أن يكرم على نزاهته في فساده ! ومن خلال ما سبق نتوصل إلى أمرين ؛ أولهما هو الفساد قضية مجتمع ، وأن المفسد هو من يتبنى تلك القضية ! ، مما يوجب التفكير من قبل الجميع وطرح سؤال عريض نصه ‹‹ كيف أحارب الفساد ؟! ››. هذا السؤال الذي لا يتجاوز ال 3 كلمات ، يتجاوز في عمقه المعنوي لنجد أن سطوراً قد لا تكفي للإجابة عنه ؛ وذلك لما له من علاقة بالإنسان وبمعتقداته وبالزمان والمكان الذي يعيش فيه ! ، فكل سلوك بشري له أبعاده المتصلة بالكثير من الأشياء. وانطلاقا من تنوع أسباب الفساد ؛ واختلاف شخصيات أولئك المفسدين ، ولضرورة محاربة أفكارهم ، كان لا بد لكل فرد من المجتمع أن يحصن نفسه جيداً قبل كل شيء ، وأقصد بذلك الوقاية الفكرية ، التي تكون بالحرص على زيادة المعرفة المؤدية للاتزان. كما أن الوقاية الفكرية تقودنا إلى مفهوم آخر وهو مفهوم نشر الوعي عن ضرر الفساد وما يمكن أن يسببه ، إضافة إلى محاربته من خلال إظهار حقيقته ؛ وتوعية المجتمع في كيفية توظيف تلك الحقائق كمستندات وشواهد يمكن أن تقدم من خلال القنوات الرسمية التي من شأنها أن تتعامل معها. إن محاربة الفساد يجب أن تكون ضمن خطة منهجية متكاملة ، وأن لا تعتمد على العشوائية التي قد يحارب به المجتمع أحياناً ، فهذه العشوائية في غالب الأمر من الممكن أن تشكل بيئة خصبة لنمو ذلك الفساد . علماً بأن محاربة الفساد لا تستثني شريحة دون الأخرى ، ولا تقتصر على أشخاص دون أشخاص ، بل هي قضية مجتمع يتشارك فيه جميع الأطياف ؛ كلٌ حسب امكانياته وقدراته،والهدف الأخير هو الوصول إلى مجتمع خالٍ من الفساد شبه خالٍ على الأقل !. لمحة : لا سلاح كسلاح التوعية لمحاربة الأفكار الهدامة ! .