رغم ناطحات السحاب العملاقة والبنايات الرائعة في عروس البحر الأحمرجدة .. ورغم النهضة العمرانية التي تحتويها الآن وتتخللها .. إلا أن هناك سنوات طويلة تركض بنا للوراء فلا تترك خلفها سوى الذكريات .. حياة كاملة حلوها ومرها تعيش في الذاكرة .. تدب فيها الحركة فتظل منها شخوص تتحرك كلمات يعاد تكوينها .. مدينة بكامل هيئتها وطبائع وعادات لم يدفنها غبار الزمن . جدة القديمة وحاراتها وبيوتها في أحضان جدة الحالمة اليوم .. فهي موطن للذكريات وعبق لحاضر جميل يذخر بنبض تاريخي وتراثي حجازي.. جداوي متأصل في جذوره .. وتكتنز في رحمها ميلاداً ثقافياً مجيداً كتبته أيدي الآباء والأجداد والأحفاد وأجيالهم المتعاقبة .. ولا تزال أسطورة جدة القديمة تعيش بين رواشين مبانيها وأزقتها العتقية التي لكل منها ألف حكاية وألف ذكرى لكل من عاش فيها .. ومصابيحها القصيرة القامة المتبرجة بفوانيس تشعلها في سماء رحلتها بين عيون عاشقة لسماء الإبداع . وإذا كانت الحارات هي كل جدة القديمة .. فهي اليوم قلب العروس والمنطقة التاريخية هي زاوية جميلة في هذا البرواز الأشمل والأجمل لجدة التاريخ والحضارة .. وأحد شواهد معالمها وحاراتها التي سطرت وثيقة العراقة . كما أن الحارات تراث غائر في الزمن لها ألف وجه ورواية .. وهي متكأ لحديث الزمن الجميل الذي يلامسنا بكثير من العشق ونلامسه ونبحث عنه كزمن أخر افتقدناه وبحثنا عن تفاصيل العلاقة بين الإنسان والمكان .. هكذا هي العلاقة بين تاريخ جدة وحاراتها وماضيها الجميل الراسخة في الوجدان وبين من عاشها بكل تفاصيلها بجوار بحرها الذي سبغ تلك الأزقة برائحة الوفاء والاستمرارية..وهذه هي جدة التي أحبها وورثنا حبها جيلاً بعد جيل من آبائنا وأجدادنا ، هي "جِدة " أو "جَدة" أو "جُدة " فهي العروس التي عشقنا حروف أسمها مهما اختلفت الحركات والسكون . فهي العروس التي لا تشيخ بل يزداد جمالها تألقاً في وجداننا وذاكرتنا على امتداد العمر بكل ما فيها من جمال. همسة : من كلمات صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل : إنها همسة رجاء ، للمسة وفاء .. إنها رقصة موجة ، وحلمُ مساء .. إنها صوت شاعر ، وتغريدة طائر إنها صهيل جموح ، وصهوة طموح .. إنها الصاعدة الواعدة ، والتجربة الرائدة إنها جدة ..