ليس هناك – من وجهة نظري طبعاً – أدنى خطورة من تبني فرد أو مجموعة من الأفراد لمواقف فكرية متطرفة ، فالتطرف كما يوحي المعنى اللفظي له هو أن ترى الأمور وتقرأ الأحداث من الطرف المتوائم وثقافتك والبنية المعرفية المتشبعة بها أفكارك أنت لا غيرك ، وهو ذات الأمر بالنسبة لغيرك الذي يرى الأمور وفق بنيته المعرفية والثقافية التي ليست بالضرورة متطابقة معك ، أنت متطرف عنه وهو متطرف عنك ، والمسافة الفاصلة بين التطرفين هنا هي ما يمكن وصفها بمنطقة الأخذ والرد ، أو تلك المساحة الطبيعية المتاحة للنقاش والتحاور، والتي من دونها لا يمكن أن يطفو أي مفهوم وسيط يجمع ما بين النيقيضين ، والمتأمل لحركة التجاذبات الفكرية على مدى التأريخ البشري لابد وأن يدرك أن ديناميكية التحديث في حياة البشر لم تكن إلا نتيجة من نتائج اختبارات المفاهيم الوسيطة التي توالدت بين موقفين كانا في منتهى التطرف ، لذا لا خطورة من أي متطرف طالما بقي وفياً للقناعات التي أفضت إلي موقفه هذا . إنما الخطورة في أن يتورم هذا التطرف فوق الحيز المشروع له ؛ فيلتهم المنطقة الوسيطة برمتها والمنطقةة المشروعة لغيره، هنا تكمن العلة وتنسل من بين أثافيها أفاعي الفوضى والحروب سيما داخل المجتمع الواحد ، ولنا في الدول المجاورة خير مثال ، الأمر الذي يستحضر أهمية قمة الرياض ومفرزاتها الرامية لسن التشريعات والقوانين المنظمة لتبعات التطرف العدائي الذي أنهك معظم دول العالم بما فيها دول العالم الإسلامي . لقد آن الأوان لصناعة ملاذ آمن للبشر ، من خلال مؤسسة دولية تعنى بقيم التسامح والاعتدال بين شعوبب العالم ، ولا أظن أن في هذا العالم من هو أقدر من المملكة العربية السعودية لتبني مثل هذا الأمر ، نظراً لمكانتها العالمية وريادتها الإسلامية ، لقد ارتضت السعودية أن تجعل من نفسها دوماً قنطرة لأمن العالم ووحدته رغم تعدد الديانات في الأخير وبالتالي حضاراته وثقافاته منذ الأزل وحتى الأبد . وما قمة الرياض إلا ذلك الإعلان الضمني الذي يقول أهم السطور فيه بالبنط العريض " اربطوا أحزمتكم أيها الناس ،، فسلمان السلام والحرب اليوم لم يعد من بد لديه سوى أن يقود بنفسه عبور العالم التاريخي من أتون التشدد والإرهاب إلى شطآن الحياة ومرافئ الاطمئنان " ولو كره الكافرون . Abha/Tanouma61899 /P.O:198