هل نجحت مواقع التواصل الاجتماعي في خلق أجواء السعادة والمتعة المنشودة من ارتيادها بين أوساط الشباب ؟ أم انها سعادة مشبوهة مشوهة تخفي خلفها أحزاناً ومآسي واضطرابات نفسية وفقدان القدرة على مجاراة الواقع والتعايش مع عوالمهم الحقيقية . حسب آخر الإحصائيات والدراسات حول مواقع التواصل الاجتماعي والتي تم إجراؤها على شريحة كبيرة من الشباب ممن هم تحت سن الثلاثين والتي خلصت الى ان الارتياد المفرط لهذه المواقع أدى الى الشعور بالكآبة والعزلة الإنسانية ، كما اشارت الدراسة أيضا الى ان فئة الشباب والمراهقين قد باتوا فاقدي القدرة على التواصل او الاستمتاع بروتين حياتهم بمعزل عن اجهزتهم الذكية او الاستماتة في توثيق جميع مراحل حياتهم اليومية ومراقبة حالاتهم داخل زنازين هذه المواقع !! ذكرت الإندبندنت في احد مقالاتها العريقة حول العزلة الاجتماعية التي بات الشباب حديثو التخرج من الجامعات او المدارس الحكومية يعانون منها بسبب هذه المواقع والأضرار النفسية المترتبة على ذلك والتي أهمها عدم جاهزيتهم واستعدادهم لخوض حياتهم العملية بشكل سليم او التجاوب مع الأفراد وجها لوجه . وفِي ذات السياق خلصت دراسات أجريت منذ العام 2015 م ان الارتياد المستمر لهذه المواقع يؤدي الى القلق النفسي والعزلة وفقدان الثقة بالنفس وصعوبات في النوم . وفيما يلجأ غالبية مرتادي هذه المواقع الى إخفاء هوياتهم الحقيقية لبث حقائق مغلوطة عن حياتهم وهو الامر الذي بات رائجا في تلك الأوساط او إظهار صورا براقة لامعة عن حياتهم اليومية كوسيلة لكسب المزيد من المتابعين كتصوير جوانب من عطلاتهم وموائدهم والتفاخر بها . حتى باتت مشاهدتها أشبه بمشاهدة أفلام سينمائية بارعة الإنتاج !! وذلك لإبعاد الجميع عن المصداقية والشفافية. والمؤسف ان من يقومون بإرسال هذه المقاطع يعلمون حجم الفجوة الفكرية والاجتماعية لمتابعيهم وعدم التطابق الفكري معهم . اما بالنسبة لتوتير، فالمسألة لا تتعدى المزيد من الضجيج والصخب ، فالأحرى بذوي التيارات المتطرفة الابتعاد لتفادي المزيد من التصادم الفكري . تقول الكاتبة جانيت ستريو بورتر حول تجربتها في تويتر انها تشجعت ذات مره وغردت حول افضلية ممارسة رياضة المشي عن ركوب الدراجة في الأوساط اللندنية وفِي الحال تم تحريف تغريدتها وتضخيمها لتخرج عن مسارها الحقيقي ، كما تم اتهامها بالإساءة الى رياضة ركوب الدراجة والتي ذكرت انها من أشد المعجبين بها . ومؤخرا وصلتها العديد من الرسائل المسيئة على الرغم من بساطة الموضوع . والحصيلة النهائية هو حجم البلبلة التي يحدثها هذا الطائر الصغير بين الأوساط الاجتماعية . تكثيف اللقاءات العائلية وفتح قنوات للتحاور الحضاري والتواصل الإنساني بين أفراد العائلة هو كل ما نحتاجه لإخراج ابنائنا من براثن هذه الزنازين ، عرض المزيد من الكتب والقراءات الثقافية المستفيضة حول الكتب الورقية هو احد الحلول أيضا ، اما الفئة المحبة للهوايات فالأفضل تمكينها من هواياتها المحببة واكتشاف مواهبها واحتضانها ولو كانت بسيطة. كاتبة سعودية