هناك أوقات يُفرض عليك فيها الانتظار رغماً عنك، قد تكون في عيادة لطبيب، أو صالون لمصففي الشعر، أو داخل أحد الأسواق في وقت الصلوات، في كل تلك الحالات أجد نفسي مستمتعة بالرغم من وجود الكثير من كلمة "آف" حولي.. لا أعلم قد يكون استمتاعي في غير محله.. إنما لو علمتم سر هذه المتعة.! ربما لأصبحت ساعات الانتظار بالنسبة لكم لحظات ممتعة أيضاً، من جانبي تمثل فرصة لأتأمّل وأنا أستمع لسيدة تحدث رفيقتها، وألاحظ طفلاً يلهو بساحة فارغة ويقوم بحركات مفاجئة، أو شاباً يحاول رسم نفسه أمام فتاة جميلة، أو أباً ملّ من كثرة الانتظار وبدأ في سيل من الكلمات على من معه، والعديد من الصور التي تجعلك تنصت وترى فتستحسن فعل وتستنكر غيره.. أحيانا يكون الموقف أكبر من أن أتابعه بصمت خاصة عندما أكون المستهدف منه.. في أحد المراكز التجارية وبينما كنت أنتظر انقضاء وقت الصلاة، استخدمت هاتفي كمرآة، وكنت أنظر في انعكاس صورتي ثم أتحسس وجهي في حركة تلقائية، من الممكن أنني استغرقت وقت طويل وأنا على حالتي تلك، لم أحسب ذلك فقد كنت شاردة الذهن ولم أتنبه للمتابعين ممن حولي، أفقت من شرودي على صوت رقيق يصدر من سيدة كانت تجلس قربي وهي تقول مبتسمة :(يا بنتي لا تطالعي في نفسك كثيرما تعرفي حكاية النرجس..!) أغضبني كثيراً ما كانت تلمح له تلك السيدة وقد ظهر ذلك على ملامحي حتى أنني لم أبتسم أو أشكرها على نصيحتها كنوع من التهذيب. بقيت كلماتها تتردد داخلي بنبرة صوتها الهادئة ولم استطع أن أنساها خاصة حينما أنظر في المرآة.. تساءلت في نفسي.. ما الذي رأته تلك السيدة مني.. لما كنت شاردة الذهن إلى درجة أنني لم ألحظها وهي تراقبني.. هل حقاً كنت أشعر بالزهو وأنا أنظر لنفسي.. هل تخيلت نفسي زهرة النرجس..؟ لما لا فالمرء لا يرى أخطاءه في الغالب إلا لو توعدها بالمصداقية وهو أمر ليس سهل.. الغريب في الأمر أنني لم أستلطف يوماً تلك الزهرة، وكنت أستعجب من وصفهم لها بالغرور بعيداً عما تحكيه القصة، فهي لا تملك جمال البنفسج على سبيل المثال.. – كم أحب البنفسج – البنفسج.! هل حقاً أصابني الغرور -وفقاً لمعايير محللي الشخصيات بالألوان-..؟ ليس في الأمر من غرابة، فالغرور لا يصاب به أصحاب الجمال الأخّاذ فقط، قد يصيبنا لعلم تعلمناه، أولنجاحات حققناها، أو كلمات ثناء سمعناها، أو عبادة أتقناها فظننا بها أننا قد وصلنا، أو أبناء أنجبناهم أو أزوج اقترن بهم، أو.. أو.. والقائمة تمتد. يحضرني في هذه اللحظة كلمات شيخ من مكناس أصابه العجز فردد وهو يسير في الأسواق "…. الرجيم قد شغلني وأنا معه في نشبة قد ملأ قلبي وسواس من ماهو يبغي مني…" لا يأمن من ذلك الماكر إلا من نظر أسفل قدميه وقال لنفسه خرجت من تراب هذه الأرض وسأعود إليها.. للتواصل على تويتر وفيسبوكemanyahyabajunaid مرتبط