رواية " العجوز والبحر" The Old man And The Sea) )، للكاتب الأمريكي أرنست همنغواي ..الحاصلة على جائزة نوبل للآداب في العام 1952م ، تصور لنا في سرد أحداثها ، كيف كانت عزيمة بطل الرواية العجوز سانتياغو القادم من كوبا، وكيف واجه بإرادة صلبة وصبر عنيد أمواج البحر المتلاطمة مدة أربعة وثمانين يوماً؛ من أجل الوصول إلى هدفه واصطياد سمكة ما، وكيف باءت جميع محاولاته بالفشل، ولم يظفر خلالها بأي سمكة ، ولكنه لم ييأس ولم يتوان وظل حتى اليوم الأخير للرحلة يراوده الأمل في صيد سمكة كبيرة تجلب له الرزق وتعيد له كبرياءه ، فعقد العزم ثانية وهمّ في تغيير خطته والذهاب بشراعه إلى مكان في البحر عميق وبعيد . وهناك بعد أن أنهكه التعب ، تحقق ما كان يصبو إليه والتقط السمكة الحلم .وقام بربطها إلى مركبه وشرع في العودة إلى هافانا، لكن أسماك القرش التي كانت تترصده لم تدعه يهنأ بما اصطاد ، ورافقته الطريق إلى الشاطئ وهي تلتهم في سمكته المتدلية حتى لم يبق منها إلا هيكلها العظمي .. هذه المصاعب التي واجهت العجوز لم تثنه عن استكمال المسير وإثبات الذات ، وتلك لعمري.. دروس وعبر في جدوى الصبر وقوة تأثيرالعزيمة .وقد يصادف أبناءنا الشباب عقبات عديدة وتحديات جمّة في حياتهم اليومية، وقد يٌرفض طلبهم لأكثر من مرة في الحصول على قبول جامعي في اختصاص ما ، أو الحصول على وظيفة بمكان ما ، وقد يعيشون البطالة لفترة من الزمن ، وقد يقدر الله لهم أن ينحدرون من أسرة لا تضمن لهم المستوى الاجتماعي الرفيع الذي يأملون، ولا تلبي رغباتهم في الصرف كما يستهوون نتيجة لسوء الأحوال الاقتصادية. وهنا يجدر التذكير بقصة نجاح "ستيف جوبز " مؤسس شركة آبل الذي بدأ عمله الدؤوب من الصفر ومن خلال مرآب منزله ، واستطاع بحبه لعالم الالكترونيات وإتقانه لمعايير الجودة أن ينهض بشركته لتصبح أفضل شركة عالمية في صناعة الأجهزة الذكية والمحمولة … وليكن في علمهم أن بناء المستقبل المهني والتعليمي ..لا يتوقف عند خيار واحد ، يضيعون وقتهم في انتظاره .. فهناك دائماً خطط بديلة ومنافذ جديدة تفتح في وجه كل مجتهد، وعليهم أن لا يرهنوا أنفسهم للعمل الوظيفي الروتيني الذي يهدر طاقاتهم البشرية ويحد من طموهم ، بل أن يخلقوا أعمالاً خاصة ويؤسسوا مشاريع إنتاجية تدر عليهم أرباحاً أعلى وتشغل أيدي عاملة أكثر . ولا بد على كل شاب يتأهب لدخول سوق العمل من أن ينمي مواهبه الادارية ويثقل معارفه المهنية ، وذلك بالإكثار من الدورات التدريبية والبرامج التطويرية وحضور الندوات والمؤتمرات العلمية؛ سواء بالحضور الشخصي واتباع الطريقة التقليدية، أو بواسطة الإنترنيت والتعلم الذاتي عن بعد بمفهوم ال Mooc . وندعو الشباب وهم عماد الوطن ومستقبل الأمة أن يعقدوا العزم ، ويستغلوا الفرص ، ويتحلوا بالصبر ويتجملوا بالعطاء، وينهضوا بالبلاد والعباد .. يقول الشاعر أحمد شوقي : وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي" "وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا .. مرتبط