كنا من قبل نقرن مستشفى الملك فهد بجدة بالمنجزات العظيمة وسبق أن قلت وأكدت إلى انه كان يعد من أكبر المستشفيات الحكومية في المملكة على الإطلاق وكان يعد الثاني في الشرق الأوسط ،هذا إلى ماقبل 15 عاما ، حيث تعرض فيما بعد للأسف لإهمال إداري واضح وعصفت به موجة من التغييرات الادارية والفنية غير المحسوبة وسبق تطرقنا لها بالتفصيل , رغم ما رصد من إعتمادات مالية لم تنعكس للأسف على جودة الأداء فقد تحسن الشكل الخارجي لكن الأداء تردى وبصورة ، وقلت يومها لاشك الإخفاق في حسن الاختيار للإداريين والتدخلات غير المبررة يؤدي إلى إخفاقات كبيرة حتى وأن ضخت إلى خزينة ومستودعات المستشفى الإمدادات المادية والتجهيزات والأدوية لأن الخلل يبقى قائما ويتضاعف لغياب عنصر الخبرة والمهارات الإدارية ، سيما إذا كان ذلك او هذا الطبيب مديرا لمستشفى عام وتبقى صلاحياته مقيدة بمزاج مديرية الشؤون الصحية وتنحصر صلاحيته في توزيع الغرف الخاصة مما يسبب له حرجا مع الأطباء الإستشاريين والأهم تقديم الخدمة فهو بحاجة إلى آلية وبرامج يدار بها المستشفى ، في الاسبوع قبل الماضي كنت مرافقا مع قريب لديه مراجعة للعيادات الخارجية ، وللحق لقد لاحظت تحسنا نوعيا أسعدني كثيرا تمثل في خدمات العيادات الخارجية ، والتي استذكرت معها مناشدة الدكتور حسن القثمي وهو اديب ومفكر وناشط دولي ومستشار اداري ومدرب وسيرته أكبر من سردها في هذه العجالة ، وذلك حينما ناشد معالي وزير الصحة بتكريم الاستاذ/ احمد الغامدي والذي تولى مؤخرا زمام ادارة العيادات وهو ابن المستشفى ومن ولد من رحم هذا الكيان وتنقل في كافة المجالات الإدارية ، والذي معه حدث لاشك تطوير كبير إنعكس بالايجاب على المريض في المقام الاول ، حيث كما تبين لي من الحديث مع زملائه يومها انه بدأ عمله بالعمل على ايقاف الصلاحيات الخاصة بالعيادات التي توفرها تقنية المعلومات والتي كانت متاحة لكافة منسوبي العيادات وقد يستغلها البعض استغلالا سلبيا وتحدث شرخا كبيرا في منظومة العمل ، مع امكانية فتح نظام المرضى والدخول الى الملف الصحي مع ماله من سرية وحرمة لان فيه انتهاك لخصوصية المريض ، لذلك تم حصر الصلاحية والمسئولية في مدير العيادات ونائبه ، وتحديد الصلاحيات التقنية لكل موظف حسب وصفه الوظيفي ، وتم تشديد المتابعة على حضور الطبيب لعيادته مبكرا في وقت بدء العيادة ومنع انابة الاطباء لأي من مجموعتهم بتغطية العيادة الا في اضيق الحدود ، كما تم اعادة توزيع العيادات على هيئة مجموعات متخصصة ، وحصر عيادات كل تخصص في منظومة متسلسلة وبجوار بعضها وبأرقام متتابعة ، واعتمد نظام العيادات الاستشارية ومعها عيادات تخصصية لكل طبيب استشاري ، ليقوم برئاسة فريق عمل من تخصصه ليشغل هو العيادة الرئيسة ويعمل معه عيادة اخرى او عيادتان من نفس التخصص ، لنتغلب بهذا على قوائم الانتظار وليقوم الطبيب الاستشاري الواحد بمعاينة ثلاثة اضعاف العدد المخصص لعيادته الاساسية ، ويمارس عمله ايضا كمستشار يرجع اليه الاطباء الاخصائيون الذين يشغلون العيادات الاخرى ( العيادات المشتركة ) وجرى هذا النظام على جميع التخصصات، كما وفي بادرة شكرها له زملاؤه و تدل على قمة الإيثار وهذا اجراء غير مسبوق تنازل الغامدي عن مكتبه الخاص والذي كان عامرا بالكماليات والسكرتارية اذ تنازل عنه بقرار شخصي ليتم استغلاله عيادة لأطباء الجهاز الهضمي وخاصة فريق الالتهاب الكبدي الوبائي سي الذي اعتمدته الوزارة لكل محافظة وترجل محبا لمزاولة عمله من كاونتر مواعيد المرضى واستقر واقفا طيلة ساعات الدوام في زاويته وعلى مرأى ومسمع من الكل وامام الكل والغرض منه ان يبقى مع المرضى ، هذا التغيير الإيجابي الكبير تم في سبعة أشهر تقريبا ، وعلمت انه لا زال يبدو يمتلك من الافكار ما يجعل المريض ينهي كل اموره بنفسه حيث انه سيجد موعده على جواله دون ان ينتظر لتسجيل موعد آخر للمتابعة ، اذ سيتجه من العيادة للصيدلية ويأخذ الدواء ، وايضا سيكون هناك افكار جاهزة للتنفيذ تتلخص في استحداث العيادات الذكية ، التي لن يحتاج المريض حينها الى الوقوف امام احد بل سيأتي في موعده ، ويقوم بالتسجيل بنفسه ويستلم رقمه للدخول للطبيب من نفس موقع التسجيل ويذهب للطبيب في وقته ، وسيكون هناك شاشات للارقام امام باب كل عيادة ليظهر فيها رقم المريض ودوره في الدخول لطبيبه ، وايضا ستكون هناك خطوة لحصر الدخول الى موقع العيادات للمريض فقط دون ان يكون معه جيش من المرافقين ، وهي ان يتم استخدام جهاز الاسكانر ليمرر عليه المريض بطاقة موعده ويفتح له الجهاز في حالة كان لديه موعد في حينه ، وان لم يكن لديه موعد فلن يتمكن من الدخول ابدا وبذلك نستطيع السيطرة على نوعية الاشخاص الموجودين امام كل عيادة .. كما تم استحداث مكتب يسمى مكتب التواصل ومهمته تلقي اتصالات المرضى الذين يرغبون تغيير مواعيدهم او تسجيل موعد جديد للمراجعة بدلا من الحضور ، هذه الصورة الايجابية تدعونا للإشادة آملين ان تتوسع دائرة الايجابيات والتطوير لتشمل كل المجالات من خدمات الطوارئ وجداول العمليات وتكدس الاستشاريين التي لازالت تحتاج إلى لمسات تطويرية كبيرة، ليكون المستشفى أكثر إشراقا ويستعيد شيئاً من بريقه . ولن نتوانى بالإشادة دوما بكل الجوانب المشرقة متى ما تحققت ، وأكرر دعوة الدكتور القثمي بتكريم المميزين الذين نرى ان مرافقنا الصحية احوج ماتكون لهم ، والأخذ بأيديهم للاستفادة من خدماتهم ، هذا وبالله التوفيق. جدة ص ب 8894 فاكس 6917993