قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن بلاده لا ترى أي مجال لحل وسط مع الولاياتالمتحدة بشأن طلب تسليم رجل الدين فتح الله كولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت الشهر الماضي محذرا من تنامي الشعور المناهض لأمريكا إذا لم تسلم واشنطن كولن لبلاده. وأدلى يلدريم بهذه التصريحات لمجموعة من الصحفيين وتزامنت مع تقارير عن أن مكتب الادعاء في اسطنبول أرسل خطابا إلى السلطات الأمريكية يطلب فيه إلقاء القبض على كولن. وتقول تركيا إن كولن – الذي يعيش في منفى اختياري في ولاية بنسلفانيا الأمريكية منذ عام 1999 – هو العقل المدبر لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو تموز واستخدم خلالها جنود مارقون مقاتلات وطائرات هليكوبتر عسكرية ودبابات في محاولة للإطاحة بالحكومة. ونفي كولن الاتهام وأدان الانقلاب. ونقلت وكالة أنباء الأناضول الرسمية عن يلدريم قوله "ليس هناك من تنازل ممكن عن تسليم كبير الإرهابيين إلى تركيا ومحاكمته." وأضاف "الطريقة الوحيدة لمنع الشعور (السلبي) المتنامي حيال أمريكا هو أن تسلم الولاياتالمتحدة هذا الرجل بما يضمن لنظام العدالة التركي محاسبته." وقال وزير الخارجية التركي هذا الأسبوع إن وثائق أرسلت إلى الولاياتالمتحدة وإن تركيا تلقت "مؤشرات إيجابية" بشأن تسليم كولن المحتمل لكنها لم تفصح بوضوح عما إذا كانت قد قدمت طلبا رسميا لتسليم كولن. في غضون ذلك قال البيت الأبيض إن جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي سيزور تركيا في 24 أغسطس آب في أول زيارة لأنقرة من مسؤول أمريكي كبير منذ محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة هناك. وذكرت وكالة الأناضول أن يلدريم قال إن فريقا فنيا من الولاياتالمتحدة سيزور تركيا في 22 أغسطس آب لمناقشة القضايا القانونية المتعلقة بالتسليم المحتمل لكولن. وذكرت محطة سي.إن.إن ترك أن يلدريم قال إن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري سيزور بلاده في أكتوبر تشرين الأول. وأضافت وكالة الأناضول أن يلدريم عبر عن اعتقاده بإمكانية التوصل "لنتيجة إيجابية" مع الولاياتالمتحدة بشأن عملية التسليم. ويقول مسؤولون أمريكيون إن الولاياتالمتحدة لديها إجراءات رسمية للتعامل مع طلبات التسليم وإن على تركيا أن تقدم أدلة دامغة على تورط كولن. وذكرت محطة سي.إن.إن ترك أن كبير ممثلي الادعاء في اسطنبول أرسل خطابا للسلطات الأمريكية يطلب فيه اعتقال كولن. وأضافت أن وزارة العدل التركية أرسلت الخطاب للولايات المتحدة والذي يضم عشر اتهامات لكولن تشمل محاولة الإطاحة بالحكومة. وقال كولن إنه سيسلم نفسه للسلطات التركية فقط إذا ما أدانته هيئة تحقيق دولية مستقلة. وقال كولن في مقال رأي نشرته صحيفة لوموند الفرنسية "إذا ثبت عشر الاتهامات المنسوبة إلي فأتعهد بالعودة إلى تركيا وقضاء أشد عقوبة." وقتل ما يربو على 240 شخصا في محاولة الانقلاب وتقول السلطات التركية إنها احتجزت ما يزيد على 35 ألفا واعتقلت رسميا 17 ألفا منهم. وقال يلدريم إن أكثر من 76 ألف مسؤول أوقفوا عن العمل وتم تسريح ما يقرب من 5000 في أعقاب محاولة الانقلاب من بينهم 3000 جندي إضافة إلى قضاة وموظفين. * قلق حلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي ويتنامى الشعور بالقلق لدى حلفاء تركيا في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي الذي تتطلع أنقرة للانضمام إليه من أن إردوغان يستخدم حملة التطهير للقضاء على المعارضة. وأثارت تلك التصورات غضب كبار المسؤولين الأتراك الذين يقولون إن المنتقدين الغربيين يشعرون بالقلق من الرد الأمني أكثر من الانقلاب نفسه. ويبدو أن نطاق حملة القمع يثير الآن قلق البعض حتى داخل الحزب الحاكم. وقال نائب رئيس الوزراء التركي توجرول توركيش – وهو عضو سابق في حزب المعارضة القومي وحاليا عضو في حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي أسسه إردوغان – لمحطة سي.إن.إن ترك "حتى إذا كسر ممتص صدمات في سيارة يقولون إن شخصا (من أنصار كولن) فعل ذلك." وأضاف "هذا النهج حول الأمر لمطاردة محمومة… من شأنها أن تضعف خطورة ما حدث في 15 يوليو." ويقول منتقدو إردوغان إنه وحزب العدالة والتنمية الذي أسسه سمحا لأتباع كولن بتولي مناصب هامة داخل أجهزة الدولة واعتمدا عليهم في الحد من سلطة الجيش الذي أطاح بأربع حكومات منذ عام 1960 بسبب ما رأى أنه تهديد إسلامي للنظام العلماني. وظهرت العلاقة المضطربة بين حركة كولن من جهة وإردوغان والحزب الذي أسسه من جهة أخرى بعد الكشف عن فضيحة فساد في أواخر ديسمبر كانون الأول 2013 شملت الدائرة المقربة من إردوغان. وقال إردوغان إن المزاعم مناورة دبرها أنصار كولن لتقويض حكمه. وقال صلاح الدين دمرداش زعيم حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد في إقليم ديار بكر الذي يغلب على سكانه الأكراد في جنوب شرق تركيا لرويترز إن القيادات التركية سمحت لسنوات لأنصار كولن بتشديد قبضتهم داخل مؤسسات الدولة. وقال دمرداش في مقابلة "نظم أنصار كولن صفوفهم داخل مؤسسات الدولة… خلال آخر 35 إلى 40 عاما لكن عصرهم الذهبي كان بعد أن تولى حزب العدالة والتنمية السلطة (في 2002)." وأضاف دمرداش "حتى قبل ثلاث سنوات كانت المناصب داخل الدولة تقدم لهم علنا بدعم وتشجيع حزب العدالة والتنمية. منحت لهم هذه المناصب ولم يحدث ذلك سرا. لم يحصلوا على هذه المناصب بخداع حزب العدالة والتنمية. كان ذلك تحالفا واضحا."