وددتُ يومًا – من فَرْط سأمي – للذي بداخلي يتوقَّد أن ينطفئ. ووددتُ لو أنني لا أرى السقف والزوايا قفصًا على رغباتي منكفئًا. ووددتُ – حزنًا – أن أكفَّ عن تخيُّل هذا الفضاء سمائي وأنني عصفورٌ منطلق. كأنَّ الوجود لم يتعرَّف عليَّ بعدُ، كأنَّني في الأعماقِ المظلمة دفينة أنسحق. وحلمتُ يومًا لو أن قلبي يعتادُ الظلامَ فينام هانئًا لا يرهقه أرق. وحلمتُ لو أنني لستُ شيئًا؛ كي لا يتعبني نضالي واغترابي في وحشة طريقٍ منغلق. ضيَّعت يومًا ما أنا عليه، غلَّقتُ الأبواب، وتخلَّيتُ عمَّا بين يديَّ من ملَكَات، لكنني عبثًا فعلت! فما في داخلي لا ينطفئ، يشتعل، يلتهب، وقسرًا يعذبني، يؤرِّقني، يغيبني في غيابة الوحدة والأسر. فأينما ولَّيتُ بصري لم أجد السماء يضلِّلني امتدادُ هذا الغسق. وكلَّما نادى الفضاءُ حلَّ غيٌّ ونما يقص أجنحة المدى يُبدِّدُ ما كان منها وما اتسق. ووددتُ في هذا الكربِ لو أن دلوًا يُخرجُني لقصرِ الحريَّة يهبني فيه تُفتَّحُ النوافذُ الموصدة ويزهِرُ الحبُّ بساتينَ في القلب ذابلة وفي عمرٍ ظننتُه ضاع هباء يحدثُ الأمرُ العزيز فأطير، وأطير. هذه سماءٌ فسيحةٌ وهذا فرحٌ غفير. ابتسام فهد