فى تاريخ الأوطان لحظات فارقة لرجال يغيرون من بوصلة الوطن, تحتفى بهم الشعوب, فيجاملهم القدر, ويفسح أمامهم الطريق, ليتركوا اسهاماتهم فيه. ولعل من هؤلاء الرجال الذين عاصرناهم الرئيس الروسى "فلاديمير بوتين" الذى تولى رئاسة الجمهورية الروسية فى أصعب أوقاتها على مدى تاريخها قديمة وحديثة,فروسيا دولة كانت تتزعم إتحاد الجمهوريات السوفيتية, كانت صاحبة أكبر قوة عسكرية ونفوذ تجابة به الولاياتالمتحدة, ولكنها وبفعل عدة عوامل فى زمن الحرب الباردة : كتحالف القوى الغربية,وإجهادها بسباق التسلح, والحرب الافغانية السوفيتية, وإدخال قوى الإسلام الراديكالية فى الحرب بأيادى السى أى أيه,الامر الدى أدى لإستنزافها إقتصادي. كما وكان أيضا لطول بقاء قيادات الحزب الشيوعى فى مناصبهم, كبير الأثر فى ترهل القرار السياسى, ومن ثم حرم الحزب الحاكم من ضخ دماء جديدة فى محيط قراره السياسى. ولعل المقولة المتداولة و المنسوبة على لسان "بريماكوف" رئيس وزراء روسيا السابق بعد تفكك الإتحاد السوفياتى, والتى حكى فيها عن لقاء جمعه مع أحد قيادات الحزب الشيوعى السوفياتى, فى أحد المقاهى بباريس, و بعد التعارف, أخبره الرجل أن كل مهامه كانت فى أن يعمل على تصعيد الفاشلين أو المرتشين, ليتبؤا المناصب التنفيذية و القيادية فى الدولة. وهكذا أدارت الولاياتالمتحدة صراعها مع الاتحاد السوفيتى!. وتتوالى السنين و الايام ويتولى الرئيس "بوتين" رئاسة الدولة الروسية, والروبل الروسى فى أسفل سلم التعامل النقدى, ودلك بفعل الأنهيار الإقتصادى فى روسيا, وكانت هناك طوابير الخبز والوقود متراصة لمئات الأمتار على إمتداد روسيا, كما كان ايضا الوضع الأمنى فى أضعف حالاته, ودلك بسبب الدعاوى الإنفصالية لبعض الأعراق هناك, تلك التى أدخلت روسيا فى صراع مسلح نال من المواطنين الروس فى "موسكو", و كانت قد أسهمت سياسات الرئيس الأسبق لبوتين " يلسن" فى أنهيار الإقتصاد الروسى, فتفشى الفساد وإستحوذ العديد من رجال الأعمال المقربين من "يلسن" و من أبنته على مقدرات البلاد, الامر الدى أدى فى النهاية الى سيطرة الفساد على الأقتصاد والسياسة فى روسيا. الى أن تلعب الأقدار لعبتها, فيتنازل "يلسن" عن السلطة ل"بوتين", و يبدأ بوتين أولى حروبه فى البلاد, والتى جعلها على (الفساد) أساس كل الشرور, فيستحوذ "بوتين" على قلوب وعقول الشعب الروسى, ويحتفى الحظ به, ويعبد له الطريق نحو إعادة بناء الدولة الروسية, وسرعان ما تحتل روسيا النصيب الأكبر من إنتاج الغاز عالميا, ويتزامن دلك مع ارتفع إنتاجها من البترول, فيستعيد لإقتصاد الروسى عافيته, و يبدأ الرئيس " بوتين" فى العمل بخطى ثابتة, نحو إستعادة مكانة روسيا الدولية. وغاية القول هو أن روسيا عملت وتعمل على أن تتبؤ مكانتها الدولية من جديد, وتستعيد قوة تأثيرها كقوى عظمى داخليا وعالميا.فالدب الروسى قد يتعثر لكنه لا يستسلم. أليس لنا في الآخرين عبرة ؟. [email protected] Twitter: @Heba_elmolla