بدأ هدا القرن بخروج مسميات جديدة, تتخطى النظام الإقليمي العربي, كمحور الاعتدال ومحور الممانعة وغيرهما, وتضم تلك المحاور بعض الدول العربية و أخرى غير عربية بمنطقة الشرق الأوسط, حيث جمعها وجود بعض التفاهمات لمواجهة دول أخرى, وذلك تعبيرا عن الواقع العربي الداخلى المليء بالمتناقضات والمصالح المتضاربة, متخطيا مستوى النظام العربي الإقليمي إلى مستوى آخر وهو النظام الشرق أوسطى, والذى يتسع ليشمل دول كإيرانوتركيا وإسرائيل. كما سعت أمريكا بإدخال إسرائيل قبل ذلك في شراكات اقتصادية منفردة في تلك المنطقة, في محاولة لاختراق النظام العربي الإقليمي, لدعم إسرائيل اقتصاديا وسياسيا, ولجأت الدولتين مع دول غربية أخرى لمخطط "الربيع العربي "لتفتيت المنطقة الى كنتونات, للحصول في النهاية على التهميش العربي للقضية المحورية "فلسطين". وفى ظل هذا الوضع, يتبادر الى أذهاننا سؤال ملحا حول مستقبل القيادة فى منطقة الشرق الاوسط!. ولكن دعونا أولا نقترب من القيادة فى مفهومها الدولى , حيث ترتكز على مدى مقدرة دولة ما على تحديد قواعد تفاعل, تضمن للنظام الإستقرار والإستمرارية, مع فرض إحترام هذه القواعد، ويرتبط ذلك بمدى قوة الدولة (سياسيا ,اقتصاديا ,عسكريا ,ثقافيا و……). ولكى نقول على دولة ما بأنها دولة قائدة فلابد: أن تكون مستقرة سياسيا وأمنيا. ولها تاريخ قيادى. ولها أيضا من النفوذ الرمزى" الثقافى والدينى". وأن تتمتع بالقبول من الدول الأخرى فى الاقليم. وألا تكون قوتها مطلقة تجاه باقي الدول, حتى تتوافر للقيادة معناها, وإلا فإنها تسمى بعلاقة تبعية. إضافة لمدى تبنيها للقضايا المحورية فى المنطقة. ويجب الإشارة هنا أيضا إلى طبيعة علاقتها مع القوى العظمى, وتعد تلك نقطة من أهم النقاط حيث أن العامل الخارجي هو الطاغي دائما على العلاقات الاقليمية. ونتناول فيما يلى بعض الدول غير العربية والمرشحة للعب دور القيادة فى المنطقة, أما السعودية ومصر فسيكون لنا معهم مقال آخر. فإيران مثلا نجدها بعد توقيع الاتفاق النووي مع أمريكا, ارتفع معدل احتمال صعودها الإقليمى بشكل كبير, فنحن لا نعلم ما تم من اتفاقات تحت الطاولة!ولكنها فى كل الاحوال ستصب فى مصلحة إيران الإقليمية, هذا مع وجود تأثير كبير لها فى الحرب السورية, والدور الدى تقوم به فى العراق, وقوتها على التأثير بحلفائها فى كلا من لبنان واليمن, إلا أن محددات القوى الإيرانية لمكانها الجغرافى المتميز على الخليج العربى , يتحول الى معوق, حيث أن القواعد الأمريكية تحيط بها من كل جانب (دول الخليج , باكستان, افغانستان,……) , كما انها متهمة من قبل العديد من الشعوب والأنظمة العربية بتغذية النعرات الطائفية والنزاعات ضد السنة فى العراق و سوريا والبحرين ولبنان واليمن, مما يشكل عائقا لها فى تولى دور القيادة. وأما تركيا فإن الخطأ التركى يكمن فى إقحام تركيا لسياستها الخارجية فى المشاكل بالعراقوسوريا " مشكلة الاكراد", كما أن تداعيات السياسية الداخلية التركية أدت الى سقوط النموذج الديموقراطى الإسلامى الذى سعت تركيا لتصديره إلى العالم العربى, وبذلك سقطت صورتها كقائد إقليمى محتمل للمنطقة. وأخيرا إسرائيل فهناك إجماع على استحالة قيادتها للمنطقة, إذ أن من أهم المحددات هو قبول الأطراف لهذه القيادة. ومن هذا نخلص إلى أنه أي من هده الدول لا تمتلك القوة ولا القدرة الكافية لصعودها إقليميا, فمتطلبات المنطقة والمنافسة وإستمرار التأثير الأمريكى, كلها معوقات لعدم تبوء أي منها دور القيادة, وعليه فالتوازنات فى المستقبل المنظور غير موجودة, ولا يمكن البناء عليها, وستستمر الهيمنة و النفوذ الأمريكى, وسيكون له التأثير الأكبر, وتقوم كل دولة على حدا بدورها المرسوم مسبقا, فتقسيم العمل الإقليمى أصبح واقع يقاومه البعض, وأن هذه المقاومة سيترتب عليها نتائج أخرى. [email protected] Twitter: @Heba_elmolla