كلنا أو أغلبنا يسمع عن حكاية.. بيع الترام – في مصر ولكن أغلبنا كان يعتقد بأنها حكاية من نسج الخيال وما هي الا للتدليل على بعض البلهاء الذين يقعون في حبائل البعض .. لكن ما وقع بين ايدينا من وثائق تثبت بأن حكاية بيع الترام كانت حقيقة وهو ما نشرته – اخبار اليوم – المصرية في عام 1948م بين حوارها مع بطل هذه القصة وحيث جاء النص كالتالي.. والتي كانت شبيه ببيع العتبة الخضراء التي اشتراها الفنان اسماعيل ياسين في فيلمه الشهير. خرج من السجن في هذا الاسبوع الرجل الذي باع الترام! أسمه رمضان أبو زيد العبد وعمره 27 سنة وقد وصل الى مرحلة التعليم الثانوي ثم غادر المدرسة ليستغل مواهبه في.. في بيع الترام لقروي ساذج!.. وقد روى التفاصيل كاملة لاول مرة. كانت له حوادث نصب سابقة ولكن حادث بيعه الترام هو العمل الفني الاكبر في حياته وهو يتحدث عنها الآن بابتسامة تعلو شفتيه، تجعلك تشك في انه سيتبعها بروائع فنية اخرى.. وحين يرى الشك باديا عليك يقول لك. خلاص بقى.. يعني ح اعمل ايه.. ابيع البحر!؟ ويروي بعد ذلك تفاصيل الحادث فيقول انه كان يركب الترام رقم 30 ومن شارع قصر العيني، ووقف الى جواره احد القرويين فنظرت اليه ووزنته وعرفت انه سهل.. فأعطيته سيجارة وبدأنا نتحدث.. وفهم رمضان ابو زيد انه جاء ليبحث عن عمل لانه لا يجد في بلدته عملا يليق به.. وفهم ايضا انه قدم الى القاهرة يحمل المال الذي يمكنه من البدء في العمل.. ويقول رمضان: ووجدت الفرصة سانحة.. فبدأت اعرض عليه اعمالا مختلفة كان يرفضها جميعا ولا شيء منها يروق في نظره.. واعطيته سيجارة اخرى، واشعلت لنفسي واحدة ثم جاءتني الفكرة سريعا عندما ابدى ملاحظة عن ازدحام الترام.. فقلت له: هل تشتريه؟! وجاء معي وهو سعيد مبتهج مكتب احد المحامين، وكان معي صديق لا داعي لذكر اسمه، اخذ معي صيغة العقد بدون ان يعرف المحامي صاحب المكتب بالطبع. وقلت له انني سأبيعك الترام بمائتي جنيه. فقال ان هذا كثير.. فقلت له وكان اسمه "حفظه الله سليمان" لولا انني بلدياتك لما بعت لك هذا الترام الناجح بأقل من الف جنيه! وقال حفظ الله، انه ليس معه الا ثلاثة وثمانين.. وقلت انا وهو كذلك.. نأخذ منك ثمانين ونترك لك ثلاثة وتكتب على نفسك كمبيالة بباقي المبلغ وهو 120 جنيها.. وختم الرجل على كمبيالة المائة والعشرين جنيها.. وخرجنا ليستلم الترام، فقد كان متلهفا عليه. وفي ميدان العتبة انتظرنا حتى جاء الترام رقم 30 وكان حفظ الله لا يحسن الا قراءة الارقام، فما ان ابصره من بعيد حتى قال : أهه! واتجهت انا الى كمساري الترام بينما وقف زميلي مع حفظ الله، واعطيت الكمساري قرشا وقلت له ان احد اقربائي القرويين سيذهب معه الى نهاية الخط، ولكنه غريب ولا يعرف شيئاً، فلاحظه حتى نهاية الخط، ثم نبهه الى النزول.. وقبل الكمساري وهو يعطيني الملليمات الباقية من القرش بعد خصم ثمن التذكرة، فطلبت اليه ان يبقيها، فرفع يده يحييني باحترام، وكان القروي ينظر الينا وقد حرص زميلي على ان لا يجعله يرى الا منظر الكمساري وهو يحييني. وربت على كتف حفظ الله وقلت له: عند نهاية الخط طالبه بكل التحصيل، وراقب بنفسك الركاب وهم يدفعون. وصعد حفظ الله وقلت للكمساري بمسمع منه. خلي بالك وقال الكمساري، خلاص انا فهمت. وابتسم حفظ الله في اطمئنان فقلت له بمسمع من الكمساري. تطالبه بجميع الفلوس والا نلغي البيع. وهز حفظ الله رأسه مؤمنا، ولم يفهم الكمساري شيئاً بالطبع فقد ظن الحديث عن صفقة في البلد. وما حدث بعد ذلك يعرفه كل الناس، ففي اخر الخط جاء الكمساري ليلفت نظر حفظ الله الى النزول فطالبه بالحساب.. وتساءل الكمساري. أي حساب؟ وقال حفظ الله آه.. فاكرني عبيط! وزادت دهشة الكمساري حين قال له حفظ الله، الم يقل لي أمامك، "تطالبه بجميع الفلوس والا تلغي البيع". وسأل الكمساري أي بيع!؟ وقال حفظ الله : الترامواي.. انت ح تنصب علي..؟ وانتهت المناقشة في قسم البوليس. ومن سوء حظ رمضان ابو زيد ان البوليس كان يحفظ قائمة سوابقه، فقبض عليه وعرضه على حفظ الله فتعرف عليه. ودخل السجن وامضى فيه سنتين ونصف سنة.. خرج يوم الاحد الماضي. كانت تلك قصة بيع الترام في مصر ويبدو ان لها اشباه في بعض المدن الاخرى وهي قصص لو فتحت اوراقها لرأيت العجب العجاب.