كنت مسافراً باتجاه إحدى مدن الجنوب في فترة ماضية واسترعى انتباهي منظر أحد سفوح الجبال وقد اكتسى باللون الأبيض الذي يكاد يغطي جميع الأشجار. ولأن المنظر غريب ومفلت للنظر فقد توقفت لمعرفة حقيقة الأمر، لأكتشف بأنها كميات من أكياس الشعير البلاستيك التي يبتاعها الرعاه لتغذية مواشيهم من الأبل والأغنام فيكبون ما تحتويه تلك الأكياس في بعض الأوعية المفتوحة ويقذفون بها جانبا لتطير بها الرياح هنا وهناك حتى تعلق في الأشجار والأشواك ، ولكثرتها فإنك قد لا ترى شيئا من الأشجار سوى جذوعها، وتبقى تتحلل بفعل الشمس والهواء والماء . فتترسب بموادها الكيماوية الخطيرة إلى جذور الأشجار والشجيرات فتؤثر عليها . ولعل ذلك هو أحد أسباب موت الأشجار وتيبسها السريع ! ومن ينظر إلى الأشجار في الأودية والجبال القريبة من الطرق وأيضا الأماكن التي يرتادها الناس يجد أنها أكثر عرضة للموت … ومنها الأشجار المعمرة مثل العرعر . ولأن تلك المسألة ليست بتلك البساطة كونها تعرض إحدى الثروات الطبيعية للتلف السريع .. فإن من المطلوب الاهتمام باتخاذ التدابير لمعالجة الوضع للحفاظ على الغابات والنباتات ، وحتى لا يكون لها انعكاسات سلبية على صحة أفراد المجتمع .. لا سيما وأن الأمطار والسيول تنقل بقايا المواد الكيماوية المتحللة إلى مواقع أخرى بعيدة وبهذا يتضاعف الضرر وينتشر الخطر . خاصة وأن هناك من يرى أن نشوء بعض الأمراض بسبب المواد الكيماوية التي تصل إلى المنتجات الزراعية التي يتناولها الناس … ومن المناسب لو يتم تنظيم حملات توعوية لبيان ضرر البلاستيك على البيئة سواء أكياس الشعير أو بقية الأكياس التي يحمل المتبضعون أغراضهم فيها من الأسواق والبقالات ونحوها . والعمل على إيجاد البديل المناسب ما أمكن – مثل أكياس الخيش والورق – حفاظا على سلامة البيئة والصحة العامة . ودعوة الجميع لكيفية التعامل مع المخلفات البلاستيكية . ويظل من الأهمية تنظيم حملات نظافة عامة بين فترة وأخرى تستهدف بعض المواقع للتخلص من الكم الكبير من تلك المخلفات الخطرة ، بحيث تشترك فيها بعض الجهات الحكومية والمدارس والشركات والمؤسسات الأهلية والأفراد وتشجيع العمل التطوعي وتعويد أفراد المجتمع على ذلك . وكذلك تشجيع الرعاة والمزارعين لإعادة أكياس الشعير الفارغة بدلا من رميها وتقديم الحوافز كأن يحصل الشخص على خصم معين مقابل عدد من الأكياس يمكن تحديده بالصورة التي ترعاها الجهات المعنية . ومن المهم جدا سن قانون يتضمن وضع غرامات محددة على كل من يتسبب في ترك النفايات في المواقع السياحية والشواطىء والمنتزهات وغيرها مثلما هو معمول به في بعض الدول الأخرى حتى يتشكل الوعي . فما نلاحظه في بعض المواقع السياحية يدعو للألم فبقدر ما تقوم به الأمانات والبلديات من جهود كبيرة للنظافة اليومية بل الآنيّة إلا أنها تعجز أمام كثرة الإهمال والاستهتار من بعض المتنزهين الذين يحولون الأماكن الجاذبة إلى أماكن طاردة لكثرة ما يلقونه من علب ومناديل وأكياس وبقايا أطعمة ومشروبات في الجلسة الواحدة ,رغم وجود صناديق مخصصة للنفايات ليست بعيدة عنهم. ومن المرجح أن تنظيم حملات التوعية من جانب وتطبيق الغرامات من جانب آخر قد تساهم في حل جزء من الإشكالية لننعم بمواقع نظيفة وبيئة آمنة وصحة جيدة.