بخيت آل طالع الزهراني الاستاذ احسان صالح طيب الامين العام لهيئة الاغاثة الاسلامية، بدأ متطوعاً مع الهيئة قبل اكثر من 30 عاماً.. يقول ان العمل التطوعي ثقافة نشأ عليها هو واقرانه في المجتمع المكي الذي كان يحتفي بهذه الثقافة، ويكرسها في نفوس ابنائه.. وخلال هذا اللقاء ل(البلاد) مع الاستاذ طيب تحدث عن نشاطات الجمعية وخدماتها واغاثتها ل52 مليون انسان حول العالم، وتحديداً في 120 دولة، دون تمييز عرقي او عقدي، مشيرا الى اهمية الدعم للهيئة وكذلك اهمية الشفافية والتواصل مع الواهبين.. وتطرق حوارنا الى عدة قضايا مجتمعية كالتربية والمرأة وكبار السن وحقوقهم والنظرة للتعليم والتنمية في بلادنا.. هنا تفاصيل الحوار: عملت متطوعاً في هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية .. ما الذي دفعك لذلك .. وكيف ترى صورتها العامة ؟ الحقيقة أن (التطوع) في مجال العمل الخيري هو سمة من السمات التي يتمتع بها أي إنسان مسلم .. ذلك لأن الإسلام يزرع في قلب المرء حب العطاء والبذل والسخاء ومد يد العون للضعفاء .. ويصبح العطاء حباً لافتاً .. خصوصاً وإنني حينما فتحت عيوني رأيت في مسقط رأسي مكةالمكرمة تلك الأرض الطاهرة , مجتمع غايته البذل والعطاء .. تعامل مع الآخرين بكل سخاء .. بل لقد كانوا يتنافسون في الكرم .. ولا يشذ عن هذه القاعدة إلا القليل .. ولا غرو فقد كان أفراد المجتمع المكي يرون تلك القيم ويشبون عليها منذ نعومة الأظفار . ومثل تلك الأجواء المفعمة بروح التفاني هي التي دفعتني لدنيا (التطوع) فتعودت على المشاركة في كل بادرة من بوادر البذل وبتلقائية دون أن تكون هناك إشادة أو تغطية إعلامية أو جلبة إعلانية .. وشاركت في العديد من اللجان الاجتماعية منذ الصبا .. وحدثت في كل مرحلة من مراحل حياتي تحولات كثيرة وفي مختلف المجالات الفكرية .. والثقافية .. والعلمية فاصبح (التطوع) شيمة من شيم حياتي .. وكنت في الواقع قد دلفت لبوابة الهيئة التي نشأت قبل (3) عقود من الزمن , وهي ذات شخصية اعتبارية مستقلة , وتمارس نشاطها عبر عدة برامج ورعايات وإدارات , منها الإغاثة العاجلة والرعاية الاجتماعية منها والصحية , وتنمية المجتمع والإدارة الهندسية ووحدة خاصة للعمل التطوعي . وأكثر ما يميزها عن غيرها من منظمات العمل الإنساني عضويتها الفاعلة في منظومة الإغاثة الدولية مما أكسبها ثقة منظمات الأممالمتحدة .. وهي أيضاً عضوة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة وفي الإدارة العامة للإعلام أيضاً بجانب عضويتها في الجمعية العامة لمؤتمر المنظمات غير الحكومية وعضويتها بصفة مراقب في المنظمة الدولية للهجرة ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرها من المنظمات الإقليمية والدولية .. ما هي الصلاحيات التي تقوم بها في الهيئة ؟ عندما شرفني الله سبحانه وتعالى بهذه المهمة حمدته كثيراً لأنها تفتح للإنسان أبواب الأجر والثواب .. ورغم المشقات التي تعتري مثل هذا المشوار إلا إن النفس التواقة للخير لا تكل ولا تمل منه فأنا سعيد جداً لاعتلاء هذه المهمة ليس من أجل المنصب , ولكن من أجل التزود بأجر المولى عز وجل وثوابه العظيم .. ولا غرو أن العمل الإغاثي وخاصة الطارئ أو العاجل منه أصبح علماً يدرس في الجامعات والمعاهد الدولية، . ويتمثل العمل الإغاثي العاجل في الإسراع إلى مناطق الكوارث سواء كانت هذه الكوارث طبيعية كالزلازل والفيضانات وغيرها أو كوارث سببها البشر كالحروب والاضطهادات للإسهام في انتشال الجثث والإسعافات الأولية للمصابين وتوفير المأوى المؤقت للمتضررين وجمع شتات الأسرة بإلحاق الأطفال بآبائهم وعوائلهم، وإنشاء المرافق الخدمية المؤقتة كالحمامات ومراكز الإسعافات الطبية المناسبة والكهرباء والمياه والعمل على المحافظة على البيئة في ظل هذه الظروف حتى لا تنتشر الأمراض والأوبئة . ولا غرو أن هناك ميزانية محددة للصرف على الكوارث في الهيئة لأنها أمور غيبية وعند حدوثها يتم الصرف مبدئياً بصفة عاجلة من الزكاة ثم الشروع في تنفيذ حملة إغاثية، يصرف عليها، كما يصرف على التنمية المستدامة أو الإغاثة الوقائية ويتمثل ذلك في مساعدة الأفراد أو الأسر أو المجتمعات عن طريق مشاريع يستمر نفعها كبناء المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية في القرى النائية وبناء المساجد وحفر الآبار وإنشاء المدارس وحلقات تحفيظ القرآن الكريم وغير ذلك . وقد وضعت الهيئة في مسيرتها رؤية متكاملة تمثلت في الخطة الاستراتيجية التي من شأنها الارتقاء ببرامجها ومشروعاتها الميدانية من خلال ترميز كل أعمالها الفنية والإدارية وإعادة هيكلتها على كل المستويات حتى تكون ضمن المنظمات العشر الأوائل العالمية في مجالات الإغاثة والإعمار والتنمية إضافة إلى إنشاء مركز للتدريب المتخصص في ميادين العمل الخيري والإغاثي. بجانب تأهيل وتدريب ما لا يقل عن (50?) من منسوبيها وإصدار وتطوير اللوائح للحصول على الكفاءات البشرية المحترفة والحصول على شهادة الأيزو للأمانة العامة ومكاتبها وتخصيص (30?) من التبرعات العامة والاستثمارات (غير المخصصة) لصالح برامج الإعمار والتنمية وتسويقها.. كما تهدف إلى انتشار مشروعات الهيئة لتغطي 90? من المجتمعات الإسلامية المحتاجة وإنشاء خمسة مجمعات حضارية وحرصت الهيئة على أن تكون أنشطتها منسجمة مع احتياجات المجتمعات الموجودة في الدول المستفيدة .. الأقليات الإسلامية تشكو كثيراً من بعض الظروف الصعبة , كالأمراض والأمية والفاقة .. ما دور الهيئة في إنقاذ هذه الفئة من كبوتها ؟ للهيئة دور كبير في إنقاذ هذه الفئة من تلك المعاناة عبر العديد من الوسائل التي تتخذها والمتمثلة في قطاع البرامج والرعايات مثل الإغاثة العاجلة والرعاية الاجتماعية وتنمية المجتمع والمشاريع الموسمية والرعاية التربوية والصحية والمشروعات الهندسية .. إضافة إلى برنامج القرآن الكريم والدعوة .. بالنسبة لبرنامج الإغاثة العاجلة فإن الهيئة دائماً ما تكون على هبة الاستعدادات لتقديم مساعداتها المتنوعة للمنكوبين من شتى أنواع الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والأوبئة والقحط والجفاف .. وأولئك المتأثرين من الحروب الأهلية والصراعات الطائفية والعرقية , حيث تقدم لهم الهيئة في مثل هذه الحالات من المحن والشدائد والملمات المواد الغذائية والمأوى والكساء والخدمات الصحية والنفسية وغيرها من المساعدات التي يمكن من خلالها المساهمة في إنقاذ هذه الفئات المنكوبة من كبوتها . وقد نفذت الهيئة في هذا المجال العديد من المشروعات استفاد منها أكثر من (50) مليون شخص في (120) دولة في قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا والأمريكيتين خصوصاً تلك الدول التي تكتوي بنيران الفقر والمجاعة , مثل الصومالوأفغانستان واليمن والبوسنة وغيرها .. وفي مجال الرعاية الاجتماع فإن للهيئة أنشطة مكثفة لكفالة الأيتام والمحرومين من الأطفال .. ورعايتهم من خلال بعض الخدمات الصحية والتربوية والاجتماعية والغذائية بجانب المأوى والكساء وتفتح لهم أبواب التدريب المهني . وتمتد الجهود إلى مساعدات مادية تقدم لهم في الأعياد وحقائب مدرسية وإعانة المعاقين بمساعدات مادية لمجابهة الظروف المعيشية .. والهيئة عبر هذا المشوار لم يترك اليتيم لقساوة الدنيا بل إن هناك برنامج الرعاية اللاحقة حتى دراسته الجامعية .. أما فئة الأرامل فلهن أيضاً مساعدات في السكن والإعانة والرعاية الصحية .. ولقد اهتمت الهيئة كثيراً بالأرامل والمطلقات والمسنين والمعاقين والمصابين بالأمراض المزمنة وأسر السجناء والأسر الفقيرة بكل أنواعها والطلبة والطالبات من أبناء وبنات مثل تلك الأسر ..وتمتد مساعدات الهيئة لحقول الخدمات التربوية , وكفالة المدرسين والمدرسات ودعم بعض المؤسسات التعليمية في بعض الدول الفقيرة والمراكز التأهيلية للمعاقين .. وتتبع الهيئة جامعة خاصة للبنات في باكستان وجامعات أخرى في بعض الدول مثل تايلاند .. وتشاد .. ونيجيريا .. وبنجلاديش .. والسنغال .. واتسمت خدمات الهيئة في مجال الخدمات الصحية بالعديد من المناشط المرتبطة بالقوافل الصحية التي تجوب دول عدة .. والمخيمات الطبية التي تنصبها لإجراء العمليات الجراحية في العيون والقلب مثلاً بجانب العيادات المتنقلة . وهناك (23) مشروعاً صحياً تتبع للهيئة ما بين مستشفيات ومستوصفاًت إضافة إلى المراكز الصحية والصيدليات و(24) مشروعاً هي من المشاريع المؤقتة.. وكان من أكثر الأنشطة التي لاقت استحساناً من المستفيدين هي تلك القوافل التي سيرتها الهيئة للتطعيم وإجراء العمليات في كافة التخصصات الطبية .. علماً أن الهيئة وفي ظل هذه المساعدات الممتدة والمتواصلة تمنح اهتماماتها لكل المعوزين دون أي تمييز للعرقيات أو المعتقدات.. ما هي الوسائل التي تتخذها الهيئة لتقديم مساعداتها ؟ تقوم هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية باتخاذ العديد من الوسائل المتنوعة لإيصال هذه المساعدات من خلال وفودها ومكاتبها وتحت قطاع البرامج والرعايات لدعم التنمية في البرامج التالية: الإغاثة العاجلة: يعمل هذا البرنامج على إغاثة اللاجئين والنازحين ومنكوبي الكوارث المختلفة، ورغم الظروف العالمية وتأثيرها على العمل الخيري، تقدم الهيئة من خلال هذا البرنامج الماء والغذاء والكساء والمأوى والعلاج الصحي والنفسي، والبرامج التأهيلية المصاحبة للإغاثات. ومن خلال هذه البرامج نفذت الهيئة العديد من المشروعات والبرامج في (120) دولة بأربع من قارات العالم (إفريقيا آسيا أوروبا الأمريكيتين) وبلغ إجمالي المستفيدين منها منذ نشأة الهيئة وحتى تاريخه أكثر من 52 مليون مستفيد ومن أهمها: أفغانستانوالصومال والبوسنة وسوريا واليمن وغيرها. الرعاية الاجتماعية: يتركز دور الرعاية الاجتماعية في كفالة الأيتام والأطفال المحرومين ورعايتهم رعاية شاملة من طعام وكساء وتعليم ورعاية صحية واجتماعية ودينية وتوجيه وتدريب مهني، وأنشطة رياضية وترفيهية، بهدف تنمية قدرات الأيتام وربطهم بمجتمعهم وتوفير الأمان لهم وحمايتهم من الفقر والجهل والمرض، وتقديم البرامج المساندة لهم مثل عيدية اليتيم ومساعدة اليتيم والحقيبة المدرسية لليتيم وكسوة اليتيم بالإضافة إلى أنها بدأت بمشروع كفالة معاق حيث تقدم للمعاق كفالة مالية تساعده على أعباء الحياة الصعبة . تنمية المجتمع والمشاريع الموسمية: يولي هذا البرنامج عناية خاصة ببعض شرائح المجتمع على سبيل المثال: تقديم المساعدات للأرامل المقطوعة والمطلقات وكبار السن والأحداث والعجزة وذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين والمرضى. والأسر المحتاجة وأسر السجناء والمدمنين، والأسر المتضررة من الكوارث والنكبات، الأسر المنتجة، ومساعدة الطلاب والطالبات الفقراء. فيقدم البرنامج لهذه الفئات الدعم والمساعدة، بالإضافة إلى إعطائهم الأولوية في سائر برامج المساعدات التي تقدمها الهيئة مثل ما يقدمه المحسنون من مواد غذائية وملابس وغيرها، كما يشرف البرنامج على تنفيذ المشاريع الموسمية كمشروع إفطار صائم و كبش العيد وسقيا ورفادة تحجيج الأرامل. الرعاية التربوية: تقديم المنح والإعانات الدراسية للطلاب والطالبات من خارج دولة المقر وكفالة المدرسين والمدرسات ، وبفضل من الله تمتلك الرعاية التربوية جامعة خاصة بالبنات في باكستان وعدد من المؤسسات التعليمية لمختلف المراحل في العديد من الدول الإفريقية والأسيوية. ومنها: جامعة جالا بتايلاند- جامعة الملك فيصل بتشاد- مجمع أم القرى التعليمي بنيجيريا- مدارس اللاجئين البهاريين في بنجلاديش ومجمع مدارس دار الحكمة بالسنغال. الرعاية الصحية: وتشمل: المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية والعيادات والقوافل الطبية المختلفة والعيادات المتنقلة والتوعية الصحية والبرامج الوقائية والمخيمات الطبية والجراحية، ويبلغ عدد المشروعات الصحية حالياً 22 مشروعاً ثابتاً ما بين مستشفى ومستوصف ومركز صحي وعيادة وصيدلية و24 مشروعاً وبرنامجاً مؤقتاً ليشمل على القوافل الطبية والعيادات المتنقلة والمخيمات الجراحية وبرامج التوعية الصحية وصحة البيئة استفاد منها (23.723.640) مريضاً ومريضة. برنامج القرآن الكريم والدعوة: محو الأمية الدينية عن الشعوب الإسلامية ونشر الإسلام للراغبين فيه، والعناية بتدريس القرآن الكريم وتحفيظه، ويحقق البرنامج هذه الأهداف السامية من خلال كفالة الدعاة والمحفظين وأئمة ومؤذني المساجد. وتنتشر هذه المشاريع في عدد (38) دولة في آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية. واستحدثت الهيئة المشاريع التالية: 1) كفالة الأرملة. 2) إرسال باخرة إلى ميناء عدن تزن (4.500) طن محملة بالمواد الإغاثية والأجهزة والمعدات الطبية للأشقاء في اليمن. وقد تم توزيعها بمشاركة وفد من هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية. 3)= التعاقد مع بعض المخابز لتأمين الرغيف (الخبز) للاجئين السوريين في كل من الأردنولبنان. 4) إنشاء مراكز استقبال لللاجئين السوريين في كل من لبنانوالأردن ودفع إيجارات مساكنهم. 5) مشروع إضاءة المنازل عن طريق الطاقة الشمسية بغزة في فلسطين (قيد الدراسة). أنت ممن يشهد لك بالإخلاص والفكر والنزاهة، كيف يمكن توطيد الثقة بينكم وبين الواهبين ؟ أسأل الله أن يجعلني خيراً مما تظن ويغفر لي ما لا تعلم , وأن يجعلني عند حسن ظن الجميع , ولا يخفى عليكم أن التعامل مع الواهبين والداعمين للخدمات الانسانية , يعتبر من التحديات في مجال العمل الانساني , وذلك من خلال تسويق واستقطاب الدعم للمشاريع الانسانية وتفعيل وتطوير ادوات التواصل والشفافية لإقناع الواهبين بجدوى هباتهم وأثرها على الفئات المستفيدة . وهذا يعتمد بعد توفيق الله تعالى الى ثقتهم أولاً بالشخص والجهة التي يتعاملون معها بالإضافة الى نوعية البرامج والمشاريع الانسانية التي تقدم للفقراء والمساكين والمتضررين بسبب الازمات والكوارث والحروب . ومن خلال التقارير والاتصال ومشاركة الواهبين في مناسباتهم الشخصية بما يرفع من مستوى العلاقة , لتكون شراكة واستدامة الثقة وعرض المشاريع التسويقية الانسانية، هذا بالإضافة الى شكرهم على جهودهم بكافة الوسائل المتاحة ومنحهم شهادات الشكر والتكريم. ماذا تقول لمعالي الدكتور عبدالله التركي .. والدكتور عدنان باشا ؟ شهادتي لمعالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي لا يمكن أن تمنحه حقه الكامل .. فهو من العلماء الأفذاذ الذين يشار إليهم بالبنان وعلى مستوى العالم .. وقد منح للدول الإسلامية والعربية عصارة جهده في الكثير من المجالات العلمية والدعوية والثقافية والفكرية .. ولمعاليه دور كبير في تأسيس معظم الجامعات الإسلامية ووضع خططها ومناهجها من بينها الجامعة الإسلامية في النيجر وكذلك في إسلام أباد .. وجامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض .. وغيرها . ولمعاليه في خلال الأربعين عاماً الماضية إسهامات كبيرة في مجال التربية والتعليم في الدول العربية والإسلامية والعالمية وداخل المملكة .. بجانب عضويته في الكثير من المؤتمرات والاجتماعات التي عقدتها بعض الجامعات العربية .. وقد استفاد الكثيرون من مؤلفاته وكتبه التي تناولت العديد من الأفكار بجانب إسهاماته الإعلامية عبر أحاديثه الإذاعية التي تعرض فيها الكثير من المعلومات الفكرية والثقافية والأدبية والدعوية داخل المملكة بل امتدت هذه العضوية في الكثير من المنابر العالمية ووجدت صداً واسعاً ونال معاليه العديد من الجوائز العالمية والمحلية مما يؤكد على مدى إسهاماته في كل الحقول الفكرية .. وقد تقلد معاليه العديد من الوظائف في معظم المعاهد والجامعات .. ناهيك عن منصبه الذي تقلده مستشاراً في الديوان الملكي وعضويته في هيئة كبار العلماء .. والمجلس الأعلى للإعلام .. وغيرها من اللجان والمؤتمرات .. فله كل التجلة والاحترام .. أما الدكتور عدنان بن خليل باشا فهو قبل كل شيء من الأصدقاء الأوفياء , التقينا في دروب العمل الخيري .. ومازالت هذه الدروب تجمعنا .. ولا غرو أنه قاد سفينة الهيئة في وسط هذه الأمواج المتلاطمة بكل حنكة واقتدار لأنه يتحلى بقيادة ماهرة في هذه المجالات الإنسانية وقضى من عمره في هذه السفينة زهاء ال (17) عاماً وأضاء الطريق أمام العمل الخيري وترك لنا إرثاً كبيراً .. وكنت ألاحظ عشقه وحبه الكبيرين لهذا الميدان ومدى قدرته على النأي بهذا الصرح العظيم من كل العقبات حتى يمضي سريعاً نحو غاياته خصوصاً وإنه كان مؤمناً بأهمية البعد عن دنيا السياسة في حالات العمل الخيري والتركيز على أداء مثل هذه الأعمال الإنسانية والتنموية لكافة الأطراف المحتاجة دون أي نوع من أنواع التحيز لأن التسييس كما هو معروف معكر لصفاء العمل الخيري ويفسد تركيبته الصافية ويزج به في أتون الصراع والتخريب ويفقده التركيز على تقديم العون للفئات المستضعفة أو الأقل إحداث الجلبة الإعلامية لمزيد من المكاسب الرخيصة .. فله مني التحية والتقدير الخالص .. لا يوجد لديكم حسب متابعتنا من أفكار لافتة في الهيئة , سوى مشروع سنابل الخير، لماذا ؟ يوجد لدى هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية مشاريع وبرامج ناجحة متعددة في مجالي الإغاثة العاجلة وإعادة التأهيل، والمجال التنموي من خلال كفالة الأيتام وتقديم الرعاية الاجتماعية والصحية والتربوية لهم وللطلاب الفقراء وأسرهم والعناية بذوي الاحتياجات الخاصة والمساهمة في الدورات التدريبية التي يحتاجها سوق العمل للشباب والفتيات من الفقراء وذوي الدخل المحدود، إلا أن مشروع سنابل الخير هو الأبرز كونه وقف منجز دائم من خلال حبس العين وتسبيل المنفعة .. ودخله يخدم جميع مشاريع وبرامج الهيئة الخيرية .. كيف يستطيع مجتمعنا المحلي حماية الأسرة من العنف المتكرر؛ الذي يهدد تماسكها ؟ نستطيع حماية الأسرة باتخاذ الإجراءات والتدابير التالية: أولاً: الرجوع للإرث النبوي الكريم في معاملة سيدنا رسول الله لآل بيته والمجتمع الإسلامي ونشر هذا التراث الذاخر المملوء في كتب السيرة من خلال برامج تلفزيونية وإذاعية وأيضاً صحفية وبوسائل الإعلام المختلفة. ثانياً: سن التشريعات والنظم التي تحفظ حقوق كل أطراف العلاقة. ثالثاً: قيام الشئون الاجتماعية وبالذات وكالة الوزارة لشئون الأسرة بمعالجة القضايا الموجودة من خلال الدراسات الاجتماعية التطبيقية لهذه الظاهرة ومنع انتشارها وكيفية مواجهتها بالمشاركة مع أقسام الاجتماع لخدمة الاجتماع وعلم النفس والقانون في الجامعات السعودية المختلفة. رابعاً: للمسجد دور كبير في عمليات التوعية فمنبر الجامع هو الذي يبث في المجتمع القيم الإسلامية، والخطيب المؤثر هو الذي يكرس تلك القيم في النفوس ترغيبًا وترهيبًا. خامساً: المدرسة من خلال المناهج الدراسية التي تغرس في الناشئة من صغرهم القيم الأخلاقية الحاثة على التراحم الأسري والتماسك العائلي. نسمع عن حالات تحرش جنسي في المجتمع؛ واعتداء نفسي وجسدي .. ما الذي أوصلنا لهذه الحالة ؟ هناك مصطلح نستخدمه دائمًا للتعبير عن النقلة الاقتصادية التي أحدثها النفط في بلداننا، وهو مصطلح "الطفرة"؛ والطفرة تعني الانتقال أو التحول الفجائي غير المتدرج، وتلك الطفرة بلا شك كان لها إيجابيات كبيرة في تنمية مجتمعاتنا ونقلها إلى مصاف الدول التي تتمتع بالرفاهة، ولكن كان لها على المستوى الاجتماعي ما نستطيع تسميته آثارًا جانبية، وتلك الآثار هي ما أفرزت الظواهر التي تتحدث عنها . فقد أصبحت عملية التربية في بيوتنا موكلة لعمالة وافدة؛ وهذه العمالة معظمها لا تحمل قيمنا ومبادئنا وربما أحيانًا تخالف ديننا، فضلا عن كونها لا تحظى في نفوس الصغار بنفس درجة الاحترام والتوقير التي يختص بها الوالدان؛ وبالتالي فإن أثرها التربوي يكون محدودًا؛ فإذا أضيف لذلك انشغال الوالدين عن ذريتهما، والتأثير القوي للإعلام بشكليه التقليدي والجديد واطلاع الشباب على عادات غريبة عنا وعن أخلاقنا، فكل هذه العوامل أضعفت الضبط الاجتماعي؛ وأفرزت تلك السلبيات. كيف نجنب أطفالنا مشكلة الإعاقة، وما رؤيتك للرعاية التي يجب أن تقدم للمعاق ؟ سؤالك مهم .. لأنه تطرق إلى المشكلة من شقيها الوقائي والعلاجي؛ أما فيما يتعلق بالوقاية من الإعاقات وهي بالطبع أهم بكثير من العلاج فالإجراءات فيها واسعة , وتبدأ من أولى مراحل ما قبل الزواج، بضرورة الفحص المبكر للطرفين وألا يقتصر ذلك على الصحة البدنية بل يتجاوزها إلى النواحي النفسية السيكولوجية، واشتراط توافق الزوجين وخلوهما من احتمالات حدوث إعاقة مثل الأمراض الوراثية، ثم المتابعة الدورية المستمرة للجنين ثم للوليد؛ والاستعداد للتدخل المبكر في حالات الإعاقة؛ وتهيئة الوسائل المعينة من خلال المراكز المتخصصة. أما فيما يتعلق بالرعاية التي ينبغي تقديمها للمعاق، فهي للأسف ما زالت دون المستوى المأمول؛ سواء من ناحية الأماكن (أي تهيئة البيئة المحيطة)؛ أو التشريعات أو المراكز العلاجية أو الخدمات المساندة، فهذه جميعًا تحتاج إلى وقفة تقويم وإعادة نظر، ونحن لا نشكك في وجود جهود مخلصة ونوايا جادة؛ بل وإنجازات متميزة، ولكنها تبقى في النهاية أقل من المطلوب لمواجهة حجم الإعاقات في المجتمع والتي ترتفع فيها النسب عن المعدلات العالمية، ونعرف العديد من أسر المعاقين التي تضطر للجوء بأبنائها إلى بعض الدول المجاورة؛ بحثًا عن رعاية متخصصة، وهو وضع نتطلع للتغلب عليه خلال الفترة المقبلة. سمعت منك في جلسة خاصة رؤيتك لحل مشكلة عدد كبير من الأفارقة منذ عقود في مجتمعنا ممن هم بدون إقامات .. ما رؤيتك في هذا الشأن ؟ الحقيقة أن مناطق كثيرة من المملكة تعاني وتواجه هذه المشكلة .. ذلك لأن مثل هذه الفئة لها أضرار جسيمة .. وهي بجانب ترويج عدد كبير منها لكل أنواع الفساد من سرقات ومخدرات وغيرها .. تعمل أيضاً على إفساد أخلاقيات أبناؤنا وقد منحت لهم مثل هذه الفرص الكبيرة في البقاء والتناسل والتزايد حتى امتلأت بهم العديد من الأحياء الشعبية لعدم اهتمام الجهات المعنية وعدم تمكن تلك الجهات من استئصالها قبل أن تستفحل الأمور .. في هذه الحالة من الأصوب أن تسارع تلك الجهات بترحيل هؤلاء المخالفون إلى بلادهم .. أو تصحيح أوضاعهم.. لأن ذلك قد يساهم في الحد من هذا الخطر والجرائم .. وفي حالة ارتباطهم بكفلاء تصبح لهم إقامات يسهل الوصول إليهم .. ويمكن أيضاً الاستفادة من طاقاتهم في بعض الأعمال اليدوية , بدلاً من إغراق البلاد بالمزيد من العمالة الوافدة دون إقامات .. ومصدر الخطر هو عدم وجود أعمال تشغلهم .. ولابد أيضاً من تشديد العقوبات على كل من يساهم في تمكين هذه الفئة من البقاء في البلد سواء من الملاك أصحاب البيوت الذين يؤجرون بيوتهم لمثل هذه الفئة .. أو من يساهم في استضافتها .. والتستر عليها .. ولابد من تفعيل جمعيات المجتمع المدني لكي يكون لها دور فاعل في معالجة هذه المشكلة .. الأيتام من مجهولي الأبوين، كيف تشخص حالهم، وما السبيل لمعالجة أوضاعهم ؟ يتم إدراجهم تحت مسمى الطفل المحروم , الذي يعامل معاملة اليتيم , لعدم معرفة من أبوه , ويأخذ كفالة مثل كفالة اليتيم , تصرف لمعيليه. لماذا لم نصل لمرحلة التنمية الحقيقية للشباب والنساء، بحيث يتمكن هؤلاء من إيجاد مصادر دخل لهم من عرق جبينهم ؟ السؤال يحمل صيغة التعميم، والتعميم هنا ينافي الصحة أو لنقل ينافي الدقة، فالمملكة شهدت في النصف قرن الأخير، ارتفاعًا مذهلا في نسب التعليم للجنسين، وشهدت كذلك العقود الأخيرة ارتفاعًا في نسب توطين العمالة، واهتمامًا بقضية تشغيل المرأة، ولدينا أكبر برنامج للابتعاث في العالم؛ استفاد ويستفيد منه عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات؛ يعودون إلى الوطن متسلحين بما يؤمّن لهم أفضل فرص العمل، فضلا عن إسهامهم في تنمية وتطوير مجتمعهم. ولكن دعنا نقر بأن خطط التنمية مهما كانت طموحة، ومهما كانت الجهات القائمة عليها جادة وسخية، فهي تحتاج وقتًا لكي تؤتي أكلها، فنحن هنا نتحدث عن بشر وليس عن منتجٍ يٌصنّع أو نبتة تستزرع، نعم هناك إخفاقات وتعثرات في الخطط التنموية، ولكن هذا أمر طبيعي ويتم تصحيحه بشكل مستمر، بالإضافة كذلك إلى مهمة منظمات المجتمع المدني في سد الثغرات، وعلى أية حال نحن نضم صوتنا إليك في أهمية تكثيف الجهود التنموية الموجهة لفئتي الشباب والنساء. لدينا العديد من المسنين , ما زالوا تحت رحمة المحسنين، ما السبيل للعناية بهم كما ينبغي ؟ هذا الأمر له جانبان؛ الأول ما أكاد أكرره في إجابتي على كل سؤال؛ وهو حشد الجهود لإحياء القيم الأصيلة التي كانت سائدة في مجتمعاتنا، والتي نحمد الله أنها لم تندثر ولكنها توارت قليلاً أمام زحف الوافد بزخمه الإعلامي، وطبعًا توقير الكبير والعناية بالمسنين من أجَل القيم التي توارثناها كابرًا عن كابر؛ وهذا هو الشق الأول الذي يحل لنا قدرًا كبيرًا من المشكلة ، ولكن يبقى الشق الثاني الذي لا يمكن إغفاله وهو حينما تقصر الأسرة التي هي المحضن الطبيعي للمسن عن رعايته، سواء كان هذا التقصير عن عجز تختلف ظروفه، أو عن إهمال تتنوع دوافعه، فهنا يأتي دور المجتمع من خلال مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة لتغطي تلك الفجوة. فينبغي أن تكون لدينا جمعيات خيرية ينحصر اهتمامها بالمسن في صحته ورعايته وغذائه وكسائه، وإيوائه إذا لزم الأمر؛ وعلينا ألا نخجل من ذلك فأحيانًا تكون إقامة المسن في دار إيواء بين رفقةٍ من جيله يسامرهم ويواسونه، ويتوفر فيها الرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية، أفضل من تركه معزولاً في ملحق بيت أو مهملاً بغرفة بدروم؛ ينتظر من الخادمة وجبة الطعام وقرص الدواء. كيف تنظر لمستوى التعليم في بلادنا , وما الذي ينقصه ليقدم لنا المخرجات المطلوبة ؟ لا شك أن التعليم في المملكة العربية السعودية خطى خطوات إيجابية كبيرة من حيث التوسع والانتشار مما أدى إلى انخفاض الأمية بشكل ملحوظ ؛ إلا انه لا يزال لم يرق إلى المستوى الطموح والتطلعات التي يتطلع لها ولاة الأمر حفظهم الله والتي تتمثل في إيجاد تعليم جادّ يسهم في نهوض المجتمع من جميع جوانبه ، وبرغم أن الميزانية المخصصة للتعليم العام والتعليم العالي وتدريب القوى العاملة تبلغ 217 مليار ريال بما يمثل حوالي نسبة (25) بالمائة من النفقات المعتمدة بالميزانية (وهو دليل قاطع على أن ولاة الأمر يحفظهم الله لا يتوانون في دعم التعليم على اختلاف مراحله ومستوياته . إلا أننا نجد من يرى أن المنظومة التعليمية لم تنهض بالمعلم من حيث التكوين والإعداد ، ولم ترتق بالمنهج إلى مصاف المناهج العلمية العالمية (مع جودة المناهج المطبقة في جميع المراحل التعليمية في المجالات التربوية والأدبية والتاريخية) إلا أن المناهج العلمية لا تزال قاصرة عن مواكبة المناهج العلمية العالمية ، كما لم تستطع هذه المليارات الرقي بالبيئة التعليمية بشكل عام ، لأنها لم توجه لتطوير العملية التعليمية، وهذا ما يجعل العديد من المراقبين يؤكدون أن مسارات التعليم في مدارسنا وجامعاتنا متدنية ، وما يؤيد هذا أننا نرى الأعداد الغفيرة التي تخفق في اختبارات قياس القدرات والاختبارات التحصيلية المختلفة وفي المقابلات التي تضعها بعض مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي كشرط من شروط الالتحاق بها . وقد يعود السبب في ذلك إلى تغييبنا للدورات التدريبية والتأهيلية الموجهة إلى معلمينا ومعلماتنا ، كما يعود تدني مستوى التعليم إلى أسباب كثيرة منها التركيز على الكم لا على الكيف فنجد أغلب طلبة المدارس يحصلون على معدلات مرتفعة إلا أنهم يخفقون في الدراسات الجامعية، كذلك يعود تدني المستوى العام للطلبة إلى التفكك الأسري ، وعدم تحمل الآباء لمسؤولياتهم تجاه الأبناء ، وعدم التركيز على القيم التي يجب على الطالب أن ينطلق منها في العملية التعليمية.