استقبل فخامة رئيس جمهورية بنين / بوني ياي امس معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالله بن عبدالمحسن التركي والوفد المرافق له وذلك بالقصر الجمهوري في مدينة كوتونو / عاصمة بنين / . وفي بداية اللقاء نقل معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي تحيات وتقدير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين / حفظهما الله / لفخامته ولشعب جمهورية بنين وتمنياتهما الطيبة والصادقة لجمهورية وشعب بنين بالنماء والازدهار والرخاء . من جهة أخرى افتتح ممثل فخامة رئيس جمهورية بنين معالي وزير الاقتصاد البحري عيسى بادارو بحضور معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي امس ملتقى الأئمة ورؤساء الجمعيات الإسلامية الذي تنظمه الرابطة بالتعاون مع الاتحاد الإسلامي في جمهورية بنين بعنوان / الإسلام والتعايش السلمي / وذلك بقاعة قصر المؤتمرات في بنين . وقد بدأ الملتقى بتلاوة آيات من القران الكريم. ثم ألقى مدير مكتب الرابطة في جمهورية بنين محمد عبدالله صالح كلمة أبرز فيها أهمية التعايش السلمي بين الجميع وفق سماحة وانفتاحية الدين الإسلامي الحنيف مؤكدا أن الإسلام رسالة شاملة وخالدة ودعا للفضيلة والتسامح والألفة والمحبة والإخاء ونبذ الفرقة والمشاحنة والبغضاء. عقب ذلك ألقى رئيس الإتحاد الإسلامي في جمهورية بنين محمد أحمد ثاني كلمة ثمن خلالها الجهود التي تقوم بها رابطة العالم الإسلامي في دعم ومساندة ومساعدة المسلمين في كل مكان وحرصها على إقامة الملتقيات والندوات والمؤتمرات العالمية وغيرها للتعريف بالإسلام وسماحته وتوعية الجميع بهذا الدين السماوي الذي يحث على العمل الصالح والعيش بسلام ووئام دائم مع جميع البشر. إثر ذلك ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبد المحسن التركي كلمة أكد فيها أن الإسلام الذي أنعم الله علينا به جاء ليعزز في الإنسان القيم السامية وينمي فيه المعاني الفاضلة كالصدق والأمانة والوفاء بالعهد والوعد والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين وحب الخير لهم والعدل في معاملتهم كما جاء ليطهرهم من العادات السيئة والأخلاق الذميمة المقيتة كالحقد والبغضاء والغدر والظلم والعدوان والفساد في الأرض وبذلك يهيئه ليكون عنصراً صالحاً في مجتمعه وعضواً مشاركاً في بنائه والمحافظة على أمنه واستقراره. وأشار إلى أن الإسلام الذي جاء لصياغة الشخصية السوية في الكيان الإنساني يملك منظومة أخلاقية متكاملة أصولُها مبثوثةٌ في عدة مواضع من كتاب الله، ومتصلةٌ اتصالاً تفصيلياً وتطبيقياً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته الشريفة. وبين أنه على أساس هذه المنظومة الأخلاقية المستلهمة من هدي القرآن الكريم والسنة والسيرة بنيت النظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الإسلامية وعلى ضوءها يتعامل المسلمون فيما بينهم وفيما بينهم وبين غيرهم ممن تجمعهم بهم ظروف المعيشة وأسباب الحياة في مختلف مجالاتها كالإقامة والتجارة والتعليم والعمل في المؤسسات والدوائر الحكومية. وقال معاليه // كما أن الإسلام رسالة مفتوحة على جميع الناس فكذلك المسلمون أمة منفتحة على غيرها لا يحجزها دينها عن التعامل مع غير المسلمين على اختلاف مللهم إذ بالاحتكاك والتعامل والتعايش يتعرف الناس على دين المسلمين ورسالتهم ورصيدهم الثقافي والحضاري//. وأضاف قائلا // إذا رجعنا بالأيام إلى أول عهْدِ أهل هذه البلاد بالإسلام فسنجد أن ذلك كان عن طريق التبادل التجاري بينهم وبين الممالك الإسلامية التي كانت قائمة آنذاك في حوض النيجر في الشمال ثم مهدت العلاقات التجارية الطريق لهجرة جماعات من القبائل المسلمة إلى المناطق الشمالية فاستوطنوا فيها واختلطوا بأهلها وكان ذلك التعايش السلمي من أسباب انتشار الإسلام فيما بعد في المناطق الوسطى والجنوبية// . وبين معاليه أن الإسلام أصبح أحد المُكوِّنات الاجتماعية والدينية والثقافية للمجتمع البنيني الذي مر بمراحل عصيبة في تاريخه الحديث قبل أن ينعم بالاستقرار في الوقت الحاضر حيث تعاقب عليه الاستعمار البرتغالي ثم البريطاني ثم الفرنسي وفي عهد الاستقلال وبناء الدولة كانت تجربةُ النظام الشيوعي التي تلت سلسة من التقلبات تجربةً قاسية ومريرة ثم ولى ذلك العهد وأصبحت البلاد معافاة تتمتع باستقرار سياسي واجتماعي. وأكد معاليه أنه يجب على المسلمين أن يقدروا نعمة هذا الاستقرار ويعملوا من جانبهم ما أمكنهم الجهد على دعم هذا المكسب الثمين والمحافظة عليه لأنه يهيئ الأجواء الملائمة لفتح سبل الحوار البنَّاء بين الفئات الدينية والمجموعات الإثنية العديدة التي يتألف منها المجتمع البنيني لإيجاد صيغ عملية تخدم التعايش والتعاون في خدمة الوطن ومواجهة التحديات التي تتربص بأبنائه. وأشار إلى أن معادلة التعايش بين الفئات الدينية في بنين تتطلب من مسلمي هذا البلد أن يوازنوا بين الانتماء الديني والوطني ويقدموا نموذجاً في التوفيق والمواءمة بين هذين الانتماءين فبقدر ما يحرصون على العناية بالوسائل التي يقيمون بها دينهم كالمساجد ومؤسسات التعليم ووسائل الإعلام المحلية يحرصون على الإسهام بإخلاص في خدمة وطنهم وتنميته اجتماعياً وبيئياً من خلال الأطر والقطاعات الحيوية التي يعملون فيها. وأوضح في هذا الصدد أنه للقيام بهذه المهمة لا بد أن يكون المسئولون عن الشؤون الإسلامية من قياديين وميدانيين يداً واحدة فيما يرعونه من مؤسسات وأعمال تفاهماً وتنسيقاً وحرصاً على توحيد العمل الإسلامي وأن ينبذوا كل أشكال الخلاف والتنافر بينهم فإنهم يمثلون الإسلام أمام المجتمعات التي يعيشون بين ظهرانيها ويعطون المثل من سلوكهم لما يدعون إليه ويعملون لأجله كما أن عليهم أن يركزوا جهودهم على النهوض باللغة العربية التي هي مفتاح الثقافة الإسلامية وعلى إعداد الدعاة والمعلمين في الكم والكيف وأن يعملوا على توفير وسائل التعليم وتوحيد مناهجه مع مراعاة تناسبها مع المستوى العام للفهم والاستيعاب وتحقيق بعض هذه الأهداف يتصل بتوعية المسلمين بأهمية تطوير الجوانب الاقتصادية في حياتهم مع التفكير في التنويع وإيجاد البدائل للمشاريع المتعثرة والعناية بالمشاريع الصغرى التي لا تتطلب الكثير من رأس المال والخبرة الفنية واليد العاملة. وفي ختام كلمته شكر فخامة رئيس الجمهورية الدكتور بوني يَايِي، دعوته الكريمة لهذه الزيارة مع حفاوة الاستقبال التي لقيها وفد الرابطة مشيداً بالجهود المبذولة من الحكومة البنينية في تحقيق الاستقرار الذي تعيشه البلاد في الوقت الحالي والذي هو ثمرة لسياسة التعايش والتعاون بين الفئات الدينية التي تدعمها الحكومة الحالية. بعد ذلك ألقى ممثل رئيس جمهورية بنين وزير الاقتصاد البحري عيسى بادارو كلمة عبر فيها عن سعادته بهذا اللقاء المهم مثمنا الأعمال التي تقوم بها الرابطة في جمهورية بنين لمساعدة شعب بنين المسلم والأخذ بيد الفقراء نحو الإنتاج المجتمعي مشيرا إلى أن الدين الإسلامي أثبت على الدوام أنه دين السلام والمحبة وأنه دين يدعوا إلى الإيمان بالله وحده وأنه بعيد عن الإرهاب والمشاكل والتطرف والعنصرية . وأبان أن هذا الملتقى هام جدا لتوضيح وتبصير المسلمين وغيرهم بضرورة التعايش السلمي والحرص على العمل المشترك لتنمية المجتمع وتطوره متمنيا للمشاركين في الملتقى التوفيق والسداد . إثر ذلك بدأت فعاليات الملتقى بإقامة أربع محاضرات تناولت واجبات المسلم في المجتمع غير المسلم والتعايش السلمي وأسسه في الإسلام وكذلك المسجد ورسالته في التوعية والتوجيه بالإضافة إلى الأخلاق والتعامل في الإسلام . على صعيد آخر قام معالي الأمين لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي والوفد المرافق له بزيارة امس لمسجد حونكي في مدينة كوتونو عاصمة جمهورية بنين الذي يعد أول مسجد بني في كوتونو حيث يتسع لأكثر من 300 مصلي ويضم مركز الاتحاد الإسلامي . كما زار معاليه جامع زنقو الذي تم تحديثه عام 1998 ه ويتسع لأكثر من 2000 مصلي . عقب ذلك زار مركز الملك فيصل في بنين الذي أنشأته المملكة العربية السعودية عام 1979 ويتكون من مقر لرابطة العالم الإسلامي ومركز صحي يضم عيادة عامة وقسم للولادة والأطفال ومسجد يتسع لأكثر من 300 مصلي وتقام بالمركز العديد من الأنشطة الدينية والثقافية والاجتماعية والتوعوية . وأكد معاليه عقب الزيارة حرص واهتمام الرابطة لدعم المسلمين في كل مكان ومد يد العون والمساعدة لهم والاهتمام بالمراكز الإسلامية التي تنطلق منها برامج الدعوة إلى الله عز وجل وتثقيف المسلمين وتوعيتهم بأمور دينهم بدعم ومؤازرة من حكومة المملكة العربية السعودية التي لا تدخر وسعا في سبيل رعاية وخدمة الإسلام والمسلمين في كل مكان , مشيدا بالعناية والرعاية التي تقدمها حكومة بنين للمسلمين على أرض بنين .