اختتمت مساء أمس في العاصمة الروسية موسكو أعمال الدورة الرابعة للجنة الحكومية السعودية الروسية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني التي استضافتها روسيا ، حيث أكد الجانبان على أهمية النهوض بمستوى التبادل التجاري والاقتصادي والتعاون الاستثماري الذي لا يرق إلى ما يمتلكها البلدان من إمكانيات كبيرة. ورأس وفد المملكة العربية السعودية في الاجتماع معالي محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبداللطيف بن أحمد العثمان ومن الجانب الروسي وزير الطاقة الكسندر نوفاك بحضور وفدي البلدين. وتم خلال اختتام اللجنة المحضر النهائي لأعمال الدورة الحالية بحضور سفير خادم الحرمين الشريفين لدى موسكو عبدالرحمن الرسي حيث تم توقيع عدة اتفاقيات للتعاون بين ممثلي قطاعي الأعمال في البلدين ومحضر اجتماع مجلس الأعمال السعودي الروسي الذي عقد خلال فعاليات زيارة الوفد السعودي. وقال معالي محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبداللطيف العثمان في كلمته خلال افتتاح أعمال الدورة الرابعة للجنة الحكومية السعودية الروسية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني المنعقدة حاليا بموسكو إنه في مثل هذا الشهر من عام 1994م صادق البلدان على اتفاق للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والفني بين البلدين, وذلك في ختام زيارة رئيس الوزراء الروسي الأسبق فيكتور تشير نوميردين للمملكة وشكلت بموجبها اللجنة السعودية الروسية المشتركة وافتتحت دورتها الأولى في أكتوبر عام2002م ، كما عقد في نفس الفترة المؤتمر الأول لرجال الأعمال الروسي السعودي المشترك للتعاون التجاري والاقتصادي. وأعرب العثمان عن أمله في أن تشهد الفترة القادمة تسريعا لوتيرة العمل لإنجاز ما يتم الاتفاق عليه "ونتطلع أن يشهد هذا العام نقلة نوعية في حجم التعاون بين البلدين كما ونوعا في المجالات كافة ، وبخاصة أن هذه الاجتماعات تأتي بعد الزيارة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية إلى روسيا منتصف العام وسط احتفاء رسمي كبير ، وقد أضافت بعداً جديداً وواعداً في مسيرة العلاقات بين البلدين الصديقين". وأوضح أن المباحثات التي أجريت مع القادة الروس والفعاليات التي نظمت على هامش الزيارة أثمرت عن العديد من الاتفاقيات لتعزيز التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات،لافتا النظر إلى أن الوفد السعودي الذي يزور موسكو حاليا ممثلا بنحو 25 جهة حكومية وتحمل توجيها من قيادة المملكة بإعطاء كامل الاهتمام لتعزيز التعاون مع روسيا بما يخدم البلدين ، ومن المؤمل أن نتوصل إلى آليات عمل يتم من خلالها تفعيل جميع البنود التي يتم التوقيع عليها في المحضر. وعدد معاليه الآليات ومن بينها: تشجيع المنظمات والشركات الروسية والسعودية على المشاركة في المعارض الدولية المتخصصة في كلا البلدين وعلى تبادل المعلومات في هذا المجال ، وتبادل زيارات الوفود على المستويين الحكومي والقطاع الخاص ، وعقد الجلسات والاجتماعات وورش العمل بين الغرف التجارية والصناعية للبلدين وعلى تطوير زيارات لرجال الأعمال للتعرف على الفرص الاستثمارية والتجارية والمالية والصناعية للبلدين, وتحفيز وتشجيع إقامة المشروعات المشتركة في البلدين مع تبادل الخبرة والمعلومات حول الأنظمة التي تحكم أعمال الشركات في مجال التجارة والصناعة والمناطق المتخصصة . وزاد محافظ الهيئة العامة للاستثمار قائلا إن ماضي المملكة شهد انجازات كبرى بكل المقاييس ومستقبلها واعد مدعوما برؤى طموحة لقيادتها، ولقد قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في كلمته لشعب المملكة عند توليه مقاليد الحكم قبل عدة أشهر كلمة تلخص ما نحن مقبلين عليه من تنمية حيث أكد " أن الدولة ستعمل على بناء اقتصاد قائم على أسس متينة ، تتعدد فيه مصادر الدخل وتنمو من خلاله المدخرات ، وإيجاد فرص للعمل في القطاعين العام والخاص ، مع حرصه الشخصي حفظه الله على معالجة أي معوقات من الممكن أن تواجه المستثمرين في المملكة" . وشدد المهندس عبداللطيف العثمان في كلمته خلال افتتاح أعمال اللجنة السعودية الروسية في موسكو على إن المملكة أكبر اقتصاد في المنطقة ، وهي إحدى أسرع الدول نموا في مجموعة العشرين ، وبلغ حجم اقتصاد المملكة ما يعادل 746 مليار دولار وبمعدل نمو أسمي خلال العشر سنوات الماضية 6 % . ورأى أن المملكة تتميز بنظام استثمار أجنبي يكاد يكون الأكثر تقدما مقارنة بأغلب الدول ولديها بنية تحتية متطورة يجري تحديثها باستمرار ، كما أن لديها الموقع الجغرافي المشجع على الاستثمار مدعما باستقرار سياسي وعزيمة صادقة من الحكومة بتفعيل دور القطاع الخاص. ونبه إلى أن المشاريع المقامة في المملكة المحلية والأجنبية تتمن من الحصول على عدد من الحوافز التي تقدمها العديد من الجهات الحكومية ومن بينها على سبيل المثال : التمويل الميسر من عدة صناديق حكومية لدعم المشاريع الاستثمارية التي تحتاجها المملكة، وتقديم دعم مالي مقابل تدريب وتوظيف المواطنين السعوديين, ومعاملة حكومية تفضيلية في الشراء في مشروعات الدولة . وأضاف قائلا: بالنسبة للشركات الأجنبية ومن بينها الشركات الروسية الرائدة التي نرحب بها كل الترحيب فإنه يسمح لها بالتملك بنسبة 100% في جميع القطاعات, مع استثناءات بسيطة في بعض القطاعات، موضحا أن المملكة تشهد اليوم نشاطا اقتصاديا ضخما وحراكا تنمويا شاملا في مختلف مناطق المملكة ولا يقتصر على المدن الكبيرة ، وذلك مكننا من توفير فرص استثمار فريدة لتأسيس كيانات استثمارية عملاقة يمكن أن تقدم خدماتها ومنتجاتها على مستوى المملكة والمنطقة ، وذلك بما يخدم الاقتصاد السعودي ويسهم في تنويعه وزيادة صادراته ، وبما يحقق الأهداف التنموية الوطنية وعلى رأسها تدريب وتأهيل وتوظيف أبناء وبنات الوطن . وأشار معالي محافظ الهيئة العامة للاستثمار في ختام كلمته إلى وجود تطبيق تم إطلاقه على الأجهزة الذكية وهو تطبيق Invest in Saudi الذي يتضمن تعريفا شاملا بالفرص الاستثمارية التي تضمنتها خطة الاستثمار الموحدة التي أعدتها الهيئة بالتعاون مع الجهات الحكومية في المملكة ، وقد حددت الخطة أكثر من 100 فرصة استثمارية في 18 قطاعا قيمتها حوالي 344 مليار دولار وتهدف إلى استغلال القوة الشرائية في مشروعات تتجاوز 500 مليار دولار في العشر سنوات المقبلة . من جانبه قال وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك : إن حجم التعاون التجاري بين البلدين الذي لم يتخطى 1.1 مليار دولار في العام 2014م لايعكس الصورة الحقيقية لما يمتلكها البلدان من قدرات، مشيرًا إلى أن انعقاد اللجنة المشتركة وما ضمته من عدد كبير من ممثلي الجانبين الحكومي والقطاع الخاص يعد مؤشرا جيدا لمدى التقدم الذي يمكن إحرازه في الفترة القادمة. وأضاف: تم التوصل إلى توقيع عدة اتفاقات ومذكرات تعاون بين الجانبين في مشاريع محددة وأن هناك العديد من القضايا التي تحتاج من الجانبين للعمل المشترك ، مبينا أن الجانب الروسي قدم قائمة بأسماء عدد من الشركات الروسية الراغبة في التعاون مع الجانب السعودي والمجالات التي ترغبها. وأيد وزير الطاقة الروسي خلال الجلسة الختامية لأعمال اللجنة التي عقدت على مدى يومين في موسكو مقترح تكوين فريق عمل مشترك لمتابعة ما تم الاتفاق عليها ومتابعة المشاريع الناجمة عن هذه الدورة وتكثيف اللقاءات الثنائية خاصة بعد الدفعة الكبيرة التي جاءت من إعلان صندوق الاستثمارات في البلدين الصديقين عن برنامج استثماري لإنشاء وتدشين مشاريع مشتركة بقيمة رأسمالية تبلغ 10 مليارات دولار. ورأى الوزير الروسي أن تعزيز التعاون القائم والتعاون المستقبلي وتنشيطه يعتمد في الأساس على القاعدة التشريعية في البلدين والجهات ذات الاختصاص، لافتا النظر إلى أنه اقترح استئناف المباحثات حول اتفاقية لحماية الاستثمار والتعاون في المجالات النفطية وضرورة قيام الشركات الروسية العاملة في هذا المجال بالتواصل المباشر مع الشركات السعودية في هذا المجال أيضا. وأفاد الوزير نوفاك بأن هناك عدة مجالات مرشحة للتعاون فيها من بينها مجالات الطاقة والكهرباء والطاقة المتجددة بما فيها الطاقة الشمسية والتشاور حول أوضاع السوق النفطية، مشيدًا بحرص قطاعي الأعمال في البلدين على استمرارية انعقاد مجلس الأعمال المشترك وتنظيم منتدى للاستثمار بمشاركة نحو 40 شركة روسية إضافة للعديد من الشركات السعودية. كما تحدث خلال الجلسة المدير العام لصندوق الاستثمار المباشر في روسيا كيريل ديميتريف وقال إن الاتفاقية التي تم توقعيها خلال زيارة صاحب السمو السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية مؤخرا بشأن إقامة تعاون استثماري بين صندوق الاستثمارات في البلدين قد ساهمت في تدشين الصفقات الأولى لهذا التعاون المشترك، مبينا أن الصندوق المشترك سيتمكن من تمويل المشاريع المشتركة في البلدين. بدوره نوه رئيس مجلس الغرف السعودية الدكتور عبدالرحمن الزامل بالدعم الكبير الذي تلقاه مجلس الأعمال المشترك من اللجنة الحكومية المشتركة ، داعيا إلى ضرورة أن يكون الصندوق الاستثماري الحكومي بين البلدين شريكا وليس ممولا فقط للمشاريع التي ستتم لاحقا. وقال الزامل : من الأهمية بمكان أن يتابع الجانبين تواصلهما لمتابعة ما تم الاتفاق عليه، مبديا اهتمام القطاع الخاص السعودي بتعزيز التعاون في مجال الصناعات البتروكيماوية والصناعات المتقدمة الروسية. وفي ختام الجلسة تم توقيع المحضر النهائي لأعمال الدورة الرابعة للجنة الحكومية السعودية الروسية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني من قبل معالي محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبداللطيف العثمان ومعالي وزير الطاقة الروسي اليكسندر نوفاك. كما شهدت الجلسة الختامية توقيع محضر مجلس الأعمال السعودي الروسي المشترك وتوقيع عدة مذكرات للتعاون بين قطاعي الأعمال في البلدين لإنشاء عدة مشاريع مشتركة.