في ليلة ظلماء اختفى فيها القمر وبدأت السماء تقطر وكأنها تنزف دموعاً ومع لفحات البرد القارس استحث فداء الخُطى يستعجل الطريق وهو يتفادى كل ما يقابله خشية أن يصطدم به في اندفاعه , وفجأة استوقفته مجموعة من الرجال , ضاق بهم ذرعاً وقال في نفسه ماذا يريد هؤلاء الناس , يجب أن لا أتعطل ثم قال وهو يحاول التخلص منهم بسرعة _ عفواً فأنا مستعجل لأمر مهم وحاول الإفلات إلا أن أحدهم قال له وهو يلح عليه _ لن نأخذ من وقتك الكثير , فقط ستأتي معنا لصلاة العشاء فقد حان وقتها وسنجلس عشر دقائق نستمع لكلمة بسيطة عن الإيمان وحاجتنا إليه قال متبرماً _ لن ينفع , لدي ميعاد مهم قال آخر _إذاً فلتأتي لصلاة العشاء ثم انصرف , فلابد من رخصة لترك صلاة الجماعة وإلا يأثم الإنسان …ولن أقول لك شيئاً آخر ولان أردت أن تتفضل فليكن فكر قليلاً ثم قال وهو يريد الخلاص بأي شكل _ فعلا أنا معي رخصة , من فضلكم أنا على عجلة من أمري ثم هم بالانصراف , إلا أنه بعد أن سار خطوتين توقف وهو يلتفت إليهم فوجدهم يودعونه بنظراتهم الحانية فعاد إليهم بخطى مترددة وقال _ سآتي لصلاة العشاء ولكني سأنصرف بسرعة قالوا جميعاً في نفسٍ واحد _الله أكبر , أحسنت وتقبل الله منك ساروا جميعاً باتجاه المسجد , أذن العشاء وبدأ الإمام الركعة الأولى ثم قرأ من قوله تعالى أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ? وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ فجأة لم يتمالك فداء نفسه من البكاء وهو ساجد بين يدي الله تعالى انتهوا من الصلاة وجلس فداء مكانه ولم ينصرف أتوه متسائلين _ لماذا لم تنصرف حسب وقتك قال والدموع تنساب من عينيه _أريد أن أبقى , أشعر بحنين إلي الله _ انشرحت الصدور تهللت الوجوه وانطلقت السنتهم ترحب به , جلسوا يستمعون لكلمة عن الإيمان بكى فداء كما لم يبك من قبل…أحاطوا به يهدئون من روعه ويربتون على كتفه ثم انفرد أحدهم به يسأله _ هل من شئ أقدمه لك؟ قال ولازالت الدموع تنساب من عينيه _لا بل أريد أن أفضفض إليك قال له _ تفضل قال _ هل تعلم أين كنت أريد الذهاب متعجلاً ؟ قال _الله أعلم هذا شأنك حبيبي قال _ كنت ذاهب لألتقي بها – امرأة أحبها اسمها ليلى—كنت على موعد لقضاء ليلة معها. عصام قابيل مصري مقيم في السعودية