سقوط الأخلاقيات ليست في «نزق» لممارسة الشخصية أو الخروج عن المقومات الدينية.. أو القيم المجتمعية في شموليتها أو جزئيتها المحدودة. ومن ثم لا تنحصر انحرافاتها في مصادرها. بقدر ما تتوسع في انعكاساتها وتداعياتها إلى البيئة التي تجد نفسها أمام فرض هذه الحضانة القسرية بكل أضرارها الكارثية طبقاً لحجم أدواتها ومؤثراتها. وإذا كان هذا السقوط المتعدد في محاوره لا يستثني أحداً من شروره في محيطه الصغير. فإنه ينمو كجزء من المفهوم العدواني دون مراعاة لثقافة الجريمة.. خاصة إذا اتفقنا على أنه حتى عند تفعيل الأخيرة لابد من خضوعها لشيء من الوعي الأخلاقي . رغم كل سوءاتها وبشاعتها .. ولكن كما يتعارف الناس على طريقة «الموت الرحيم». وفي عالم اليوم يتطور السقوط الأخلاقي . ليس فقط في حقوق الإنسان بمفهومه السائد الذي تشكل العدالة الاجتماعية مرتكزه الرئيسي في الاطروحات والمطالبات بالاستحقاق. غير أنه قد تجاوز ذلك إلى مصادرة يمكن وصفها بالكارثية في مشهد صراعات الشرق الأوسط . واجزاء من أفريقيا وآسيا. لتكون حياة البشر في مواجهة الخروج عن أخلاقيات الحروب إلى ما يمكن تسميته «قذارة ممارسة القتل» وهي ثقافة جديدة عملت منظمات متطرفة ودول على تشريعها كما هو حاصل في سوريا من نظام دمشق وما يقابله من أساليب خارجة عن أدبيات الصراعات المسلحة حين نستعرض تلك الأعمال القذرة لكل من «داعش» وعلي صالح وميليشيات الحوثي . وصولاً إلى «بوكو حرام». ونفوذ الإرهاب إلى كل من ليبيا وبنجلاديش وباكستان وغيرها. ومن ثم يشهد عالم اليوم واقعاً مختلفاً في طرق وأساليب القتل ضد الأبرياء. وذلك في مناهج متعددة وصلت إلى حد الهجوم على دور العبادة وقتل المصلين. وتنفيذ الاعدامات بإشعال النيران في الأجساد بالأسلحة القذرة وبالكيماويات أيضاً. قذارة الحروب هذه لا تتوقف عند حدود. ولكنها أيضاً اصبحت تزرع الأرض بالألغام. لتفرض الموت على الأجيال القادمة حين تغرس بعض هذه الألغام على أشكال لعب أطفال. وذلك لاستدعاء البراءة إلى الموت بالأسلحة الفتاكة التي تمارسها عناصر أكثر قذارة في منعطفات جرائم العصر. وإذا كان العالم قد وضع العديد من الضوابط الخاصة بما يمكن أن نسميه بأخلاقيات الحروب ضمن ما يعرف باتفاقية جنيف الثانية. فإن كل محددات تلك الاتفاقية الدولية قد «تبخرت» في جرائم خارج احتمال العقل وفي ممارسات العنف . والأسوأ أن يتحول بعض قادة الأمن الدولي إلى جزء من سقوط أخلاقيات الحروب كما هو حاصل في سوريا على خط الصراع!!. وهو التدخل الذي يفتح الأبواب لما هو أكثر في سلسلة حلقات تؤكدها أيضاً التجربة الصاروخية النووية التي أطلقتها إيران أمس الأول وذلك في تهديد استمد «نشوته» من ذلك الوجود الروسي المسلح في منطقة ملتهبة قابلة لاحتمالات كارثية في تطوراتها وتداعياتها!!