بعد ايام قلائل سيحل علينا يوم مبارك من ايام شهر ذي الحجة يوم من الايام التي اقسم الله بها في كتابه الكريم وشرفه وخصه سبحانه بالأجر الكبير والثواب العظيم عن كل ايام السنة. إنه يوم عرفة يوم التجليات والنفحات الالهية حيث يقف فيه الناس على صعيد واحد بلباس واحد تجمعهم رابطة الايمان والعقيدة يناجون الله الواحد الاحد الفرد الصمد وعلى الصعيد الطاهر يتجلى موقف الانسانية والاخوة والمساواة لا فرق بين غني وفقير ولا ابيض واسود واصفر الكل عبيد لله، الكل يتذلل لرب العرش العظيم لينالوا مغفرته ورضوانه وقد هيأت لهم المملكة كافة سبل الراحة والطمأنينة ووفرت الامكانات البشرية والمادية في سبيل ذلك. يوم عرفة افضل ايام العام لقوله صلى الله عليه وسلم (احتسب على الله ان يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) فهو يوم عظمه الله ورفع قدره، وجعل الوقوف في ذلك اليوم ركنا من اركان الحج بل الحج كله. وفضائل الوقوف بعرفات الله في مواكب الايمان عظيمة بل لكل مسلم من غير الحجاج. ويوم عرفة يغيظ الشيطان الرجيم، يوم يشمل الله عباده بالرحمات ويكفر عنهم الذنوب والسيئات ويمحو عنهم الخطايا والزلات ويندحر ابليس صاغرا يقول حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذلك "ما رئي الشيطان يوما هو فيه اصغر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة وما ذاك الا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام الا ما أري يوم بدر قيل وما رأى يوم بدر يا رسول الله قال اما انه قد رأى جبريل يزع الملائكة). فيوم عرفة يرجى فيه أجابة الدعاء لقوله صلى الله عليه وسلم: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت انا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) وما احوجنا وحاجة المسلمين اليوم الى الدعاء والاخذ بأسباب الاستجابة والقبول. والحاج لا يسن له صيام يوم عرفة ليكون قوياً على الدعاء والذكر والتضرع وغير الحاج يستجب منه الصيام في موسم الخيرات لمن يغتنمه للتطهر ليبيض الانسان صفحته امام الله عز وجل. وفي يوم عرفة يباهي الله سبحانه ملائكته بأهل عرفات ويعمهم بالرحمات والغفران قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول لهم : (انظروا الى عبادي، جاؤوني شعثاً غبراً ضاجين ، جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عقابي، فلم ير يوماً اكثر عتقا من النار من يوم عرفة). وما أعظم دروس خطبة الوداع في حجة الوداع يشع منها النور للسعادة في الدنيا والاخرة وأولى الدروس حرمة الدماء والاموال ولو تدبر الناس كتاب الله الكريم والهدي النبوي لما تعدى احد على احد ولما سفكت الدماء ولما خطفت الأموال فاين الارهاب والارهابيون الهالكون من ذلك واين الظالمون والمسيؤون والمغتابون والمتجبرون على النساء وقد قال صلوات الله سولامه عليه : (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك). أكثروا في يوم عرفة من قول (لا إله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) وأكثروا من الدعاء (اللهم برحمتك التي وسعت كل شيء نسألك ان تغفر ذنوبنا وتستر عيوبنا وتيسر أرزاقنا وان تحسن اخلاقنا وان ترحم امواتنا وتشفي امراضنا ومرضانا وحقق اللهم آمالنا واعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ووفقنا لما تحبه وترضاه يارب العالمين) فاللهم يسر للحجاج حجهم وتقبل منهم ومنا واحفظهم وبلادنا من كل سوء وان يعودوا الى بلادهم وقد فازوا بالحج ىالمبرور والذنب المغفور وكل عام وانتم بخير.