اليوم يوم عظيم عظَّم الله أمره (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) ورفع على الأيام قدره ، فهو سيد الأيام موسماً وأزكاها مغنماً وأفضلها معلماً ، فيه أكمل الله الملة ، وأتم به النعمة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا) فيه تجاب الدعوات قال عليه الصلاة والسلام: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة) وتقال العثرات ، ويباهي الله بأهل عرفة أهل السماء قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء) ويكرمهم عز وجل بكثرة العتق من النار صح عن المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه أنه قال: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة) يوم عرفه يذل فيه الشيطان ويدحر ويدعو علي نفسه بالويل والثبور ، فعن أبى الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (ما رؤي الشيطان في يوم غير يوم بدر أغيظ ولا أدحر ولا أحقر من يوم عرفة ذلك لما يري من تنزل الرحمات وتجاوز الله عن الذنوب وعن الزلات ، وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون) قال عليه الصلاة والسلام: (كل ابن آدم خطآء وخير الخطائين التوابون) والخلائق جميعهم فيه سواء ، فلا فرق بين غني وفقير ، ومأمور وأمير ، وذكر وأنثى ، وكبير وصغير ، وأبيض وأسود ، فالحج من أعظم مواسم العام المتتالية ، إذْ يغرس في نفوس المؤمنين الجدية التي هي سبيل الحياة ، وحيث إن أعمال الحج كثيرة وتحتاج إلى عمل ومشقة وجهد ونصب ، وجب على الحاج أن يكون جاداً في عمله ليتمكن من إكمال حجه ، ومن كان متكاسلاً في أعماله لا يمكن أن يصل إلى مطلوبه ومراده ، وينعم بفضل يوم عرفه من لم يحج بصيامه قال عليه الصلاة والسلام: (صيام يوم عرفه أحتسب على الله أنه يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) وروى النسائي بإسناد حسن أنّ صيامه يعدِل صِيام سَنَة ، وفي رواية حسنة للطبراني أنه يعدِل صيام سنتين ، وفي رواية حسنة للبيهقي أنه يعدِل صِيام ألف يوم ، فصيامه لغير الحاج سنة مؤكدة ، لما فيه من رفعة في الدرجات ، وتكثير للحسنات ، وتكفير للسيئات الصغائر دون الكبائر بشرط ترك الكبائر (إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفة. اللهم تقبل من الحجيج حجهم ، ومن الصائمين صومهم ، واغفر لهم وارحمهم ، إنك على كل شيء قدير ، واشملنا معهم برحمتك يا رحمن يا رحيم. لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك. ومن أصدق من الله قيلاً (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) .