يوجد خلط واضح في عدة جوانب تتعلق بمهام وظائفنا الحياتية على مختلف أنواعها، في أحيان كثيرة يكون هذا الخلط دون علم أو دون سبب، ومرات يكون عن عمد وقصد. على سبيل المثال، بعض الموظفين الذين من طبيعة عملهم تقديم خدمات للناس ومن أساسيات مهامهم الوظيفية الالتقاء بالجمهور يخلطون بين التفضل والواجب، وأقصد بين أن تقدم خدمة لشخص ما نبعت من أخلاقك وطيب نفسك وتفضلك وكرمك، وبين أن تكون هذه الخدمة التي تقدمها من أساسيات مهامك الوظيفية التي تتقاضى عنها أجراً شهرياً، وبالتالي لا دخل لأخلاقك وكرمك بهذا الموضوع إطلاقاً. وجميعنا نتفق على هذا الجانب، وهو أن الوظيفة التي نعمل فيها ومن خلالها نقدم مهام للناس خدمية لا تخضع لأي معيار ذاتي، بمعنى ليست مزاجية وعلى هوى الموظف. بالأمس كان لديه أريحية ورغبة في خدمة الناس، واليوم مزاجه معكر فيغلق مكتبه.. الأمر ليس على هذا النحو إطلاقاً، فإن أغلق مكتبه أمام المراجعين فهذا يعني فساداً وظيفياً وخللاً في أداء المهام ولا بد أن يعاقب. أكتب هذه الكلمات بعد أن تلقيت رسالة من أحد القراء، لم يذكر البلد الذي يعيش فيه، قال فيها:«يؤلمني أن أشهد كل هذا الإذلال للناس أمام كونترات الموظفين، ويصل الحال أنك تشاهد مراجعين كباراً في السن يساء التعامل معهم ولا يحصلون على الاحترام، أين الأخلاق والقيم وأين الرحمة والشفقة بالناس؟». ولهذا القارئ وللجميع أؤكد أن هذا الموظف لا يملك حق تأخير أي معاملة خصوصاً إذا كانت متكاملة بل يفترض به أن ينهيها، وفي حال وجود ملاحظات فإن عليه أن يشرح هذا للمواطن دون أنفة وتكبر بل بتواضع وطيب نفس. أقترح عليه التوجه بشكوى بالكلمات التي وصلتني للمسؤولين في بلده، وإنني متأكدة من أنه سيجد علاجاً وحلاً لمثل هذه القسوة. وفي هذا السياق، أتمنى على كثير من الدول أن تسرّع عملية الخدمات الإلكترونية لأنها ستوفر على الناس الجهد والوقوف أمام الموظفين وأيضاً ستخفف من الزحام. لدينا في الإمارات ولله الحمد تجربة ثرية في هذا المجال، فالتوجه نحو الخدمات الإلكترونية حل لا غبار عليه سيساعد في التخفيف من الساعات الطويلة التي تهدر في التوجه للدوائر الحكومية. ومرة أخرى، لكل موظف أقول إن الذي يقف أمامك هو بمثابة أخيك أو أبيك ويحتاج أن تنهي معاملته من باب الواجب وليس تفضلاً منك.. فقدمها بطيب نفس.