كان هناك مجتمع "غير" الحارة اسرة واحدة والبيت الواحد يضم اقارب الوالد والوالدة .. كان المنزل رغم محدودية غرفه الا انه يسع للجميع وللضيوف ايضاً الذين لا يمكنهم العودة لمنازلهم بعد العشاء فيقضون في بيتنا ولا يمكن ان يغادروا الا بعد تناول "الغداء" الذي تعده "أمي" بمساعدة اخواتي .. بيت جميل واجمل ما فيه الرضى والسعادة ووجود امي وابي أمامنا نرى السعادة فيهم .. كان لرمضان طعم .. وللحج طعم .. وللعيد طعم وللصباح طعم .. والعصر والمغربية لهما طعم خاص.. ومضت الايام والسنوات .. سنوات طويلة لكنها مرت بسرعة .. بسرعة لم اتوقعها. واليوم اتذكر تلك الايام والحارة والجيران الطيبين الذين هم اباء واخوان .. اتذكر زيارات العيد وكلونيا "ليالي باريس" و"سنتاليا" وماء الورد و"المرش" وحلويات الحلقوم واللوزية .. ودفتر صغير وقلم يكتب عليه الناس اشارة بوصولهم ولم يجدوا صاحب البيت "وصلنا ولم نجدكم .. من العايدين" كنت ارافق والدي من الثامنة صباحاً لتقديم المعايدة للاقارب في جياد بيت "البغدادي" و"باحنشل" وفي سوق الليل "الخفاجي" وفي الحجون والعتيبية وجرول اقارب وارحام .. كل ذلك لم يبق منه شيء .. الا ما ندر. أتذكر اكلات رمضان والعيد والحج .. اتذكر فول "الغامدي" وعيش "الغربي" وشريك "العزب" وحليب العم "امين". وحلاوة "ابونار" من سوق المعلا.. هذا السوق الذي يماثل المهرجان طوال اليوم من صلاة الفجر حتى ما بعد العشاء.. هنا حامد منصور للكبدة وعبدالله حموه للكباب والحربي لكباب الميرو .. وفول السليماني و"تنوري" ومعصوب وهريسة.. اليوم ربما توجد هذه الاكلات لكنها بغير ذاك الطعم وتلك الحلاوة والمذاق "غير" .. تداعيات وذكريات سجلتها وانا امر هذا الاسبوع من امام سوق المعلا والمدعى والجودرية والغزة والجميزة والحجون وقد أزال الهدم والتوسعة كل الصورة الجميلة وبقيت في ذاكرتنا ومن شهدها وشهد ايامها الجميلة التي .. امل ان تعود بإذن الله .. صورة جميلة رائعة مطرزة بكل ما هو جميل جمال المكان والناس وكل الظروف.