المرأة السودانية حسمت الانتخابات فقد كانت نسبة مشاركتها هي الغالبة والشعب السوداني لقن الحزب الحاكم , المؤتمر الوطني ومن معه من الأحزاب المشاركة في السلطة, وحتى المعارضة درساً قاسياً فالحكومة اعترفت بالانتكاسة فما فعلته طوال خمسة وعشرين عاماً لم يشفع لها ليتدافع الناس نحو مراكز الاقتراع أما المعارضة فلم تستطع أن تستثمر مقاطعة غالبية الناخبين لصالحها وأنها نتاج حملتها السلمية والعسكرية الداعية إلى تعطيل أو افشال الانتخابات. حيرة الشعب السوداني كانت هي الدافع والمحرك والحدث الأبرز فتدافعهم نحو صناديق الاقتراح يعني رضاهم عن أداء الحزب الحاكم ومقاطعتهم تعني انحيازهم للمعارضة فجاءت المعادلة انتخابات حرة ونزيهة في نظر كل المراقبين في ظل ظروف غاية في السلمية دون أن يعكر صفوها أي حادث, فمن أراد التصويت كان له ذلك ومن لزم داره ومكان عمله مارس حياته العادية إلا أن الرسالة البليغة وصلت لمن يهمهم الأمر.. شعب محب للسلام يفهم ما يدور حوله ويحرص على أمن وسلامة واستقرار وطنه ولا ينقاد لأحد إلا بإرادته الحرة. حيرة الشعب السوداني مزمنة فهو يرى خيرات بلاده وما تزخر به من موارد ضخمة في انتظار حكومة راشدة تحسن استغلالها ولكنه كلما قدم أناساً منه ليخدموه صدم فيهم وتراجعت حياته إلى الوراء وأصبح نهباً للأيادي الخارجية والموتورين والأعداء ولم تنفع انتفاضاته وثوراته في تحقيق تطلعاته فوقف على الرصيف يشكو حاله لخالقه فحرمة الدماء عنده أعظم من نعيم الدنيا أما نساؤه فهن الأكثر تضرراً من النزاعات المسلحة والحروب القبلية والتفلتات الأمنية لذلك فإن همهن الأساسي أن يعم الاستقرار كل أرجاء البلاد عبر التداول السلمي للسلطة. الحزب الحاكم على لسان مسؤوليه وصف الانتخابات بأنها انتخابات (التوبة) أملاً في تعديل مساره وخدمة شعبه في السنوات الخمس القادمة فبعد خمسة وعشرين عاماً لم تر الغالبية ما يشفع له في البقاء في السلطة بعد أن تمحورت فلسفته في الحكم في تعيين (القوي الأمين) وساهمت نظرته الضيقة في إقصاء الكفاءات من غير المنتمين له واقتصار التعيين على عضويته لتتصاعد أرقام البطالة وسط الشباب بينما فشل الحزب في تقديم (القوي الأمين) حينما لم يجد كوادر يدفع بها للمعترك السياسي حتى على المستوى الرئاسي. أما المعارضة فلم تحسن استغلال تلك الفترة الزمنية الطويلة لتبني نفسها من القاعدة للقمة لتقدم نفسها كبديل مقنع بل انشغلت بصراعاتها وتفككت وتشرذمت ليقف الشعب على الحياد. النتائج النهائية ستعلن قريباً ولكن ما طفح على السطح أظهر أن عدد المقترعين خمسة ملايين من بين 30 مليون ناخب.