لا أعرف شاباً استثمر وقته مثل ما استثمره هو فهو واحد من الذين صنعوا أنفسهم بذلك الكفاح اليومي والجهاد العملي.. فهو يقضي يومه في منظومة عملية عجيبة فهو في اول النهار موظف في إدارة حكومية.. هي الجمارك.. بعد الظهر يذهب الى تلك المطبعة في طريق مكة – مطابع الشربتلي – ليمارس هوايته التي صنعتها لديه موهبته الصحفية ليسجل منذ البداية نباهة واضحة جعلته يلم بخصائص هذه المهنة سواء تحريراً أو فنياً حيث كان تلميذاً نجيباً لذلك الاستاذ "لقمان طاشكندي" في معرفة رسم الصفحة اخراجياً بالاضافة لتفوقه تحريراً حيث كان يلتقط بحسه اسرار الصنعة من أساتذة الصحافة محمد علي حافظ ومحمد صلاح الدين فكان تلميذاً ناجحاً حقق تمكناً فريداً بين اقرانه بعد ذلك يذهب ليلاً الى معهد المنهل في كيلو 2 طريق مكة ليواصل تحصيله العلمي.. ليخرج منه ليذهب الى الاذاعة او التليفزيون لاعداد بعض البرامج فيهما.. لتتلقاه بعد ذلك مطابع شركة المدينةالمنورة في طريق الستين ليتابع اصدار مجلة الرياضي التي اسسها المرحوم الاستاذ الاذاعي الشهير عبدالله المنيعي.. بعد ذلك تأخذه خطواته الى مدارج الجامعة ليواصل تحصيله العلمي بجانب عمله في تلك الجريدة التي شهدت بداياته الصحفية الناجحة جريدة المدينةالمنورة.. بكل أنشطة العمل الصحفي حيث كان يشكل عنصراً ناجحاً من خلال ما كان يقوم به سواء في التحرير المحلي أو في المنوعات الصحفية الاخرى.. اما في المجال الرياضي فكان بلا منازع الصحفي الرياضي الأول لقد قال عنه ذات يوم المدرب الوطني الكبير حسن سلطان وكان يومها يدرب فريق الوحدة في عز مجد الوحدة الرياضي أنني انتظر صدور عدد جريدة المدينة أو الاستاد الرياضي الذي كانت تصدره أيامها جريدة المدينة لاقرأ ما كتب فيها من تحليل لمباراتنا امام الاتحاد او الاهلي وعلى ضوء ذلك التحليل أضع خطتي للمباراة.. الى هذه الدرجة من الدقة التي كان يتمتع بها وعياً رياضياً والذي لم يغب عنه هذا الوعي وهذا الادراك الرياضي فاصدر في أواخر الثمانينات او بداية التسعينات الهجرية كتابه الأول تحت عنوان "دراسات كروية" هو كتاب يعنى بالدراسات الكروية لابد أن يقرأه من يهتم بالكرة ودراساتها وحتى هذه اللحظة لازال يمارس هذه الطاقة الرياضية لديه تحت اسم الخبير الفني. فهو من أشهر الصحفيين في المتابعة للأحداث السياسية لا يضيع وقته ولعل من أبرز هذه المتابعة عندما تشاهده وهو في رحلاته الرسمية التي يكون ضمن الوفد الاعلامي لرؤساء التحرير هو الوحيد الذي لا يشغل وقته في الطائرة إلا لكتابة تقرير أو انطباعاته عن تلك الرحلة في رؤية صحفية قادرة على التحليل. لعل من عمل بجانبه يشهد بقدرته على المواصلة في العمل لساعات طويلة والمتابعة لكل الأحداث الداخلية والاقليمية حتى العالمية.. إنه من أولئك الذين لا يملك كل من اقترب منه الا الشهادة له بانه الصحفي الذي لا يشق له غبار قد يكون قاسياً على من يعمل بجانبه وقد يتهمه بانه ديكتاتور ولكن كل هذا حرصاً منه على الجودة والتميز.. وله من المميزات التي لمستها بحكم معرفتي اللصيقة به والممتدة لسنوات انني لم اسمع منه كلمة نابية ضد من أساء إليه مهما كانت هذه الاساءة قاسية أبداً انه يتجاوز عن ذلك بل قد يقوم بتبرير ما قام به ضده هذا او ذاك وكان يقول لعل له عذراً وأنت تلوم.. وهو له نظرية عجيبة تقول لا تفاجأ إذا ما اتتك الاساءة من مأمنك فالإنسان صاحب أغيار فهو اليوم غيره غداً وعليك أن تعرف هذا لكي تتحمل أي خطأ منه. فماذا أقول عنه وأنا الذي ادعي معرفتي العميقة به.. انه كان مصداقاً لما قاله عنه ذات يوم شاعرنا الكبير الاستاذ محمد حسن فقي في بدايات عمله للاستاذ محمد صلاح الدين رحمهما الله في مطابع الشربتلي ان لديكم شاباً صحفياً أرى فيه مشروع صحفي كبير كان ذلك في بداية عام 1385ه. نعم لقد اثبتت الأيام أن هاشم عبده هاشم أذكره بدون لقب دكتور.. وهو يودع عمله المهني من معشوقته "الصحافة" انه الصحفي الذي سوف تفتقده هذه المهنة العجيبة الصعبة متمنياً له حياة هانئة مستقرة.. وان كنت لا أتخيله سوف يكون بعيداً عن همه اليومي الذي عشقه إنها استراحة.. يرتب خلالها أوراقه ومذكراته الممتدة لأكثر من خمسين عاماً قواه الله.