وذات يوم،رن الهاتف، وكانت صفية، العمة الشمطاء،صاحبة اللسان السليط. رد كريم بترحاب، فسألته عن والده لأنه لا يجيب علي هاتفه المحمول، فأخبرها أنه ذهب الي العمل منذ ساعات. فسألته عن لبني، ليجيبها بأنها تجلس جنبه،إن كانت ترغب في محادثتها.غير أن العمة اعتذرت بحجة انها مشغولة ،وأنها ستعاود الاتصال بها لاحقا . وكعادة الطحالب التي لا تنموا إلا في الظلام ،ولأن الاصطياد في المياه العكرة بستهويها،فقد فاجأتهم صبيحة اليوم الموالي بزيارة غير متوقعة،اختارت لها ان تكون بعد خروج سليم الي العمل.! فتحت لبني الباب مسرعة ، بعد الطرق المتكرر، وكانت لا تزال بثياب النوم،لأن الطارق المستعجل لم يترك لها وقت تغيير لباسها،لتجد نفسها وجها لوجه مع العمة. نظرت اليها متفرسة من الأعلي إلي الأسفل ،ثم سألتها بحدة وعيناها تتطايرا شررا:كريم هنا؟ أين هو؟ أريد أن أراه حالا. -لا أعلم ،ربما خرج الي الجامعة، أو مازال نائما. ودون أن تعلق بكلمة واحدة ،غادرت العمة المكان في حركة عصبية،لم تستطع لبني تفسيرها. في غمرة سعادته لم يفطن سليم لمايحاك له من أخته ،وبناته من وراء ظهره في مكالماتهن اليومية .فصفية كانت في كل يوم تنقل لهن خبرا جديدا… وذات يوم مشئوم، اتصلت ابنة سليم الكبري به ،ودون سابق إنذار،أو مراعاة لشعور الأبوة،أخبرته عن وجود علاقة بين لبني، وكريم وأن العمة صفية باغتتهم في غيابه. يكذب فيك كل الناس قلبي وتسمع فيك كل الناس أذني وكم طافت علي ظلال شك أقضت مضجعي واستعبدتني كأني طاف بي ركب الليالي يحدث عنك في الدنيا وعني على اني اغالط فيك سمعي وتبصر فيك غير الشك عيني لم يصدق سليم ماسمعه ،فهو يعرف إبنه جيدا.كما هو متأكد من حب لبني له،وشدة ارتباطها به . لكنه الشك قض مضجعه .فأصبح دون وعي، يراقب نظرات كريم للبني، ويفسر ضحكات لبني علي محمل سئ ،ويثور، ويتشاجر لأتفه الأسباب . بل أصبح يترك عمله في منتصف النهار، ويعود الي المنزل باحثا عنهما في ريبة،غير أنه لم يتوصل الي أي شئ يثبت صحة ادعاءات إبنته.أصبح يعيش في دوامة لا قرار لها،فقرر الاتصال بصفية ،وسؤالها مباشرة، فأكدت له الأمر، وأنها ما كانت لتفعل لولا أنها أخته التي تحبه ،وتخاف عليه، وعلي ابنه ،بل وعلي سمعة العائلة من الوافدة الجديدة، اللعوب . وما أنا بالمصدق فيك قولا ولكني شقيت بحسن ظني وبي مما يساورني كثير من الشجن المورق لاتدعني تعذب في لهيب الشك روحي وتشقي بالظنون وبالتمني أجبني إذ سألتك هل صحيح حديث الناس خنت الم تخني؟ ولحديث القلوب شجون لا تنتهي