شهدت العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية كوريا الجنوبية منذ نشأتها عام 1962م، مزيدًا من التطورات الإيجابية المتسارعة، بسبب التنسيق السياسي والاقتصادي المستمر بين قيادتي البلدين الصديقين تجاه مختلف القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، فضلا عن اتسامها بالثبات والاستقرار والنمو الجيد المستمر. وتأتي زيارة فخامة السيدة بارك كون هيه رئيسة جمهورية كوريا للمملكة الثلاثاء المقبل التي تعد الأولى لها، والالتقاء بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – تدعيمًا لما يوليه البلدان من أهمية خاصة لعلاقاتهما الإستراتيجية، والحرص على زيادة أواصر التعاون بينهما من خلال تكثيف الزيارات الرسمية المتبادلة على مختلف المستويات. وأبرمت المملكة وكوريا الجنوبية خلال مسيرة علاقاتهما المتميزة عدداً من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية المشتركة بين الشركات السعودية والكورية، إضافة إلى تبادل الخبرات في المجالات الثقافية، والرياضية، وتنظيم زيارات الوفود الشبابية بين البلدين. وكان الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – قد التقى فخامة الرئيسة بارك كون هيه على هامش أعمال قمة العشرين التي استضافتها مدينة بريسبن الأسترالية مؤخرًا، حين كان وليًا للعهد نائبًا لرئيس مجلس الوزراء وزيرًا للدفاع، ورئيسًا لوفد المملكة في القمة.وعبر ذلك اللقاء عن الرؤية الدبلوماسية العميقة للملك سلمان بن عبدالعزيز – أيده الله – نحو توطيد علاقات الصداقة مع دول مجموعة العشرين ذات الثقل الاقتصادي العالمي، ومنها كوريا الجنوبية التي تربطها علاقة متينة مع المملكة امتدت لخمسة عقود، فيما أكدت الرئيسة الكورية خلال اللقاء اهتمامها الكبير بتعزيز علاقات الشراكة والتعاون مع المملكة. وحول القمة السعودية الكورية المرتقبة في الرياض ،قال سفير خادم الحرمين الشريفين لدى كوريا الجنوبية أحمد بن يونس البراك: إن لقاء القمة بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وفخامة السيدة بارك كون هيه، يعزز مسيرة العلاقات التاريخية بين البلدين المبنية على أسس الاحترام المتبادل، والتفاهم المشترك لكل ما من شأنه دفع علاقات الصداقة بينهما إلى مستويات أرحب. وأشاد السفير في تصريح لوكالة الأنباء السعودية بمستوى التعاون بين المملكة وكوريا الجنوبية، مبينًا أن العلاقات الثنائية بين البلدين، تركزت في بدايتها على المجالات الاقتصادية الخاصة بقطاعي النفط والإنشاءات، ثم تطورت عبر السنين لتشمل مجالات الثقافة، والأغذية، والصحة، والتجارة، والصناعة، والطاقة المتجددة والذريّة. وأفاد أن حجم التبادل التجاري بين المملكة وكوريا الجنوبية تجاوز أكثر من (78 %) خلال السنوات الثلاثة الماضية، مؤكدًا أن الفعاليات السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية والزيارات المتبادلة بين الجانبين، أسهمت في تحقيق المزيد من التقدم والتطور في علاقات البلدين، والوصول لأعلى قدر من التجانس والتنسيق السياسي تجاه مختلف القضايا الثنائية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وأضاف أن المملكة العربية السعودية هي رابع أكبر شريك تجاري لجمهورية كوريا الجنوبية، بينما تعد كوريا الجنوبية خامس أكبر شريك تجاري للمملكة، وقفز حجم التبادل التجاري بين البلدين من (4,2 بليون دولار) عام 1991م، إلى أكثر من (35 بليون دولار) في شهر أكتوبر عام 2014م. وبين السفير أحمد البراك أن ازدهار حجم التبادل التجاري بين المملكة وكوريا الجنوبية عززه زيادة التعاملات المرتبطة بالنهضة التنموية التي تعيشها المملكة، وما يجري في إطارها من تنفيذ لعدد من المشروعات الاقتصادية الحيوية والعملاقة، وتوسعة بعض المصانع والمنشآت النفطية، والبتروكيماوية والصناعية، والاستفادة من اقتصاديات المعرفة، وتطبيقات الحكومة الإلكترونية التي تملك الشركات الكورية خبرات واسعة فيها. ولفت النظر إلى أن المنتدى الاقتصادي والتجاري الأول بين المملكة وكوريا المنعقد عام 2014م، أعطى بعدًا جديدًا في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، حيث أسهم في تعزيز التعاون في مجالات الصحة، والطب، وتنمية القوى البشرية، والطاقة النووية، والاستثمار في مختلف المجالات، خاصة الصناعي والتقني. وفيما يتعلق بالتعاون في المجال الثقافي والتعليمي بين البلدين، قال سفير خادم الحرمين الشريفين لدى كوريا الجنوبية : إن الفترة الماضية شهدت زيارات طلابية مشتركة من مختلف الجامعات، واجتماعات دورية سنوية لرؤساء الجامعات لدى الجانبين، لتتوسع رقعة الابتعاث، فوصل عدد الطلبة السعوديين المبتعثين حاليًا لكوريا الجنوبية إلى أكثر من 600 طالب وطالبة. يذكر أن كوريا الجنوبية وعاصمتها "سيؤل" تقع في شبه الجزيرة الكورية التي تمتد 1100 كيلومتر، من الشمال إلى الجنوب في الجزء الشمالي الشرقي من قارة آسيا، وتضم 3200 جزيرة، بما في ذلك جزيرة جيجودو، أوليونغدو، ودوكدو. وتبلغ مساحتها الإجمالية 223170 كيلومترًا مربعًا، 45% منها أراضي زراعية، بما في ذلك الأراضي المستصلحة من البحر، فيما تغطي التضاريس الجبلية نحو ثلثي المساحة، وتمتاز بوجود عدد من الجبال والأنهار، والجداول، ويبلغ عدد سكان كوريا الجنوبية 50 مليون نسمة ، منهم 140 ألف مسلم.