بمناسبة الاحتفالات بمئوية أمانة عمان الكبرى عقد في مركز الحسين الثقافي بالعاصمة الأردنية الاثنين الماضي "ملتقى عمان للرواية العربية" الذي استمر ثلاثة أيام بمشاركة نخبة نقاد وروائيين أردنيين وعرب، وناقش أوراق عمل عن إشكالات الرواية العربية. ومن بين الكتاب العرب المشاركين في الملتقى محمد دكروب من لبنان ويوسف القعيد وشيرين أبو النجا من مصر وأمير تاج السر من السودان وأمين الزاوي من الجزائر ومصطفى الكيلاني من تونس ونبيل سليمان وجمال شحيد من سوريا ولؤي حمزة من العراق. ومن الأردن شارك الكتاب إبراهيم نصر الله ،إبراهيم السعافين ،جمال ناجي ، سميحة خريس ، صبحي الفحماوي، سليمان الازرعي،هاشم غرايبة ، شكري عزيز ماضي، فيصل دراج، عماد مدانات ،فخري صالح ،كفى الزعبي ،ليلى الأطرش، رفقة دودين ،نبيل حداد ،محمد عبد القادر ،محمد قواسمة،زياد أبو لبن ويحيى عبابنة . وعن الباحثين والمبدعين الأردنيين تحدث الدكتور إبراهيم السعافين فأعرب عن سعادته لإسهام الأردن بدور واضح في حركة الرواية العربية التي تترسخ وتتقدم بخطى ثابتة، داعيا للمصارحة والنقد الذاتي، قائلا إننا في عصر الشعر والإبداع نحاول تلمس طريقنا للمستقبل وعلينا أن نتذكر أن فعلنا الثقافي يجب أن يترسخ فينا وبيننا. وفي الورقة التي قدمها الدكتور فيصل دراج بعنوان "بدايات الرواية العربية" أكد فيها أن "لا ديمقراطية بلا رواية.. ولا رواية بلا ديمقراطية" وقال إن التنوع الروائي صورة من متخيل له مصادره الثقافية يفرض واقعا قوامه التحول والتبدل ورفض الساكن والراكد والسرمدي وهذا ما يجعل الأنظمة المستبدة تتطيّر من الإبداع الروائي. ويرى دراج الأدب الشعبي تعبيرا عن انتقال الفئات المقموعة لوضع جديد يعطيها حقوقا سياسية وحق الكلام وقال إن الرواية العربية جنس أدبي حدثي وافد ومعوق الولادة ف"الرواية وافدة من الغرب. قام الإبداع العربي بتأصيله وتمييزه". وقال الناقد السوري نبيل سليمان في ورقته "آفاق الرواية العربية.. مرحلة ما بعد نجيب محفوظ" إن الرواية العربية تلعب ما سماه لعبة "اللاتعيين" للزمان والمكان واعتبر الإنجاز الثقافي العقدين الماضيين كبيرا وتساءل عن تأثير الحاسوب على الرواية. الناقد السوري جمال شحيد في ورقة "المويلحي والشدياق والكتابة الحديثة" قال إن شدياق سخر من رجال الدين وفضل بناء المدارس على الكنائس والأديرة واصفا موقفه من المرأة بأنه ماجن يتكلم عن الجنس واللذة الجنسية دون مواربة. وعقدت مائدة مستديرة برئاسة الدكتور فيصل دراج تحدث خلالها الناقد الدكتور سليمان الأزرعي عن "الرواية الأردنية.. ملامح عامة" فتناول نشأتها وتوقف بعد هزيمة حزيران حيث ظهرت ثلاثة أعمال مباغتة هي "أنت منذ اليوم" لتيسير السبول و"الكابوس" لأمين شنار و"أوراق عاقر" لسالم النحاس تعتبر كاملة وذات منهجية موحدة في تحليل أسباب الهزيمة وتغييب الإنسان العربي عن كونه مشاركا بقضاياه المصيرية والديمقراطية والحريات ونظم الحكم العسكرية. وتحدث الروائي جمال ناجي عن ملمحين رئيسيين في الرواية الأردنية، تاريخي بظهور روايات تستحضر التاريخ تؤسطره وتسقط الواقع عليه والثاني معاصر فككك أصحابه بنى الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي وحاوروها وربطوها بالتطورات العالمية. الروائية ليلى الأطرش تساءلت عن إسهام الرواية العربية في تشكيل العقل الجمعي أو تغيير الموروث الفكري والمفاهيم السائدة وقالت إن الروايات العربية تأثرت بنظريات الرواية العالمية الاشتراكية والرأسمالية وما زالت المناهج التجريبية الحديثة تؤطر معظم الأعمال العربية شكلا ومضمونا. وقال الناقد والأكاديمي الدكتور محمد قواسمه إن روايات فائزة بجوائز محلية وعربية ضعيفة البناء وضحلة فيما تطرحه من أيديولوجيا، وقد فهم بعض الكتاب أن من الكافي قص حكاية طويلة أو مجموعة صور سردية أو خطابات صحفية وأدبية وتاريخية وربما تورط نقاد أكاديميون بالترويج لها بوصفها فتحا. أما الناقد والدكتور نبيل حداد فيرى أن المشهد الثقافي يطرح معطيات عديدة فقد بات بوسعنا القول بوجود رواية أردنية ذات شخصية فنية محددة بفضل نتاجات تبدأ بغالب هلسا مرورا بجيل القامات العالية وانتهاء بكوكبة جيل الواعدين. ونظم في الملتقى مائدة مستديرة عن تجربة الروائي السوداني الراحل الطيب الصالح وجهوده الريادية في الرواية العربية اضافة الى جلسات عمل حول عناصر اللغة والزمن والمكان كمفردات رئيسية في الكتابة الروائية . يذكر أن مئوية عمان ستنظم خلال العام الحالي مجموعة من الملتقيات الإبداعية في حقول متنوعة تتضمن الشعر والقصة القصيرة والنقد الأدبي والرواية إلى جانب مؤتمر توثيقي حول مدينة عمان يغطي جوانب الحياة العمانية التاريخية والجغرافية والبشرية والاقتصادية. ونظمت أمانة عمان في اليوم الرابع رحلة سياحية للروائيين إلى العقبة والبحر الميت ووادي رم والبتراء التي صارت من عجائب الدنيا السبع الجديدة.