أوضح صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أن المملكة العربية السعودية أصبحت أكبر شريك تجاري للمملكة المتحدة في الشرق الاوسط إذ تنامى حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال السنوات الأخيرة ليبلغ ضعف ما كان عليه في بداية هذا العقد . ولفت سموه النظر إلى أن السلع غير البترولية أخذت مكان الريادة بحلول عام 2006م وبحصة تقارب 60 في المئة من إجمالي صادارات المملكة العربية السعودية إلى المملكة المتحدة بدلاً من البترول الذي كان يستأثر بقرابة 75 في المئة من تلك الصادرات في عام 1984م . جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها سمو وزير الخارجية اليوم في افتتاح اللقاء الدوري الرابع للمنتدى السعودي البريطاني "حوار المملكتين " الذي يعقد في قصر المؤتمرات بالرياض بحضور معالي وزير الخارجية البريطاني ديفيد مليباند . وعلى الصعيد الاستثماري عد سمو وزير الخارجية المملكة المتحدة شريكاً استثمارياً رئيسياً للمملكة العربية السعودية . وقال إن هناك أكثر من 150 مشروعا مشتركا سعوديا بريطانيا وبقيمة إجمالية تتجاوز 55 مليار ريال وإن ما نشده من مشاركة واسعة لرجال الأعمال البريطانيين في هذا المنتدى يبشر بأن هذا التقدم سيستمر مستقبلاً . ونوه سموه بالتطور الملحوظ الذي شهدته العلاقات الثنائية بين المملكتين في الجانب الثقافي والتعليمي ومن دلالاته الارتفاع الكبير في أعداد الطلاب والطالبات السعوديين الذين يدرسون في الجامعات البريطانية حيث تزايدت أعدادهم بنسبة تتعدى 700 في المئة عما كانوا عليه في عام 2000م لتصل إلى 15 ألف طالب وطالبة . وحيا سموه النخبة المشاركة في اللقاء من ممثلي البلدين مشيداً بالخطوات الإيجابية التي حققها هذا المنتدى خلال فترة زمنية قصيرة من نشوئه والذي يهدف إلى ترسيخ العلاقات بين البلدين خاصة على مستوى القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني . ونوه سموه باللقاءات المتواصلة بين شباب البلدين التي أتاحت لهم فرصة جيدة للتعارف والتحاور وتبادل الرؤى والأفكار في ظل ما يجمع بينهم من مشترك إنساني وما يراودهم من طموحات وتطلعات لبناء مستقبل أفضل لعالم يسوده الأمن والاستقرار ويعمه الرفاه والازدهار. وعبر سمو الأمير سعود الفيصل عن الأمل في أن يستكمل هذا اللقاء ما جرى طرحه وتناوله في اللقاءات السابقة بشأن مختلف مجالات التعاون الاقتصادية والتجارية والثقافية بغية وضعها في المسار الذي يضمن لها النمو المضطرد وخدمة مصالح البلدين الصديقين , كما يتيح هذا اللقاء فرصة مناسبة لتبادل وجهات النظر حول القضايا السياسية الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك . ولفت سموه الأذهان إلى ما يربط بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة من علاقات تاريخية ومصالح مشتركة والتي يجسدها اليوم ما تشهده علاقات البلدين من تقدم ونماء في مختلف الحقول والمجالات . وقال سموه إن الضمانة الحقيقية لمتانة العلاقات بين المملكتين تتمثل في المشاركة الفاعلة لشباب البلدين الذين يرسمون المستقبل بخطواتهم الواثقة وانفتاحهم المتبادل , وفي هذا السياق أتطلع إلى ما سنشهده اليوم بشأن تدشين برنامج تدريب الشباب ويحدوني الأمل في أن يسهم هذا البرنامج في تهيئة الشباب السعودي والبريطاني نحو تعاون مستقبلي تكون قاعدته ومنطلقه القطاع الخاص . وتطرق سموه إلى قمة مجموعة العشرين التي عقدت يوم الخميس الماضي في العاصمة البريطانية لندن والتي تناولت سبل الخروج من الأزمة المالية الحادة التي عصفت بالعالم أجمع .واشاد سمو وزير الخارجية بالجهود الموفقة لصاحبة الجلالة الملكة اليزابيث الثانية ودولة رئيس الوزراء البريطاني والحكومة البريطانية في التهيئة والإعداد والتنظيم الناجح لهذه القمة . وقال سموه قد يكون من الصعب حاليا التنبؤ بحجم تأثيرات القرارات التي صدرت عن هذه القمة ولكن حجم برنامج التحفيز غير المسبوق الذي تم إعداده وما قررته القمة من إنشاء مجلس للاستقرار المالي العالمي يعطيان مؤشرات واضحة نحو استعادة الثقة وتحفيز النمو وإصلاح النظام المالي الدولي في سبيل تحقيق الاستقرار والازدهار والتنمية التي تنشدها بلداننا جميعاً . وأضاف سمو الأمير سعود الفيصل إننا نعتبر أن التزام المملكة العربية السعودية بالاستمرار في تمويل وتنفيذ برنامجها التنموي الوطني الطموح يشكل إسهاماً مؤثراً منها في تحفيز الاقتصاد العالمي ولا شك في أن الشركات البريطانية مدعومة لانتهاز ما يوفره هذا البرنامج الضخم من فرص كما أن المملكة العربية السعودية تدرس الخيارات المتاحة للمساهمة في برامج إصلاح الاقتصاد العالمي . وعبر سموه عن تطلع المملكة إلى العرض الذي سوف يقدم لاحقاً حول التوصيات والمقترحات التي توصلت لها ورشة العمل التي عقدت بالأمس ضمن فعاليات اللقاء حول سبل تجاوز التأثيرات السلبية للأزمة المالية . ودعا سموه في هذا السياق مجلس رجال الأعمال المشترك السعودي البريطاني إلى تكثيف جهوده للتعريف بالفرص المتاحة لدى الجانبين . وانتقل سمو وزير الخارجية إلى الحديث عن ما يشهده العالم من صراعات وأزمات وتوترات دولية تشكل في انعكاساتها ونتائجها مصدر تهديد مستمر للأمن والسلم الدوليين كما أنها تعيق تحقيق النمو والرفاه . وقال سموه إن النزاع العربي الإسرائيلي الذي طال أمده يحتل الصدارة في قائمة المشكلات العالمية نتيجة لعدم تمكن المجتمع الدولي حتى الآن من التحرك الجاد لوضع حل لهذا النزاع يكفل الاستجابة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ويضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة. واضاف سموه من الواضح أن إسرائيل التي أحبطت حتى الآن جميع جهود السلام والتي تفصح حكومتها الجديدة عن توجهات سلبية خطيرة لن تقوم بتغيير موقفها تلقائياً مما يتطلب موقفاً دولياً حازماً وصلباً خاصة من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية لحمل إسرائيل على تغيير سياساتها التي تتعارض مع الشرعية الدولية ومتطلبات تحقيق السلام . ومضى سموه يقول إن الفشل في وضع نهاية لهذا الصراع المزمن كان وراء بروز العديد من الظواهر الخطيرة التي تفشت في أنحاء كثيرة من العالم مثل الإرهاب والعنف والتطرف . وعبر سموه عن تطلعه إلى اغتنام فرصة انعاقد هذا المنتدى لتبادل الرأي والمشورة مع معالي وزير الخارجية البريطاني لبحث هذا الموضوع بالغ الأهمية وغيره من المواضيع السياسية التي تهم البلدين . وفي ختام كلمته أشاد سمو وزير الخارجية بجميع الجهود المخلصة التي بذلت لإنجاح هذا المنتدى في دورته الحالية ودوراته السابقة منوهاً بشكل خاص بالدور الريادي الذي قام به كل من صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل والبارونة / سايمونز لتحويل هذا المنتدى من مجرد فكرة إلى واقع فعلي وبالدور المقدر الذي يقوم به كل من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الممكلة المتحدة وإيرلندا والسفير البريطاني لدى المملكة لاستمرار نجاح هذا المنتدى دورة بعد أخرى متمنياً لجميع المشاركين كل النجاح والتوفيق .